أصالة عقائد الشيعة .. تفضيل الإمام علي (ع) نموذجا .

يلجأ بعضُ الوهابيّةِ وغيرُهم إلى تمييزِ التشيّعِ وعقائدِه حاليّاً عن التشيّعِ أيّامِ الأئمّةِ عليهم السلام...وتحتَ هذا الشعار وثّقوا كثيراً مِن رواةِ الشيعةِ لأنَّ تشيّعَهم خفيفٌ.. (التشيّعُ الخفيفُ هو تفضيلُ الإمامِ عليّ عليهِ السلام على عثمانَ دونَ التعرّضِ للشيخين).. مثالُ ذلكَ ما قالَ الذَّهبيُّ عن أبانَ بنِ تغلب أحدِ أصحابِ الأئمّةِ ع : (هوَ صَدوقٌ في نَفسِه، عالمٌ كبيرٌ، وبِدعَتُه -يعني: التَّشَيُّع- خَفِيفَةٌ، لا يَتَعَرَّضُ للكِبَار).

: الشيخ مروان خليفات

أصالةُ عقائدِ الشيعة .. تفضيل الإمام عليّ (ع) نموذجاً .

سؤال:

يلجأ بعضُ الوهابيّةِ وغيرُهم إلى تمييزِ التشيّعِ وعقائدِه حاليّاً عن التشيّعِ أيّامِ الأئمّةِ عليهم السلام...وتحتَ هذا الشعار وثّقوا كثيراً مِن رواةِ الشيعةِ لأنَّ تشيّعَهم خفيفٌ.. (التشيّعُ الخفيفُ هو تفضيلُ الإمامِ عليّ عليهِ السلام على عثمانَ دونَ التعرّضِ للشيخين).. مثالُ ذلكَ ما قالَ الذَّهبيُّ عن أبانَ بنِ تغلب أحدِ أصحابِ الأئمّةِ ع : (هوَ صَدوقٌ في نَفسِه، عالمٌ كبيرٌ، وبِدعَتُه -يعني: التَّشَيُّع- خَفِيفَةٌ، لا يَتَعَرَّضُ للكِبَارِ).

الجواب المُفصّل:

إنَّ هذا الزعمَ يدلُّ على عدمِ تحقيقٍ وتدقيق، وإلّا فالتشيّعُ الإماميّ بعقائدِه المعروفةِ قديمٌ، وصاحبُ الشبهةِ هذه قد نظرَ إلى بعضِ الأوائلِ ممَّن فضّلَ عليّاً ع على عثمان، أو أنَّ هؤلاءِ الرواةَ أو بعضَهم كانوا إماميّةً ولكنّهم لا يصرّحونَ بعقائدِهم مُداراةً للآخرين ، وخوفاً مِن بطشِهم، فعمّمَ هذا المُشتبهُ النتيجةَ على كلِّ أصنافِ الشيعة، وهذا غلطٌ فاضح، وسنُبيّنُ اعتقادَ الرواةِ الأوائلِ بعقيدةِ الشيعةِ الإماميّة في التفضيل، وفيهم رواةٌ وقعوا في أسانيدِ أهلِ السنّةِ ووثّقوهم.

وضربُهم المثلَ بأبانَ ينقضُ مقولتَهم، فأبانُ إماميُّ المذهبِ دونَ تردّد، وكانَ غالياً في تشيّعِه، وبهذا وصفَه العقيليّ والأزديّ كما في ترجمتِه في تهذيبِ التهذيب، ج 1، ص 81 و 82.

قالَ الحاكمُ فيه: «أبانُ بنُ تغلب، ثقةٌ مخرّجٌ حديثه في الصّحيحين وكانَ قاصَّ الشيعة». معرفةُ علومِ الحديث، ص 136.

وقالَ الذهبي : ( كانَ غالياً في التشيّع) ميزانُ الاعتدال، ج 1، ص 5 و 6.

وغلوُّ التشيّعِ لدى أهلِ الحديثِ يعني الترفّضَ وهوَ تقديمُ عليٍّ ع على الشيخين.

قالَ ابنُ حجر: ( والتشيّعُ محبّةُ عليٍّ وتقديمُه على الصّحابة، فمَن قدّمَه على أبي بكرٍ وعُمر فهوَ غالٍ في تشيّعِه ويطلقُ عليهِ رافضيّ، وإلّا فشيعيّ). مُقدّمةُ فتحِ الباري، ص 460.

