هل عندنا دليل قرآني على جواز التوسل بالأئمة (ع) ؟
الجوابُ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الوسيلةُ ذُكرَت في القرآنِ الكريم من مَوضعين:
الأوّلُ: الحثُّ على طلبِ التقرّبِ إلى اللهِ تعالى بـ"الوسيلة" كما في قولِه تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) [سورة المائدة آية35]. قالَه ابنُ عبّاس، وعطاء، ومُجاهد، والفرّاء (1).
والثاني: الثناءُ على الذينَ يتقرّبونَ إليه تعالى بـ"الوسيلة" كما في قولِه تعالى: (أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُم أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ) [سورةُ الإسراء الآية:57].
وقد اتّفقَ المُسلمونَ كافّةً على جوازِ التوسّلِ بالنبيّ الأعظمِ كما في قولِه تعالى: (وَلَو أَنَّهُم إِذ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُم جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا) [سورةُ النساء: آية 64].
والوسيلةُ في الآيتينِ عامّةٌ وقد حكى السبكيُّ الإجماعَ على جوازِ التوسّلِ بذواتِ الأنبياءِ والصالحين في حياتِهم حضوراً أو غائبين، وبعدَ مماتِهم وقد شذَّ ابنُ تيمية فزعمَ أنَّ التوسّلَ بالأنبياءِ في حياتهم!
قالَ السبكي: لم يُنكِر أحدٌ ذلكَ مِن أهلِ الأديان، ولا سمعَ به في زمنٍ منَ الأزمان، حتّى جاءَ ابنُ تيمية فتكلّمَ في ذلكَ بكلامٍ يلبّسُ فيه على الضّعفاءِ الأغمار، وابتدعَ ما لم يسبِق إليه في سائرِ الأعصار (2) .
وسنامُ الصالحينَ الأبرار هُم الأئمّةُ الأطهار مِن أهلِ بيتِ النبوّة وليسَ هناكَ ما يُخصّصُ (الْوَسِيلَةَ) في الآيتينِ الكريمتين فالأمرُ فيهما عامٌّ يشملُ جميعَ الوسائلِ المُقرّبةِ إلى اللهِ تعالى وقد جاءَ في بعضِ المأثورِ عنهم عليهم السلام في تفسيرِ قولِه تعالىٰ : ( وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ) أنَّ الإمامَ هوَ الوسيلةُ إلى الله تعالى فقالَ أميرُ المؤمنين ع: فابتغوا إليهِ الوسيلةَ ، أنا وسيلته (٣).
في خُطبةِ الزهراء عليها السلام : . . . فاحمدوا اللهَ الذي بعظمتِه ونورِه ابتغى مَن في السماواتِ ومَن في الأرض إليهِ الوسيلةَ ، فنحنُ وسيلتُه في خلقِه ، ونحنُ آلُ رسوله . . .(4).
وفي تفسيرِ قوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وللهِ الأسماءُ الحُسنى فادعوه بها﴾ [الأعراف: 180].
روى العيّاشي في تفسيرِه عن محمّدٍ بنِ أبي زيدٍ الرازي عمَّن ذكرَه ، عن الرّضا عليهِ السلام قالَ : إذا نزلَت بكُم شدّةٌ فاستعينوا بنا على الله ، وهوَ قولُ الله " وللهِ الأسماءُ الحُسنى فادعوه بها "
قالَ: قالَ أبو عبدِ الله عليهِ السلام: نحنُ واللهِ الأسماءُ الحُسنى الذي لا يقبلُ مِن أحدٍ إلّا بمعرفتنا ، قالَ : فادعوه بها (5).
قالَ الرّضا عليه السلام : إذا نزلَت بكم شديدةٌ فاستعينوا بنا على اللهِ عزّ وجل وهوَ قولُه عزَّ وجل: وللهِ الأسماءُ الحُسنى فادعوهُ بها (6).
اترك تعليق