ماهو المذهب الشيعي؟

الجواب :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : 

هوَ المذهبُ الذي اختصَّ بأتباعِ عليٍّ بنِ أبي طالب عليهِ السلام وأهلِ البيتِ الكِرام عليهم السلام تِبعاً للأدلّةِ.

ومعناهُ لغةً مأخوذٌ منَ المُشايعةِ والمُتابعةِ والمُطاوعة.

والشيعةُ تعني الفرقةَ منَ الناسِ والمجموعة.

قالَ تعالى: (ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ )) (مريم:69) أي مِن كلِّ فرقة . 

وقالَ تعالى : (( وَلَقَد أَرسَلنَا مِن قَبلِكَ فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ )) (الحجر:10) أي فِرقَهم وطوائفَهم

قالَ ابنُ الأثير: (وأصلُ الشِّيعة الفِرقةُ من النَّاس وتقَعُ على الواحِدِ والاثنينِ والجمعِ والمُذَكَّرِ والمؤنَّثِ بلفظٍ واحدٍ ومعنىً واحد . وقد غَلَبَ هذا الاسمُ على كُلِّ مَن يَزعُمُ أنّه يَتوَلَّى عليّاً رضيَ اللّهُ عنه وأهلَ بيتِه حتّى صارَ لهُم اسماً خاصّاً فإذا قيلَ فلانٌ منَ الشِّيعةِ عُرفَ أنّه مِنهم وفي مَذهبِ الشِّيعة كذا : أي عِندَهم . وتُجمعُ الشِّيعةُ على شِيَع . وأصلُها منَ المُشاَيعةِ وهيَ المُتاَبعةُ والمُطاَوعة). النهايةُ في غريبِ الحديثِ والأثرِ (2/ 1269) 

وقالَ الشهرستاني: ((الشيعةُ هُم الذينَ شايعوا عليّاً عليهِ السلام على الخصوصِ وقالوا بإمامتِه وخلافتِه نصّاً ووصيّتِة، إمّا جليّاً وإمّا خفيّاً، واعتقدوا أنَّ الإمامةَ لا تخرجُ مِن أولادِه، وإن خرجَت فبُظلمٍ يكونُ مِن غيرِه أو تقيّةٍ مِن عندِه ، وقالوا : ليسَت الإمامةُ قضيّةً مصلحيّةً تُناطُ باختيارِ العامّة، وينتصبُ الإمامُ بنصبِهم ، بل هيَ قضيّةٌ أصوليّةٌ ، وهيَ ركنُ الدينِ لا يجوزُ للرّسلِ إغفالهُ وإهمالهُ ، ولا تفويضُه إلى العامّةِ وإرساله)). (المللُ والنحلُ للشهرستاني 1: 146).

أقولُ: إنَّ لفظةَ الشيعةِ مُختصّةٌ بمَن اعتقدَ بإمامةِ أئمّةِ الهُدى عليهم السلام أوّلُهم أميرُ الموحّدينَ عليهِ السلام وآخرُهم الحُجّةُ ابنُ الحسنِ عليهِ السلام.

وإن صدقَ تجوّزاً إطلاقُ لفظةِ الشيعيّ على غيرِ مَن ذكرت، كالزيديّةِ والفطحيّةِ والاسماعيليّةِ وغيرِهم منَ الواقفة.

قالَ الشيخُ المُفيد رحمَه الله: واتّفقَت الإماميّةُ على أنَّ النبيَّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) نصَّ على إمامةِ الحسنِ والحُسين بعدَ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام) وأنَّ أميرَ المؤمنينَ (عليهِ السلام) أيضاً نصَّ عليهما كما نصَّ الرسولُ (صلّى اللهُ عليهِ وآله)، ... واتّفقَت الإماميّةُ على أنَّ رسولَ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) نصَّ على عليٍّ بنِ الحُسين وأنَّ أباهُ وجدَّه نصَّا عليه كما نصَّ عليهِ الرسولُ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) وأنّه كانَ بذلكَ إماماً للمؤمنين .