أمّا عدمُ طعنِ أبانَ بالشيخين، فلا يدلُّ على موالاتِه أو محبّتِه لهُما، فالرّجلُ حكيمٌ عاقلٌ مخالطٌ للآخرين، يداريهم ، فمنَ الغلطِ أن يقومَ باستفزازِهم بالطعنِ بالخُلفاء، فلا يعني كونَ المرءِ إماميّاً أن يقومَ بإظهارِ البراءةِ أمامَ الآخرين ليُثبتَ لهم عقيدتَه، كما أنَّ عدمَ الوجدانِ لا يدلُّ على عدمِ الوجود.

وصفَه النجاشيّ بقولِه : (عظيمُ المنزلةِ في أصحابِنا، لقيَ عليّاً بنَ الحُسين وأبا جعفرٍ وأبا عبدِ الله (عليهم السلام)، روى عنهم وكانَت له عندَهم منزلةٌ وقدمٌ...) فهرستُ أسماءِ مُصنّفي الشيعة، ص 10 و 11؛

وقالَ الشيخُ الطوسي فيه: ( ثقةٌ، جليلُ القدر، عظيمُ المنزلةِ في أصحابنا...) الفهرست، ص 57.

وأحاديثُه مبثوثةٌ في كتبِ الإماميّةِ تحكي عن اعتقاداتِ الطائفة .

فكيفَ لا تكونُ عقائدُه هي عقائدُ أهلِ الإمامةِ منَ التفضيلِ والتبرّي والعصمة ... وهوَ مِن كبارِ الأصحابِ المَمدوحين؟

إنَّ تفضيلَ عليٍّ ع على الشيخين هوَ مذهبُ كثيرٍ منَ الصّحابةِ والتابعين وتابعي التابعين منَ الرّواة، وليسَ كما جاءَ في السؤالِ أنّهم كانوا يفضّلونَ عليّاً ع على عُثمان فقط.

قالَ ابنُ عبدِ البر ( ت 463هـ) : (واختلفَ السلفُ أيضاً في تفضيلِ عليٍّ وأبي بكر) الاستيعابُ، ج ٣، ابنُ عبدِ البر، ص ٢٥٤

وكلامُه يدلُّ على اختلافِ الصّحابةِ والتابعينَ ومَن بعدَهم في التفضيل، وفيهم مَن كانَ يُفضّلُ عليّاً ع على أبي بكر.

وقالَ أيضاً : ( ورويَ عن سلمانَ وأبي ذرٍّ والمقدادِ وخبّاب وجابرٍ وأبي سعيدٍ الخُدري وزيدٍ بنِ أرقم أنَّ عليّاً بنَ أبي طالب رضيَ اللهُ عنه أوّلُ مَن أسلمَ وفضّلَه هؤلاءِ على غيره) الاستيعاب، ج3 ص 109

(وكانَ مُتشيّعاً في عليّ ويفضّلُه) الاستيعاب، ج 4، ص 1697.

ونقلَ ابنُ حجر في الإصابةِ ح7 ص 193 عن ابنِ عبدِ البَر أنَّ الصّحابيّ أبا الطفيل كانَ يُقدّمُ عليّاً ع.

وقالَ أبو بكرٍ الباقلاني : (والقولُ بتفضيلِ عليٍّ رضوانُ الله عليه مشهورٌ عند كثيرٍ منَ الصّحابة ، كالذي يُروى عن عبدِ اللهِ بنِ عبّاس ، وحذيفةَ بنِ اليمان ، وعمّار ٍ، وجابرِ بنِ عبدِ الله ، وأبي الهيثمِ بنِ التيهان ، وغيرهم) مناقبُ الأئمّةِ الأربعة، 294

وقالَ ابنُ حزم (ت456هـ) : ( اختلفَ المُسلمونَ فيمَن هوَ أفضلُ بعدَ الأنبياءِ عليهم السلام ، فذهبَ بعضُ أهلِ السنّةِ ، وبعضُ المُعتزلة، وبعضُ المُرجئة ، وجميعُ الشيعة ، إلى أنَّ أفضلَ الأمّةِ بعدَ رسولِ الله صلّى اللهُ عليه وسلّم عليُّ بن أبي طالب رضيَ اللهُ عنه ، وقد روَينا هذا القولَ نصّاً عن بعضِ الصّحابةِ رضيَ اللهُ عنهم ، وعن جماعةٍ منَ التابعينَ والفقهاء) الفصلُ في المللِ والأهواءِ والنّحل، ج4 ص 181

