ما أسرار آل محمّد (ع) التي يجب على المؤمن كتمانها؟
سؤال: ماهي الأسرار الواجب كتمانها الواردة عن آل محمّد (عليهم السلام)؟ أهي فضائلهم؟ أم علومهم، أم غير ذلك؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
وردت أحاديث كثيرة عن آل محمّد (عليهم السلام) تؤكّد ضرورة كتمان سرّهم، وعدم إفشائه، وصيانته عن غير أهله، بل ورد من الأحاديث ما يجعل خطورة من أذاع سرّهم أشدُّ من نصب لهم العداء، فمنها: ما ورد عن الإمام الصادق (ع): «اللّه بيننا وبين من هتك سترنا، وجحدنا حقّنا، وأفشى سرّنا، ونسبنا إلى غير جدّنا، وقال فينا ما لم نقله في أنفسنا»، [شرح أصول الكافي، للمازندرانيّ ج6 ص292]، وعنه (عليه السلام) أيضاً: «المذيع حديثنا كالجاحد حقنا»، [بحار الانوار ج72 ص85]، بل ورد عنه أيضاً: «من أفشى سرّنا أهل البيت أذاقه الله حر الحديد»، [المصدر نفسه، ج75، ص412]، وغيرها من الأحاديث المستفيضة بحرمة إفشاء سرّهم، إذ يكون ضرره على المذهب أقسى، كما حصل مع المعلّى بن خنيس عندما أذاع سرّهم الى غير أهله.
والسرّ هو ما كان بين اثنين، كما ورد عن أمير المؤمنين (ع): «من كتم سرّه كانت الخيرة بيده، وكلّ حديث جاوز اثنين فشا»، [المصدر نفسه، ج72 ص68]، فلا بدّ أن يكون المؤمن محافظاً على ما وصل إليه من الأسرار، كما ورد عن الأمير (ع): «إنّ بعدي فتناً مظلمة عمياء متشكّكة، لا يبقى فيها إلّا النومة، قيل: وما النومة يا أمير المؤمنين؟ قال (ع): الذي لا يدري الناس ما في نفسه»، [بحار الأنوار ج٧٢ ص٧۰]، فالسرّ هو عدم إذاعة ما ينكره الناس كما ورد عن أمير المؤمنين (ع): «أتحبّون أن يُكذّب الله ورسوله؟ حدّثوا الناس بما يعرفون، وامسكوا ما ينكرون»، [ميزان الحكمة الريشهريّ ج3 ص351]، وهكذا جاء في وصيّة الأمير (ع) لكميل: «يا كميل، إذاعة سرّ آل محمّد (عليهم السلام)، لا يقبل الله تعالى منها، ولا يحتمل أحد عليها، يا كميل وما قالوه لك مطلقا فلا تعلّمه إلّا مؤمناً موفّقاً، يا كميل، لا تعلّموا الكافرين من أخبارنا فيزيدوا عليها، فيبدؤوكم بها يوم يعاقبون عليها»، [مستدرك الوسائل ج12 ص313]، فكتمان سرّهم يكون بصيانته عن غير أهله.
وعليه نقول:
أوّلاً: بعض هذه الأحاديث وردت في ظروف التقيّة، كما يفهم من القرائن المحيطة ببعض الأخبار.
ثانياً: لو كانت الإذاعة مجرّد القول، لوقع معظم محدّثينا بالحرمة؛ لأنَّهم كتبوا تلكم الأحاديث وأوصلوها إلينا، وبالتالي ستكون كتاباتهم إفشاءً للسرّ، وليس هذا المقصود.
ثالثاً: الأسرار هي ما تكون ذات وقع أشدّ على آل محمّد (عليهم السلام) عند عدم إدراك مقاماتهم، وبالتالي تلكم المقامات تكون متفاوتة الإدراك لدى المؤمنين، كما ورد: «حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين»، [بحار الانوار ج25 ص205]، وهذا المعنى يوضّح أنَّ السرّ المقصود هو معاني رواياتهم ألّا تُعطى لغير مريديها.
رابعاً: بعض الأسرار المقصودة تكون في لحن الكلام، كما ورد: «إنّا لا نعدُّ الفقيه منكم فقيهاً حتّى نلحن له فيفهم معاريض كلامنا»، [معاني الأخبار ص2]، بمعنى أنّ شيعتهم أعزّهم الله يدركون بعض المقامات من خلال تلكم الأحاديث، فلا ينبغي إذاعتها إلّا لمستحقّيها.
خامساً: قد تكون بعض الأسرار هي إفشاء وتوضيح للجانب الأمنيّ لبعض الشخصيّات، وبالتالي البوح بها يكون خلاف ما خطّط له الأئمّة (عليهم السلام)، كما في أسرار الإمامة عموماً ومسألة القضيّة المهدويّة خصوصاً، وما فيها من معلومات حول ما يحصل من حوادث في آخر الزمان.
ونكتفي بهذا القدر، والحمد لله ربّ العالمين.
اترك تعليق