ماتفسير الاية من سوره المائده ( ان كنُتُ قُلتُهُ فَقَد عَلمتَهُ تَعلَمُ مَا في نَفسِى وُلَآ أعلَمُ مَافي نَفسِىكَ إِِنَكَ أَنتَ عَلٰمُ اٌلغُيُوبِ)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ماتفسير الايه من سورة المائدة ( ان كنُتُ قُلتُهُ فَقَد عَلمتَهُ تَعلَمُ مَا في نَفسِى وُلَآ أعلَمُ مَافي نَفسِىكَ إِِنَكَ أَنتَ عَلٰمُ اٌلغُيُوبِ) مالمقصود مافي نفسك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : ما يتعلّقُ بالمُرادِ بقولِه تعالى: (وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ) الواردِ ضمنَ الآياتِ الأخيرةِ مِن سورةِ المائدةِ مِن قولِه تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَق إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [المائدة: 116]. فإنَّ علماءَ التفسيرِ بيّنوا أنَّ ذكرَ النفسِ في هذهِ الآيةِ هيَ مِن بابِ المُشاكلةِ في الكلامِ المعروفِ في لسانِ العربِ شِعراً ونثراً، وقد بيّنَه علماءُ البلاغةِ في بابِ البديعِ في مبحثِ المُحسّناتِ المعنويّةِ، إذْ ذكروا هناكَ أنَّ المُرادَ بالمُشاكلةِ: هيَ ذكرُ الشيءِ بلفظِ غيرِه لوقوعِه في صُحبتِه تحقيقاً أو تقديراً، فمثّلوا للمُشاكلةِ تحقيقاً بهذهِ الآية (تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ)، ومثّلوا للمُشاكلةِ تقديراً بقولِه تعالى: (صبغةَ الله). [ينظر: شرحُ مُختصرِ المعاني للتفتازانيّ ، بابُ البديعِ (ص144)]. وهاكَ مثالاً يوضّحُ معنى المُشاكلة، في قولِه تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَة سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى : 40]، فاللهُ سبحانَه وتعالى في هذهِ الآيةِ سمّى العقوبةَ سيّئةً، لتُشاكلَ (سيّئةَ) الأولى، معَ العلمِ أنّ جزاءَ السيّئةِ لا يُسمّى سيّئة، ولكنْ حينَ ذُكرَت كلمةُ السيّئةِ أوّلاً، ذُكرَت كلمةُ السيّئةِ ثانياً مِن بابِ المُشاكلة. ومثلهُ قولهُ تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة : 194]. ألا ترى أنَّ ردَّ الاعتداءِ لا يُسمّى اعتداءً، ولكنّ المُشاكلةَ هيَ التي جعلَت جزاءَ الاعتداءِ اعتداءً مثلَه. وغيرها منَ الآياتِ التي هيَ على هذا المنوال. ثمَّ إنَّ عُلماءَ التفسيرِ كانوا مُلتفتينَ إلى ذلكَ أي كانوا يعرفونَ أنّ اللهَ مُنزّهٌ عن أن يكونَ له نفسٌ، أو قلبٌ تحلُّ فيه المعاني. ولذا ذهبَ العلّامةُ الطبرسيّ في تفسيرِه (مجمعُ البيان، ج3/ص ٤٦٠)، حينَ عرضَ لقولِه تعالى: (ما في نفسِك )، أنَّ هذا القولَ على جهةِ المُقابلة، وإلّا فاللهُ مُنزّهٌ عن أن يكونَ له نفسٌ، أو قلبٌ، تحلُّ فيهِ المعاني، ويقوّي هذا التأويلَ قوله تعالى ( إنّكَ أنتَ علّامُ الغيوب ) لأنّهُ علّلَ علمَه بما في نفسِ عيسى ، بأنّه علّامُ الغيوب ، وعيسى ليسَ كذلك ، فلذلكَ لم يعلَم ما يختصُّ اللهُ بعلمِه. وصرّحَ الميرزا المشهديّ في تفسيرِه (كنزُ الدقائق ج4/ص244) بأنّ قولَه تعالى: (ما في نفسِك) للمُشاكلةِ. ودمتُم سالِمين.
اترك تعليق