وقالَ أيضاً : (وأيضاً فإنَّ يوسفَ ابنِ عبدِ الله النمري حدّثنا قالَ حدّثنا خلفُ بن قاسم ثنا أبو العبّاسِ أحمدُ بن إبراهيم بنِ عليّ الكنديّ حدّثنا محمّدُ بن العبّاسِ البغدادي ثنا إبراهيمُ بن محمّد البصريّ ثنا أبو أيّوبَ سليمانُ بن داود الشاذكوني قالَ كانَ عمّارُ بن ياسر والحسنُ بن عليّ يفضّلانِ عليّاً بنَ أبي طالب على أبي بكرٍ الصدّيق وعُمر) الفصلُ في المِلل والأهواءِ والنّحل، ج4 ص 134

وقالَ ابنُ أبي الحديد ( ت 656هـ) : (والقولُ بالتفضيلِ قولٌ قديم ، قد قالَ به كثيرٌ منَ الصّحابةِ والتابعين ، فمنَ الصّحابةِ عمّارُ ، والمقدادُ ، وأبو ذرٍّ ، وسلمانُ ، وجابرُ بن عبدِ الله ، وأبي بن كعب ، وحذيفةُ ، و بُريدة ، وأبو أيّوب ، وسهلُ بن حنيف ، وعثمانُ بن حنيف ، وأبو الهيثمِ بن التيهان ، و خزيمةُ بن ثابت ، وأبو الطفيلِ عامرُ بن واثلة ، والعبّاسُ بن عبدِ المُطّلب وبنوه ، وبنو هاشمٍ كافّة ، وبنو المُطّلب كافّة... وكانَ مِن بني أميّةَ قومٌ يقولونَ بذلك ، مِنهم خالدُ بنُ سعيدٍ بنِ العاص ، ومنهم عمرُ بنُ عبدِ العزيز ... فأمّا مَن قالَ بتفضيلِه على الناسِ كافّةً منَ التابعينَ فخلقٌ كثيرٌ كأويسٍ القرني وزيدِ بنِ صوحان ، وصعصعةَ أخيه وجندبُ الخير ، وعبيدةُ السلمانيّ ، وغيرُهم ممَّن لا يُحصى كثرةً ) شرحُ نهجِ البلاغة ، ج 20 ص 221 ــ 226

وقالَ عبدُ العزيزِ بن الصدّيق الغماري في رسالةِ ( الباحثِ عن عللِ الطعنِ في الحارث ) ص ( 14 ) : ( الذينَ ذهبوا إلى تفضيلِ عليٍّ عليهِ السلام على جميعِ الصّحابةِ أبو بكرٍ فمَن بعدَه ، مِنهم : سلمانُ الفارسيّ ، وأبو ذرٍّ ، والمقدادُ ، وخبّابُ ، وجابرٌ ، وزيدٌ بنُ الأرقم ، وأبو الطفيلِ عامرُ بن واثلة ، وعمّارُ بن ياسر ، وأبي بن كعب ، وحذيفةُ ، وبريدةُ ، وأبو أيّوبَ الأنصاري ، وسهلُ بن حنيف ، وعثمانُ بن حنيف ، وأبو الهيثمُ بن التيهان ، وخزيمةُ بن ثابت ، وقيسُ بن سعد ، والعبّاسُ بن عبدِ المُطّلب ، وبنو هاشمٍ كافّة ، وبنو المُطّلبِ كافّة ، وآخرونَ لا يُحصونَ كثرةً).

فهؤلاءِ صحابةٌ كانوا يفضّلونَ عليّاً ع على الخليفتين، وعقيدةُ التفضيلِ هذه التي كانَت بينَ الصّحابةِ والتابعينَ ومَن جاءَ بعدَهم هي العقيدةُ التي آمنَ بها الإماميّةُ عبرَ التاريخِ وإلى اليوم.

وزيادةً في البيان هذهِ بعضُ أسماءِ بعضِ الرواةِ الثقاتِ منَ الرّوافضِ الذينَ كانوا يُفضّلونَ عليّاً ع على الشيخين، وقد وقعوا في أسانيدِ السنّة، ولهُم الكثيرُ منَ الرّوايات، وينبغي التنبيهُ إلى أنَّ كلَّ راوٍ قالوا فيه رافضيٌّ أو يغلو في التشيّعِ فهذا يعني أنّه يُفضّلُ عليّاً ع على الشيخين، ومَن يطعنُ في الشيخين فهوَ مغالٍ في الرّفض، فلا نُضطرُّ لإعادةِ نصِّ ابنِ حجر الذي بيّنَ معنى الرّفضِ والتشيّع .

