مغالطات خاوية
لماذا لا توجد آثر لرسل من الله خارج الشرق الاوسط؟ لأنهم لا يوجدون. لماذا فرعون موسى غير معروف؟ لأن قصة موسى اخترعت بعده بسنين فخلطت بين الوقائع فاستحال تأريخها. لماذا تأريخ آدم غير معروف؟ لان فكرة آدم وحواء خاطئة جينيا وتاريخيا.
الجواب:
من ابجديات الاستدلال المنطقي أن يكون هناك علاقة ضرورية بين المقدمة والنتيجة، فبعد التسالم على صحة المقدمة يجب البحث عن العلاقة التي تربطها بالنتيجة المترتبة عليها، ولذلك قيل: "النتيجة: هي ثمرة الشيء، وما تفضي إليه مقدمات الحكم"، وهذا ما لم يلتفت إليه من يثير هذه الشبهات، فحتى لو سلمنا جدلاً بصحة المقدمات التي ساقها إلا أننا لا نسلم بالنتائج المترتبة عليها، ولذلك سوف نكتفي في معرض الإجابة بالتشكيك في وجود مثل هذا الرابط.
يقول: (لماذا لا يوجد آثر لرسل من الله خارج الشرق الاوسط؟ لأنهم لا يوجدون)، فكما هو واضح ليس هناك تلازم بين فقدان آثار الأنبياء خارج الشرق الأوسط وبين عدم وجودهم بالفعل؛ وذلك لأن احتمال وجودهم ما يزال قائماً، فعدم الوجدان لا يستلزم عدم الوجود، وعدم العلم ليس علماً بالعدم، وفي هذه الحالة فإن الموقف العلمي يقتضي عدم الجزم بوجودهم لغياب ما يدل على ذلك، وفي نفس الوقت لا يمكن الجزم بعدم وجودهم لمجرد أننا لا نمتلك دليلاً على وجودهم؛ لأن عدم الوجدان لا يكون دليلاً على عدم الوجود.
يقول: (لماذا فرعون موسى غير معروف؟ لأن قصة موسى اخترعت بعده بسنين فخلطت بين الوقائع فاستحال تأريخها)، أولاً: المقدمة غير مسلم بها فالاختلاف بين المؤرخين لم يقع في أصل وجود فرعون مع موسى، وإنما وقع في تحديد من هو من بين الفراعنة، فقيل إنه تحتمس الثاني، وقيل أمينوفيس الثاني، وقيل رمسيس الثاني، وقيل غير ذلك، وبالتالي الفرق كبير بين انكار وجود فرعون مع موسى من الأساس، وبين التردد في تحديد شخصيته.
ثانياً: يقول (لأن قصة موسى اخترعت بعده بسنين) كلام في غاية الغموض والابهام، فمن الذي اخترعها؟ وما هو الدواعي لذلك الاختراع؟ وبعد كم من السنين اخترعت؟ ومن هو الفرعون الذين اخترعت القصة من بعده؟ فإن كان محدداً ومعروفاً فكيف بنى كلامه على انه غير معروف؟ وإن لم يكن معروفاً فعلى أي أساس حدد المسافة الفاصلة بينه وبين اختراع القصة؟
ثالثاً: على فرض صحة المقدمة يبقى الكلام عن العلاقة بينها وبين إنكار ما جاء في القرآن من قصة موسى وفرعون؟ فحتى لو غاب عنا تاريخ الفراعنة بالكلية فإن ذلك لا يحملنا على إنكار ما جاء في القرآن الكريم، فعدم معرفتنا بتاريخ الفراعنة شيء وما جاء في القرآن من الوحي شيء آخر.
فالهدف من القصص القرآني كما هو معلوم ليس التوثيق للزمان والمكان، ولا تحديد هويات الشخوص التي تحرك الاحداث، وإنما هدفها هو العبرة والعظة العابرة للزمان والمكان والشخوص، وعليه من الطبيعي اهمال القرآن لأسم فرعون وتاريخ ولادته ووفاته وغير ذلك من المعلومات التي لا تدخل في صلب الحِكمة من القصة.
يقول: (لماذا تأريخ آدم غير معروف؟ لان فكرة آدم وحواء خاطئة جينيا و تاريخيا)، إذا احسنا الظن في من سطر هذه الكلمات يمكننا أن نقول إنه ترك متعمداً أسس التفكير المنطقي لغاية في نفسه، فكل عاقل يحترم عقله إذا وجه له السؤال عن غياب تاريخ آدم عليه السلام، لكانت اجابتهم واحدة وهي أننا نجهل بتاريخ آدم لغياب الوثائق التاريخية للبدايات الأولى للبشرية على الأرض، فالبشرية تطورت بشكل تدريجي ومرت بحقب تاريخية متعددة حتى تمكنت من تشكيل مجتمعات حضارية تركت بعض الآثار التي يتم بحثها عبر علماء الآثار والأنثروبولوجيا، فمن البديهي أن يغيب عنا تاريخ آدم أبو البشر، وليس هناك من ينكر أن آدم أبو البشر إلا اصاحب نظرية التطور الداروينية، وإذا صح هذا النوع من الاستدلال لإنكار قصة آدم، فإنه يصح أيضاً لإنكار نظرية التطور، فبنفس هذا المنقط يمكننا أن نقول إن عدم معرفتنا بتاريخ الخلية الأولى التي تكونت منها الحياة، أو عدم معرفتنا بتاريخ بداية تكون الثديات، أو عدم معرفتنا بتاريخ أي نوع من الثديات خرج منه الإنسان، أو تاريخ الكائن الذي يعد جداً مشتركاً بين القرد والإنسان، أو تاريخ أول إنسان خرج من عملية التطور، وغير ذلك من الأسئلة التي تكشف عن الغموض التاريخي الذي يلف نظرية التطور، ومع ذلك نجدهم يتبنونها ويدافعون عنها ومن ثم يشكلون علينا موضوع آدم وحواء بحجة عدم معرفتنا بتاريخهم، الأمر الذي يؤكد المنطق الاخرق الذي يتحكم في عقول الملحدين.
ومن ثم لم نعرف كيف أصبحت قصة آدم وحواء خاطئة جينياً؟ مع أن العلماء قد اثبتوا أن 99.9% من متتاليات الـ DNA متشابهة في جميع البشر الأمر الذي يؤكد على أننا جميعاً ننتمي لنوع واحد.
اترك تعليق