هل يجوز حرق التوراة والانجيل؟
طرحَ بعضُ المؤمنينَ مسألةَ حرقِ الإنجيلِ أو التوراةِ أو صورِ المسيح ردّاً على الإساءةِ للرّسولِ الأعظمِ بالغرب وحرقِ القرآن! بزعمِ أنَّ هذه الكتبَ غيرُ صحيحةٍ وصورةُ المسيحِ أيضاً كذلك.. هل يجوزُ هذا العملُ شرعاً وما هيَ الطريقةُ المُثلى للردِّ على مَن يسيءُ للرّسولِ ص والقرآنِ الكريم؟
الجوابُ:
منَ القواعدِ المُتسالمِ عليها عندَ العُقلاء أنَّ الخطأ لا يعالجُ بخطأ آخر والإساءةُ لا تقابلُ بمثلِها، قالَ تعالى: (ادفَع بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَينَكَ وَبَينَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيطَانِ نَزغٌ فَاستَعِذ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيم).
فمَن قامَ بحرقِ المصحفِ الشريفِ يهدفُ في الأساسِ لاستفزازِ المُسلمين واستدراجِهم للقيامِ بأفعالٍ طائشة، ومِن ثمَّ تقومُ الماكينةُ الدعائيّةُ على تشويهِ صورةِ المُسلمين بشكلٍ أكبرَ ومشينٍ أكثر، وإلّا ما هيَ الفائدةُ المرجوّةُ مِن حرقِ نُسخةٍ مِن بينِ ملياراتِ النسخِ وقد تكفّلَ اللهُ بحفظِه في الصدورِ قبلَ السطور؟
فإذا جازَ حرقُ التوراةِ والانجيلِ بحُجّةِ أنّها غيرُ صحيحةٍ في نظرِ المُسلم، لجازَ أيضاً لغيرِ المُسلم حرقُ القرآنِ بنفسِ هذهِ الحُجّة.
وإذا كانَ في حرقِ الإنجيلِ ردٌّ على مَن أحرقَ القرآنَ فما ذنبُ بقيّةِ المسيحيّينَ الذينَ لم يقبلوا هذا الفعلَ وأدانوه؟
أمّا الطريقةُ المُثلى للردِّ على مَن يسيءُ للقرآنِ وللرّسولِ الكريم (صلّى اللهُ عليهِ وآله) يمكنُ تصوّرُها في اتّجاهين:
الأوّلُ: الاتّجاهُ السلبي: ونقصدُ به كلَّ أنواعِ الاعتراضِ على هذا الفعلِ المُشين، ابتداءً مِن إصدارِ البياناتِ والوقفاتِ الاحتجاجيّة وكلِّ الطرقِ التي توصلُ احتجاجنا للعالمِ أجمَع، وانتهاءً بالمواقفِ السياسيّةِ والاقتصاديّةِ مثلَ سحبِ السفراءِ أو قطعِ العلاقاتِ التجاريّةِ أو مُقاطعةِ بضائعِ ومنتجاتِ الدولِ التي تسمحُ بحرقِ المصحفِ على أراضيها، فلو اتّفقَت جميعُ الدولِ العربيّةِ والإسلاميّة على ذلكَ لأحجمَت العلى دولُ الغربيّةُ عن توفيرِ الحمايةِ القانونيّةِ لمَن يعتدي المصحفِ الشريف.
الثاني: الاتّجاهُ الإيجابي: ويتلخّصُ هذا الاتّجاهُ في العملِ على عكسِ صورةٍ إيجابيّةٍ عن الإسلامِ والمُسلمين في البلادِ الغربيّة، فالذي اعتدى على المصحفِ الشريف أو على النبيّ الأكرم إنّما اعتدى في الواقعِ على الصورةِ المُشوّهةِ والمغلوطةِ التي يحملُها في ذهنِه عن القرآن وعن النبي، ولو كانَ يعلمُ حقيقتَهُما لَما وسعَهُ إلّا حبُّهما والدفاعُ عنهما.
وعليهِ فالواجبُ على المُسلمينَ تكثيفُ العملِ الجادِّ لتبديلِ تلكَ الصورةِ المغلوطةِ بصورةٍ أخرى تعبّرُ عن الحقيقةِ الناصعةِ للإسلام، وقد شهِدنا بالفعلِ تأثيرَ هذا المسارِ الإيجابيّ على الكثيرِ منَ الغربيّينَ حيثُ نرى الكثيرَ مِنهم يدخلونَ في دينِ اللهِ أفواجاً بمُجرّدِ ما تتكشّفُ لهم حقيقةُ الإسلام.
اترك تعليق