١.  ما معنى قوله تعالى: (وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ  وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا).

سؤالٌ: ما معنى قولِه تعالى: (وَلَا تَعجَل بِالقُرآنِ مِن قَبلِ أَن يُقضَى إِلَيكَ وَحيُهُ وَقُل رَبِّ زِدنِي عِلمًا)[سورةُ طه:114].؟

▪ «الجوابُ»:

بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

ذُكرَ للآيةِ تفسيرانِ عندَ عُلماءِ التفسيرِ وهيَ: 

الأوّلُ: إنَّ النبيَّ صلّى اللهُ عليهِ وآله كانَ إذا نزلَ عليهِ جبرائيل عليهِ السلام بالوحي يبادرُ بقراءتِه مخافةَ ان ينساه، قبلَ أن يفرغَ جبرائيلُ عليهِ السلام مِن آخرِ الوحي حتّى يتكلّمَ هوَ بأوّلِه، فنزلَت هذهِ الآيةُ تنهاهُ المُبادرة ولم ينسَ بعدَ ذلكَ شيئاً (1).

والثاني: معناه يا محمّد لا تعجَل بقراءةِ القرآنِ الكريم عليهم حتّى ينزلَ عليكَ التفسيرُ في أوقاتِه كما تنزلُ إليكَ تلاوته (2).

وهذا التفسيرُ أرجحُ وبيانُه أنَّ للقرآنِ الكريم نزولان:

▪ نزولٌ جُملي: هوَ نزولُ القرآنِ الكريم جملةً واحدة ودلَّ عليهِ قولهُ تعالى: ﴿إِنّا أَنزَلناهُ في لَيلَةِ القَدرِ﴾ [سورةُ القدر: 1]. 

وقولهُ تعالى: ﴿إِنّا أَنزَلناهُ في لَيلَةٍ مُبارَكَةٍ﴾ [سورةُ الدخان: 3]. 

وقولهُ تعالى: ﴿شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أُنزِلَ فيهِ القُرآنُ هُدًى لِلنّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الهُدى وَالفُرقانِ﴾ [سورة البقرة: 185].

▪ نزولٌ نجمي: هوَ نزولُ القرآنِ الكريم مُتفرّقاً بحسبِ الوقائعِ والأحداث ودلَّ عليهِ قولهُ تعالى: ﴿وَقُرآنًا فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلَى النّاسِ عَلى مُكثٍ وَنَزَّلناهُ تَنزيلًا﴾ [سورة الإسراء: ١٠٦] 

وقولهُ تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَولا نُزِّلَ عَلَيهِ القُرآنُ جُملَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلنَاهُ تَرتِيلًا﴾. [سورةُ الفرقان:32].

وقد رويَ في كتبِ الحديثِ أنَّ جبريلَ كانُ يعارضُ النبيَّ صلّى اللهُ عليهِ وآله بالقرآنِ كلَّ سنةٍ وأنّه عارضَه في السنةِ التي قُبضِ فيها مرّتين (2). 

ومعناهُ أنَّ النبيَّ كانَ يُعجّلُ بقراءةِ ما حفظَه مِنَ الكتابِ الكريم فنزلَت الآيةُ تأمرُه بالتريّثِ حتّى ينزلَ عليهِ وحيهُ وفي أوقاتِه مُتفرّقاً بحسبِ الوقائعِ والأحداث.

والحمدُ للهِ أوّلاً وآخراً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- الدرُّ المنثورُ للسيوطي ج 4 ص 339- الكشّافُ ج 4 ص 243- مجمعُ البيان ج 10 ص 475- تفسيرُ الميزان ج 20 ص390 .

2- روضةُ الواعظين ص27- حِليةُ الأبرارِ للسيّدِ هاشمٍ البحراني ج1ص24-مناقبُ آلِ أبي طالب لابنِ شهرِ آشوب ج1ص56- بحارُ الأنوار ج18ص200.

3- صحيحُ البُخاري ج 3 ص 151 رقمُ الحديث: (3426). – بحارُ الأنوارِ ج22ص466.