أعمار وأحجام البشر في التاريخ القديم

تنقلُ رواياتٌ إسلاميّةٌ عدّةٌ أنَّ أعمارَ البشرِ في عصرِ النبيّ آدم إلى عصرِ إبراهيم وربّما ما بعدَه تجاوزَت ال ٥٠٠ عام إلى الألف .. كما تتحدّثُ عن ضخامةِ أجسادِهم .. والعلمُ الحديثُ نقضَ ذلكَ كلّه .. يعني أعمارُ البشر كانَت ما بينَ ال ٢٠ و٣٠ عاماً وازدادَت نتيجةَ تطوّرِ الطبِّ والعلمِ والهيكلُ هوَ نفسُه ..

: الشيخ معتصم السيد احمد

الجواب:

ليسَ منَ المُفيدِ في الإجابةِ على هذا السؤالِ مُناقشةُ الرّواياتِ الإسلاميّة التي أشارَت إلى أعمارِ وأحجامِ البشر في زمنِ سيّدنا آدم إلى زمانِ سيّدنا إبراهيم (عليهم السلام)، وإنّما المفيدُ هوَ الوقوفُ عندَ الادّعاءِ الذي يقول إنَّ العلمَ الحديث أثبتَ بُطلانَ ذلك.

ونحنُ لا نعلمُ أيَّ علمٍ يقصدُ صاحبُ الإشكال؟

فاكتمالُ الإشكالِ موقوفٌ على بيانِ البحثِ العلميّ الذي قطعَ باستحالةِ ذلك، أو على الأقل مُجرّدُ إشارةٍ تهدينا للفرعِ العِلمي الذي استخلصَ هذهِ النتيجة، فقد عوّدَنا الإلحادُ العربي على مثلِ هذهِ الادّعاءاتِ التي لا أساسَ لها منَ الصحّة.

وعليه:

أوّلاً: لا نُصدّقُ بوجودِ علمٍ أثبتَ بُطلانَ ذلك.

ثانياً: على فرضِ وجودِ بعضِ البحوثِ التي تتبنّى ذلك، فإنّها تظلُّ مُجرّدَ فرضيّاتٍ علميّة مهما تعدّدَت الشواهدُ التي تؤيّدُها.

فهذهِ البحوثُ احتماليّةٌ بطبيعتِها؛ لأنّها تقومُ على الاستقراءِ الناقص، فدراسةُ هياكلَ عظميّةٍ هُنا أو هناكَ لا يُشكّلُ استقراءً كاملاً ودراسةً شاملةً للإنسانِ في التاريخ.

ثالثاً: القولُ أنَّ مُعدّلَ عُمرِ الإنسان كانَ بينَ 20 و 30، لا يعارضُ وجودَ رواياتٍ تتحدّثُ عن بعضِ الأنبياء الذينَ خصَّهم اللهُ بطولِ العُمر، فمُعدّلُ العُمرِ لا يعني أبداً أنَّ الجميعَ يموتُ في هذا السّن، وإنّما هناكَ معادلاتٌ مُعيّنةٌ تقومُ على حسابِ مُتوسّطِ الأعمار، فيقالُ إنَّ عُمرَ الإنسانِ في العصرِ الحجري قبلَ 10 آلاف سنةٍ قبلَ الميلاد كانَ 33 سنةً، وفي العصرِ البرونزي مِن تاريخِ 1200 إلى 3000 سنة قبلَ الميلاد 26 سنة.

ولو تتبّعنا ذلكَ بحسبِ المراحلِ التاريخيّةِ نجدُ أنَّ تلكَ المُعدّلاتِ لم تتغيّر كثيراً فإلى ما قبلَ مئةٍ وعشرينَ عامًا وفي بدايةِ القرنِ التاسع عشر ورغمَ تقدّمِ العلمِ كانَ مُعدّلُ عُمرِ الإنسان 30 سنة، أي أقلَّ ممّا كانَ في العصرِ الحجري، وعليهِ لا يصلحُ مُعدّلُ العُمرِ كدليلٍ على مُعارضةِ الرواياتِ الإسلاميّة.

رابعاً: منَ المؤكّدِ أنَّ مُجتمعَ علماءِ الآثار لا يخلو من الغشِّ والتزويرِ وإخفاءِ الحقائقِ خدمةً لتوجّهاتِهم الفكريّةِ والثقافيّة.

وهناكَ الكثيرُ منَ الكتبِ والدراساتِ التي كشفَت عن التوظيفِ الأيديولوجيّ لعلمِ الآثار، وبخاصّةٍ الآثار التي تتعارضُ معَ نظريّةِ التطوّر.

