وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ؟
ما معنى قوله تعالى: وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ؟
الجوابُ:
بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
ذكرَ مُفسّرو العامّةِ اختلافَ العُلماءِ في تأويلهِ على أقوال:
قيلَ: أريدَ أن تُقرنَ السّماواتُ والأرضُ بعضُها ببعضٍ فذلكَ عرضُ الجنّة، ولا يعلمُ طولها إلّا الله، وهذا قولُ الجمهور (1).
وقيلَ: الكلامُ جارٍ على طريقةِ العرب في تمثيلِ شدّةِ الاتّساع، وليسَ المُرادُ حقيقةَ عرضِ السّماواتِ والأرض أيّ المُبالغة، لأنّهما أوسعُ مخلوقاتِ اللهِ سُبحانَه فيما يعلَمُه عباده.
وقيلَ: هوَ عرضُها حقيقةً، وهيَ مخلوقةٌ الآن لكنّها أكبرُ منَ السّماواتِ وهيَ فوقَ السّماواتِ تحتَ العرش (2).
وأمّا مُفسّرونا قالَ الطبرسيّ: واختلفَ في معناه على أقوالٍ:
أحدُها: أنَّ المعنى عرضُها كعرضِ السّماواتِ السّبعِ والأرضينَ السّبع إذا ضُمَّ بعضُ ذلكَ إلى بعضٍ، عَن ابنِ عبّاس و الحسنِ و اختارَهُ الجبائيُّ و البلخيّ و إنّما ذُكرَ العرضُ بالعظمِ دونَ الطولِ لأنّهُ يدلُّ على أنَّ الطولَ أعظمُ منَ العرضِ و ليسَ كذلكَ لو ذُكرَ الطولُ دونَ العَرض و مثلُ الآيةِ قولهُ «ما خلقُكم و لا بعثُكم إلّا كنفسٍ واحدة» و معناهُ إلّا كخلقِ و بعثِ نفسٍ واحدة و قالَ الشاعر: كانَ عذيرُهم بجنوبِ سِلّى
نعامُ قاقٍ في بلدٍ قفارٍ أي عذيرُ نعام... (3).
والأقربُ للصّواب: أرادَ بالعرضِ السّعة، ولم يرِد العرضَ الذي يقابلُ الطولَ، وكما تقولُ العرب: بلادٌ عريضةٌ، أي: واسعة.
وقالَ النبيُّ صلّى اللهُ عليهِ وآله لعُثمان عندَما انهزمَ يومَ أحد: «لقد ذهَبتُم فيها عريضةً» (4).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- تفسيرُ القُرطبي ج4ص 204-205.
2- فتحُ القدير ج1ص 437- التحريرُ والتنوير ج4ص 89.
3- تفسيرُ مجمعِ البيان ج2ص٣٤٩.
4- المطالبُ العاليةُ بزوائدِ المسانيدِ الثمانية ج4ص٣٠٩.
اترك تعليق