"السلام عليكم ورحمة الله ما هو افضل وأشمل تفسير لعلماء شيعة آل البيت"

الجوابُ: 

منَ الصّعبِ وصفُ تفسيرٍ بعينِه على أنّهُ الأفضلُ والأشمل، والسببُ في ذلكَ هوَ اختلافُ التفاسيرِ باختلافِ المناهجِ والاتّجاهاتِ التفسيريّة، أو اختلافُها مِن جهةِ تأثّرِها بالميلِ الفكريّ والمعرفيّ للمُفسّر، مُضافاً لتباينِ التفاسيرِ مِن جهةِ الأسلوبِ والعَرض، وقد وفّرَ اختلافُ المدارسِ التفسيريّةِ مادّةً علميّةً واسعةً للمُهتمّينَ بعلومِ القرآنِ بمُختلفِ اتّجاهاتِهم الفكريّة، وعليهِ يجبُ أن لا يحصرَ الباحثُ نفسَه ضمنَ تفسيرٍ واحدٍ وإنّما ينفتحُ على جميعِ التفاسيرِ الموثوقةِ بحسبِ حاجتِه الفكريّةِ والعلميّة، فلا وجودَ لتفسيرٍ معصومٍ مِن بينِ تلكَ التفسيرات وإنّما جميعُها محاولةٌ للكشفِ عَن مُرادِ الآياتِ القُرآنيّة، وقد استعانَ المُفسّرونَ بمناهجَ مُتعدّدةٍ لتحقيقِ ذلكَ مثلَ تفسيرِ القرآنِ بالرّواياتِ أو تفسيرِ القرآنِ بالقرآن، أو التفسيرِ العقليّ والاجتهادي، كما تأثّرَت التفاسيرُ بالاتّجاهاتِ التفسيريّةِ طِبقاً لذوقِ المُفسّرِ وميولِه وثقافتِه، مثلَ التفسيرِ الكلامي، والتفسيرِ الفلسفيّ، والتفسيرِ الفِقهي، والتفسيرِ الاجتماعي، مُضافاً لتعدّدِ أساليبِ التفسيرِ وعرضِه بينَ التفسيرِ الترتيبيّ والتفسيرِ الموضوعي.

وقد صنّفَ العلّامةُ الطباطبائيُّ التدرّجَ التاريخيَّ لمُفسّري الشيعةِ ضمنَ ثلاثِ طبقات.

الطبقةُ الأولى: الّذينَ رووا التفسيرَ عَن النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) وأئمّةِ أهلِ البيت (عليهم السلام)، وأدرجوا الأحاديثَ في مؤلّفاتِهم المُتفرّقة، كزُرارةَ ومُحمّدِ بنِ مُسلِم وأشباهِهما.

الطبقةُ الثانية: وهُم أوائلُ المُؤلّفينَ في التفسير، كفُراتٍ بنِ إبراهيمَ الكوفي، وأبي حمزةَ الثمالي، والعيّاشي، وعليٍّ بنِ إبراهيمَ القُمّي، والنّعماني.

الطبقةُ الثالثة: أصحابُ العلومِ المُختلفة، كالشريفِ الرّضي في تفسيرِه الأدبي، والشيخِ الطوسي في تفسيرِه الكلاميّ المُسمّى بالتبيان، وصدرِ الدينِ الشيرازي في تفسيرِه الفلسفيّ ، والميبدي الكونابادي في تفسيرِه الصّوفي، والشيخِ عبدِ عليٍّ الحويزي، والسيّدِ هاشمٍ البحراني، والفيضِ الكاشاني في تفاسيرِهم نور الثقلين والبرهان والصافي. ومِنهم مَن جمعَ بينَ العلومِ المُختلفةِ في تفسيرِه كالشيخِ الطبرسي في تفسيرِه مجمعُ البيان.

ومعَ أنَّ تقسيمَ العلّامةِ الطباطبائيّ جاءَ على نحوِ الإجمال، إلّا أنّه أشارَ إلى مناهجِ التفسيرِ كسببٍ في تباينِ طبقاتِ المُفسّرين، فالطبقةُ الأولى والثانية تشتركانِ في مناهجِ التفسيرِ بالمأثور، في حينِ أنَّ الطبقةَ الثالثة هيَ التي شهدَت تحوّلاً كبيراً في المناهجِ التفسيريّة، حيثُ اعتمدَت التفاسيرُ على مناهجَ مُتعدّدةٍ واستعانَت بعلومٍ جديدةٍ مثلَ علمِ الكلامِ والفلسفةِ والتصوّفِ مُضافاً لتطوّرِ علومِ اللغةِ العربيّة، وإن كانَ مجمعُ البيانِ يُمثّلُ البداياتِ لهذا التوسّعِ المنهجيّ إلّا أنّه ما زالَ هوَ الحاكمَ على مُعظمِ التفاسيرِ المُعاصرة، وما نلاحظُه مِن تباينٍ بينَ تفاسيرِ هذهِ المرحلةِ يعودُ إلى توظيفِ المُفسّرِ لتلكَ المناهجِ واهتمامِ كلِّ واحدٍ بحقلٍ علميٍّ أكثرَ منَ الآخر، والعنصرُ المُشترَكُ بينَ جميعِ التفاسيرِ هوَ الالتزامُ بضوابطِ التفسير التي لا تُخرِجُ التفسيرَ عن ظواهرِ النصوصِ أو ما حكمَ بهِ العقلُ الفِطريُّ أو ما ثبتَ عن المعصومِ سواءٌ كانَ النبيُّ أو الأئمّةُ مِن أهلِ بيته، وتبقى هناكَ مساحةٌ واسعةٌ في الشرحِ والتبيينِ مِن مُفسّرٍ إلى آخر.

وسوفَ نختارُ للسّائلِ بعضَ التفاسيرِ التي تُمثّلُ المناهجَ التفسيريّةَ المُختلفة، فمنَ التفاسيرِ الروائيّةِ تفسيرُ القُمّيّ لعليٍّ بنِ إبراهيمَ القُمّيّ وقد كانَ مُعاصِراً للإمامِ العسكري (عليهِ السلام)، وكتابُ تفسيرِ العيّاشيّ تأليفُ الشيخِ مُحمّدٍ بنِ مسعود العيّاشيّ الذي كانَ مُعاصِراً للشيخِ الكُلينيّ في عصرِ الغيبةِ الصُّغرى، أمّا التفاسيرُ الجامعةُ فمِن أهمِّها تفسيرُ التبيانِ لشيخِ الطائفةِ الطوسي وهوَ تفسيرٌ أصوليٌّ، فقهيٌّ، روائيٌّ، أدبي، وكذلكَ تفسيرُ الشيخِ الطبرسي مجمعُ البيانِ لعلومِ القرآن، الذي يُعدُّ مِن أعظمِ التفاسيرِ الشيعيّة، حيثُ جمعَ فيهِ شتّى العلومِ والمعارف، أمّا منهجيّةُ تفسيرِ القرآنِ بالقرآن فقد تفرّدَ بها العلّامةُ الطباطبائيّ في تفسيرِه الميزان، مُضافاً لعشراتِ التفاسيرِ المُعاصرة مثلَ تفسيرِ الأمثلِ للشيخِ ناصِر مكارِم الشيرازي، وتفسيرِ مواهبِ الرّحمان في تفسيرِ القرآنِ للسّيّدِ عبدِ الأعلى السبزواري، وتفسيرِ مِن هُدى القرآن للسيّدِ مُحمّد تقي المُدرّسي وغيرُها كثير.