حُكمُ قراءةِ المعوّذتين في فرائضِ الصلاة
قال لى احد من النواصب انه جاء فى كتاب فقه الرضا عليه السلام فى صفحه113 [وأن (المعوذتين) من الرقية، (((ليستا من القرآن دخلوها في القرآن )) و قيل: أن جبرئيل عليه السلام علمها رسول الله صلى الله عليه وآله. فإن أردت قراءة بعض هذه السور الأربع فاقرأ (والضحى) و (ألم نشرح) ولا تفصل بينهما وكذلك (ألم تر كيف) و (لايلاف). وأما ( المعوذتان) فلا تقرأهما في الفرائض، ولا بأس في النوافل] وايضا جاء فى كتاب منهج الصالحين للسيد محمد الصدر فى المجلد الاول صفحه (196) فى مسألة (814) يقول الاحوط وجوبا ترك المعوذتين فى الصلاة فما جوابكم على هذا؟؟ بارك الله فيكم
السلامُ عليكُم ورحمةُ الله،إنّ هذه المسألةَ درسَها علماؤنا الأعلامُ بإسهابٍ بعدَ جمعِ طرقِ الأحاديثِ المرويّةِ عن أهلِ بيتِ العصمة (عليهم السلام) في هذا الصّدد، فانتهوا إلى نتائجَ واضحةٍ، ومِن أفضلِ مَن بيّنَ ذلكَ المُحقّقُ البحرانيّ في كتابِه (الحدائقُ الناضرة)، (ج ٨/ص320)، إذ قالَ: أجمعَ علماؤنا وأكثرُ العامّةِ على أنَّ المعوّذتينِ منَ القرآنِ العزيز، وأنّه يجوزُ القراءةُ بهما في الصلاةِ المفروضة ، وروى منصورٌ بنُ حازم قالَ " أمرني أبو عبدِ الله ( عليهِ السلام ) أن أقرأ المعوّذتين في المكتوبة " وعن صفوانَ الجمّال في الصحيحِ قال : " صلّى بنا أبو عبدِ الله ( عليهِ السلام ) المغربَ فقرأ بالمعوّذتين ، ثمّ قالَ هُما منَ القرآن " وعن صابرٍ مولى بسّام قالَ " أمّنا أبو عبدِ الله ( عليهِ السلام ) في صلاةِ المغرب فقرأ المعوّذتينِ ثمّ قال : هُما منَ القرآن " . قالَ في الذكرى : ونقلَ عن ابنِ مسعود أنّهما ليستا منَ القرآن وإنّما أنزلتا لتعويذِ الحسنِ والحُسين ( عليهما السلام )، وخلافُه انقرضَ واستقرَّ الإجماعُ الآنَ منَ العامّةِ والخاصّة على ذلك. انتهى . أقولُ : روى الحُسينُ بنُ بسطام في كتابِ طبِّ الأئمّةِ عن أبي عبدِ الله ( عليهِ السلام ) أنّه سُئلَ عن المعوّذتين أهما منَ القرآنِ؟ قالَ ( عليهِ السلام ) هُما منَ القرآن . فقالَ الرّجلُ أنّهما ليستا منَ القرآن في قراءةِ ابنِ مسعود ولا في مِصحفه ؟ فقالَ ( عليهِ السلام ) أخطأ ابنُ مسعود أو قالَ كذبَ ابنُ مسعود؛ هُما منَ القرآن . قالَ الرّجل أفأقرأ بهما في المكتوبةِ ؟ قالَ نعم " . وروى عليٌّ بنُ إبراهيم في تفسيرِه بسندِه عن أبي بكرٍ الحضرمي قالَ : قلتُ لأبي جعفرٍ (عليهِ السلام ) إنَّ ابنَ مسعود كانَ يمحو المعوّذتينِ منَ المصحف؟ فقالَ كانَ أبي يقولُ إنّما فعلَ ذلكَ ابنُ مسعود برأيه وهُما منَ القرآن . وهذهِ الأخبارُ كما ترى مُتّفقةُ الدلالةِ على ما عليهِ الأصحاب، إلّا أنَّ كلامَه ( عليهِ السلام ) في كتابِ الفقهِ الرضوي صريحُ الدلالةِ في ما نُقلَ عن ابنِ مسعود حيثُ قال ( عليهِ السلام ): وإنَّ المعوّذتينِ منَ الرقيةِ ليستا منَ القرآنِ أدخلوهما في القرآن ، وقيلَ إنَّ جبرئيلَ (عليهِ السلام) علّمهما رسولَ الله ( صلّى اللهُ عليهِ وآله )، إلى أن قالَ أيضاً : وأمّا المعوذتين فلا تقرأهما في الفرائضِ ولا بأسَ في النوافلِ. انتهى . والأقربُ حملهُ على التقيّة. فإذا تبيّنَ ذلك، فاعلَم أنّ كتابَ الفقهِ الرضويّ محلُّ خلافٍ بينَ أصحابِنا، كما بيّنَ ذلكَ غيرُ واحدٍ منَ المُحقّقين، كالمُحقّقِ آيةِ الله الشيخِ مُسلم الداوريّ في كتابه (أصولُ علمِ الرّجال بينَ النظريّةِ والتطبيق)، (ج2/ص81-92)، إذ بيّنَ أنَّ أكثرَ أصحابِنا على عدمِ الاعتدادِ بهذا الكتابِ واعتبارِه، في حينِ ذهبَ بعضُهم إلى اعتبارِه ، فلذا مَن اعتمدَ على كتابِ الفقهِ الرضويّ ستصبحُ الأحاديثُ عندَه في خصوصِ قراءةِ المعوّذتينِ مُتعارضةً، إذ بعضُ الرواياتِ المُتقدّمةِ تقولُ إنّ المعوّذتينِ منَ القرآنِ ويجوزُ قراءتُهما في فرائضِ الصلاة، وبعضُها الآخرُ يقولُ إنّ المعوّذتينِ ليستا منَ القرآنِ فلا يقرآنِ في فرائضِ الصلاة، ومُقتضى قواعدِ الأصولِ بينَ الرواياتِ المُتعارضةِ في هذا البابِ هوَ القولُ بالاحتياطِ الوجوبيّ في تركِ قراءةِ المعوّذتينِ في فرائضِ الصّلاة، فيقرآنِ فقط في النوافلِ، وأمّا مَن لم يعتمِد على كتابِ الفقهِ الرّضويّ فليسَ لديهِ تعارضٌ في الرواياتِ، فلذا تكونُ فتواهُ صريحةً في جوازِ قراءةِ المعوّذتينِ في فرائضِ الصلاةِ ونوافلِها. ومِن هُنا يجبُ على كلِّ مكلّفٍ في هذه المسألةِ الرجوعُ إلى المجتهدِ الذي يقلّدُه في تطبيقِ الأحكامِ الشرعيّةِ كما هو الحالُ في غيرِها منَ المسائلِ التي اختلفَ فيها علماؤنا الأعلامُ ومراجعُنا العظام. ودمتُم سالِمين.
اترك تعليق