ثمَّ قالَ رحمَه الله: اتّفقَت الإماميّةُ على أنَّ الأئمّةَ بعدَ الرسولِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) اِثنا عشرَ إماماً، وخالفَهم في ذلكَ كلُّ مَن عداهُم مِن أهلِ المِلّةِ وحُججُهم على ذلكَ خلافُ الجمهورِ ظاهرةٌ مِن جهةِ القياسِ العَقلي والسمعِ المرضيّ والبرهانِ الجلي الذي يُفضي التمسّكُ به إلى اليقين. (أوائلُ المقالات 40 ـ 41).

وأخرجَ ابنُ عساكر عن جابرٍ بنِ عبدِ الله قالَ : « كُنّا عندَ النبيّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم فأقبلَ عليٌّ فقالَ النبي صلّى اللهُ عليهِ وسلّم : » والذي نفسي بيدِه إنَّ هذا وشيعتَه لهُم الفائزونَ يومَ القيامة ، ونزلَت { إنَّ الذينَ آمنوا وعمِلوا الصالحاتِ أولئكَ هُم خيرُ البريّة }. الدرُّ المَنثور (10/ 319)

وقالَ الطبري: حدّثنا ابنُ حميد، قالَ: ثنا عيسى بنُ فرقد، عن أبي الجارود، عن محمّدٍ بنِ عليّ ( أُولَئِكَ هُم خَيرُ البَرِيَّةِ ) فقالَ النبيُّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم: "أنتَ يا عَلي وَشِيعَتُكَ". تفسيرُ الطبري (24/ 542)

وفي الصواعقِ: قَوله تَعَالَى {إِنَّ الَّذينَ آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُم خيرُ البَريَّة} . (البَيِّنَة 7).

أخرجَ الحَافِظُ جمالُ الدّينِ الزرندي عَن ابنِ عَبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ لمّا نزلَت قَالَ النَّبِيُّ صلّى اللهُ عَلَيهِ وَسلّم لعَليٍّ (هُوَ أَنتَ وشيعتُك تَأتي أَنت وشيعتك يَوم القِيَامَة راضين مرضيين وَيَأتِي عَدوك غضابا مقمحين) قَالَ وَمَن عدوّي قَالَ (مَن تَبرّأَ مِنك ولعنَك). الصواعقُ المُحرقةُ على أهلِ الرّفضِ والضلالِ والزّندقة –ابنُ حجرٍ الهيثمي (2/ 467)

وروى الصّدوقُ رحمَه اللهُ عَن أميرِ المؤمنينَ عليهِ السلام يحدّثُ عن رسولِ الله صلّى اللهُ عليهِ وآلِه أنّه قال:

ومَن خرجَ منَ الدّنيا لا يشركُ باللهِ شيئاً دخلَ الجنّة، ثمَّ تلا هذهِ الآيةَ (إنَّ اللهَ لا يغفرُ أن يُشركَ به ويغفرُ ما دونَ ذلكَ لمَن يشاء) مِن شيعتِك ومُحبّيكَ يا عليّ، قالَ أميرُ المؤمنينَ عليهِ السلام: فقلتُ: يا رسولَ الله هذا لشيعتي؟ قالَ: إي وربّي إنّه لشيعتِك وإنّهم ليخرجونَ يومَ القيامةِ مِن قبورِهم وهُم يقولونَ لا إلهَ إلّا الله مُحمّد رسولُ الله، عليٌّ بنُ أبي طالب حُجّةُ اللهِ فيؤتونَ بحُللٍ خُضرٍ منَ الجنّةِ وأكاليلَ منَ الجنّةِ وتيجانٍ منَ الجنّةِ ونجايبَ منَ الجنّة، فيلبسُ كلُّ واحدٍ مِنهم حلّةً خضراء ويوضعُ على رأسِه تاجُ الملكِ وإكليلُ الكرامةِ ثمَّ يركبونَ النجايبَ فتطيرُ بهم إلى الجنّة (لا يُحزنُهم الفزعُ الأكبرُ وتتلقّاهُم الملائكةُ هذا يومُكم الذي كنتُم تُوعدون). مَن لا يحضرُه الفقيه - للشيخِ الصّدوق (4/ 412)              

ودمتُم في رعايةِ اللهِ تعالى وحِفظه.