هل كلّ عمل يقوم به البعض يعدّ شعيرة من شعائر الحسين؟

هل هناكَ ضابطٌ للشعائرِ الحُسينيّةِ منعاً لاستحداثِ البدعِ فيها.. إذ نرى هذهِ الأيّامَ المشيَ على الجمرِ الذي لم يكُن معروفاً في السابقِ وقد تمَّ استيرادُه منَ الهند، وكذلكَ الزحفُ على البطونِ الذي يُسمّى بكلامِ رُقيّة أو زينب؟

: الشيخ معتصم السيد احمد

الجوابُ:

فصّلنا في إجابةٍ سابقةٍ فلسفةَ الشعائرِ وضوابطَها الشرعيّة وسنكتفي هُنا بالإشارةِ إلى قاعدةٍ عامّةٍ تشملُ جميعَ الشعائرِ الدينيّةِ التي لم يُحدِّد الشارعُ موضوعاتِها، والشعائرُ الحُسينيّةُ هيَ واحدةٌ مِن تلكَ الشعائرِ التي لم تُحدّد الرواياتُ لها كيفيّةً مُعيّنة، حيثُ أكّدَت الرواياتُ على ضرورةِ إبقاءِ القضيّةِ الحُسينيّةِ حيّةً في نفوسِ المؤمنين، فحثّت على ضرورةِ البكاءِ وإقامةِ المجالسِ وزيارةِ مقامِه الشريف في كربلاء، كما نصّت رواياتٌ أخرى على إظهارِ الجزعِ والندبِ والرّثاء.

وعليهِ: كلُّ فعلٍ يصبحُ مِصداقاً لتلكَ العناوينِ طِبقاً لحُكمِ العقلاءِ والمُتشرّعةِ يدخلُ في إطارِ الشعائرِ الحُسينيّةِ بالضرورةِ، فالرّواياتُ لم تحصِر إظهارَ الحُزنِ والأسى على الإمامِ الحُسين (عليهِ السلام) في كيفيّةٍ بعينِها وإنّما تركَت ذلكَ لعُرفِ العقلاءِ والمُتشرّعة.

وعليهِ كلُّ شعيرةٍ يتوافقُ عليها المُتشرّعةُ على أنّها مِن شعائرِ الحُسين (ع) تصبحُ مُستحبّةً، إلّا أنّه لا يعدُّ استحباباً بسببِ ورودِ النصِّ عليها بشكلٍ خاصٍّ ومُباشر، وإنّما تعدُّ مُستحبّةً بوصفِها مِصداقاً للشعائرِ الحُسينيّة المُستحبّة في الجُملة.

فمثلاً: مواكبُ العزاءِ تكونُ مُستحبّةً طالما اعتبرَها عرفُ المُتشرّعةِ عنواناً للشعيرةِ الحُسينيّة، وإذا تخلّى عَنها العرفُ واستبدلَها بشيء آخر يسقطُ عَنها الاستحبابُ، ويتحوّلُ الاستحبابُ إلى ذلكَ الشيءِ الآخر، وبالتالي كلُّ شعيرةٍ مِن شعائرِ الإمامِ الحُسين تكونُ مُستحبّةً إذا اعتبرَها العُرفُ مِصداقاً للنصوصِ التي أكّدَت وندبَت على إحياءِ ذِكرى الإمامِ الحُسين (عليهِ السلام)، ولا يتوقّفُ الأمرُ على وجودِ رواياتٍ ونصوصٍ خاصّةٍ بالموردِ طالما تتحرّكُ تلكَ الشعائرُ تحتَ مظلّةِ العناوينِ العامّةِ التي حكمَ الشرعُ باستحبابِها.

ومعَ ذلكَ فإنَّ الشارعَ لهُ حدودٌ وضوابطُ عامّةٌ تظلُّ حاكمةً على جميعِ الشعائرِ الإسلاميّة بما فيها الشعائرُ الحُسينيّة.

فمثلاً: لا يجوزُ أن تكونَ الشعائرُ مُشتملةً على ما هوَ مُحرّمٌ شرعاً مثلَ الأغاني والموسيقى التي تتناسبُ معَ مجالسِ اللهو، كما لا يجوزُ أن يكونَ فيها ضررٌ مُقدّرٌ عندَ العُقلاء سواءٌ كانَ على النفسِ أو على الدّين، كما يجبُ مراعاةُ الذوقِ العام فلا تكونُ سبباً في النفورِ والسُخرية.

وفي المُحصّلةِ تحديدُ الشعيرةِ يجبُ أن لا يخضعَ للذّوقِ الشخصيّ أو المُمارساتِ المحدودةِ لبعضِ الجماعاتِ وإنّما يجبُ أن يكونَ عليهِ حالةٌ منَ التوافقِ العامِّ بينَ العُقلاءِ والمُتشرّعة.