ولا شكَّ أنَّ وجودَ عمالقةٍ كأجدادٍ للبشرِ يضربُ خُرافةَ التطوّرِ في مقتلِ، فالإنسانُ الحاليّ بنظرِ التطوّريّينَ انحدرَ مِن سلفٍ تطوّري (قردةٍ جنوبيّة) طولُها لم يكُن يتعدّى 1.20 متراً ! فكيفَ يكونُ مِن بينِ أجدادِه عمالقة؟

وهناكَ خبرٌ مُنتشرٌ على الانترنت مُلخّصُه يقول: إنَّ المؤسّسةَ الأمريكيّةَ لعلمِ الآثارِ البديل (AIAA) قدّمَت دعوىً ضدَّ معهدِ سميثسونيان تتّهمُه فيها بتدميرِ والتخلّصِ منَ آلافِ الهياكلِ البشريّةِ العملاقة (مِن طولِ 6 أقدامٍ إلى 12 قدم أي مِن 1.9 متر إلى 3.6 متراً) وذلكَ منذُ أوائلِ القرنِ الماضي 1900 – وأنّه رغمَ الإنكارِ إلّا أنَّ الدّليلَ الذي غيّرَ مُجرياتِ القضيّةِ كانَ تقديمَ جيمس شوروارد James Churward المُتحدّثَ باسمِ (AIAA) عظمةَ فخذٍ بشريّةٍ بطولِ 1.3 متر كانَت في حوزةِ أحدِ القيّمينَ على المعهدِ وقد سرقَها منهُ في عام 1930 – وقد اعترفَ بذلكَ قبلَ موتِه وكانَ ممّا قال : "إنّه لأمرٌ فظيعٌ أن يجري للشعبِ الأمريكي"، وكتبَ في رسالة: "نحنُ نُخفي الحقيقةَ عن أسلافِ البشر، أجدادِنا، والعمالقةِ الذينَ جابوا الأرضَ كما ذُكرَ في الكتابِ المُقدّسِ والنصوصِ القديمةِ منَ العالم "

خامِساً: هناكَ الكثيرُ منَ الأخبارِ التي تؤكّدُ وجودَ اكتشافاتٍ لهياكلَ ومومياواتٍ عملاقةٍ في أنحاءَ مُتفرّقةٍ في العالم، ومواقعُ الانترنِت حافلةٌ بهذهِ الشواهد، فعلى سبيلِ المثال: في سنةِ 1912م عثرَ الأخوانِ بيترسون جنوبَ غربِ ولايةِ ويسكونسن في الولاياتِ المُتّحدة على 18 هيكلاً عظميّاً، والمثيرُ في الأمر هوَ الملامحُ العجيبةُ لهذهِ الهياكل، إذ تراوحَ طولُها بينَ سبعِ وتسعِ أقدام أي ما يقاربُ مترينِ ونصفَ متر، وبالإضافةِ إلى ضخامةِ رؤوسِها، التي كانَت أكبرَ مِن رؤوسِ أيّ جنسٍ عاشَ بالولاياتِ المُتّحدة.

ونشرَت صحيفةُ نيويورك تايمز عام 1891، أنَّ علماءَ اكتشفوا "آثاراً هرميّةً" كبيرةً على ضفافِ بُحيرةِ مليز في مدينةِ ماديسون بولايةِ ويسكونسن، وقد افتتحَت هذهِ الآثارُ أمامَ العامّة. وفسّرَ علماءُ الأنثروبولوجيا والآثارِ ذلكَ بوجودِ عمالقةٍ سكنوا الأرضَ فعلاً في أزمنةٍ بعيدة، لذا يعجزُ التاريخُ عن ذكرِ شيءٍ عَن حضارتِهم أو كيفَ عاشوا.

وفي عامِ 1931 قامَ طبيبٌ سابقٌ ومُستكشِفٌ يُدعى بروس راسل برحلةٍ إلى وادي الموتِ في كاليفورنيا برفقةِ صديقِه دانييل بوف، وأعلنَ عَن اكتشافِ سلسلةٍ منَ الأنفاقِ والكهوفِ تحتَ الوادي، ووِفقاً لهذهِ القصّةِ فقد اكتشفَ الصديقانِ هياكلَ عظميّةً عملاقةً تُقدّرُ بحوالي 9 أقدام، وقدّرَ بوف عُمرَ الهياكل بـ80 ألفِ سنة.

وغيرُ ذلكَ منَ الأخبارِ والقصصِ التي تؤكّدُ وجودَ هياكلَ عظميّةٍ لبشرٍ عمالقة، وبعيداً عن تأكيدِ ذلكَ أو نفيه، فإنَّ الأمرَ الذي يهمُّنا هوَ تكذيبُ الادّعاءِ الذي يقولُ بأنَّ العلمَ الحديثَ يناقضُ ما جاءَ في الرواياتِ الإسلاميّة.