1ـ أحمدُ بنُ المُفضّل الحفري (ت 215ه‍)

قالَ الذّهبي : «أحمدُ بنُ المُفضّل، كوفيٌّ رافضـيٌّ، عن الثوريّ قال: «الأزديّ مُنكرُ الحديث»، قالَ أبو حاتمٍ: «كانَ صدوقاً». المُغني في الضعفاء، ج 1، ص 95.

روى له مسلمٌ، وهو صدوقٌ عندَ الذهبيّ وابنُ حجر . تقريبُ التهذيب، ج 1، ص 46.

رويَ عنه مُكرّراً ستّمائةٍ واثنانِ منَ الأحاديث.

له في صحيحِ مُسلم: حديثٌ واحد.

تفسيرُ الطبري: أربعمائةٌ وأربعةٌ وستّونَ حديثاً ...

2ـ إسماعيلُ بنُ عبدِ الرّحمنِ السدي (ت 127ه‍)

كانَ يتناولُ الشيخين، ونسبوهُ للتشيّعِ فهوَ رافضيٌّ مُغال . تهذيبُ التهذيب، ج 1، ص 273 و 274.

ميزانُ الاعتدال، ج 1، ص 236 و 237.

عدّهُ بعضُ الإماميّةِ مِن رجالِهم.

يبلغُ مجموعُ ما رواهُ أربعةُ آلافٍ وستّونَ روايةً أغلبُها رواها المُفسّرون.

له في صحيح مسلم: حديثٌ واحدٌ.

تفسير الطبري له: ألف وتسعمائة وتسعون رواية وأثراً.

وفي تفسيرِ ابنِ أبي حاتم الذي يُفضّلُه السلفيّونَ على غيرِه له ألفٌ وثمانمائةٌ وواحدٌ وثلاثونَ حديثاً وأثراً!

3ـ إسماعيلُ بنُ موسى الفزاري (ت 245 ه‍)

مغالٍ في تشيّعِه، يترفّض . تهذيبُ التهذيب، ج 1، ص 292 و 293.

المُغني في الضّعفاء، ج 1، ص 133.

وهو صدوقٌ عندَ كثيرٍ منَ الرّجاليّين ، مِنهم ابنُ حجر .

رويَ عنهُ مُكرّراً مائةٌ واثنتانِ وعشرونَ روايةً، في سُننِ أبي داودِ وسُننِ الترمذيّ وسُننِ ابنِ ماجة...

4ـ جعفرُ بن سليمان الضّبعي (ت 178هـ)

صدوقٌ عندَ الذهبيّ وابنِ حجر ، تهذيبُ التهذيبِ لابنِ حجر، ج 2، ص81 – 83، المُغني في الضّعفاء، الذهبي، ج 1، ص209.

وهوَ رافضيٌّ يبغضُ الشيخين. الثقاتُ لابنِ حبان، ج6، ص 140.

بلغَ عددُ أحاديثِه مُكرّرةً ثمانمائةٍ وثمانيةٍ وخمسينَ حديثاً :

له في صحيحِ مُسلم: ثلاثةُ عشرَ حديثاً.

مُسند أحمد: عشرون حديثاً.

سننُ الترمذي: ستّةٌ وعشرونَ حديثاً ...

5ـ الحكمُ بنُ عتيبة (115هـ)

روى عنهُ البُخاريّ ومُسلم وغيرُهما . (قالَ سليمانٌ الشاذكوني: «حدّثنا يحيى بن سعيد، سمعتُ شعبةَ يقول: كانَ الحكمُ يُفضّلُ عليّاً على أبي بكرٍ وعمر) سيرُ أعلامِ النبلاء، ج 5، ص 208 – 209

وقد استبعدَ الذهبيّ ذلكَ منَ الحكمِ دونَ دليل، معَ أنَّ تفضيلَ الحكمِ لعليٍّ على الشيخين قد رويَ عن ابنِ أبي ليلى أيضاً كما في: المُنتخبِ مِن ذيلِ المذيل مِن تاريخِ الصّحابةِ والتابعين، محمّدُ بن جريرٍ الطبري، ص 129

6ـ خالدُ بن مخلّدٍ القطواني (213هـ)

مِن شيوخِ البُخاري، روى له البُخاري ومسلم،

ممّا قالوا فيه ممّا يدلُّ على غلوِّه في التشيّع : «مفرطٌ في التشيّع»، «كانَ شتّاماً مُعلِناً بسوءِ مذهبِه»، «كوفيُّ المذهب»، «كانَ مُتشيّعاً»، «مُتّهماً بالغلوّ»، «قلتُ له عندَك أحاديثُ في مناقبِ الصّحابة؟ قال: قُل في المثالب) ميزانُ الاعتدال، ج 1، ص 640 - 642 المُغني في الضّعفاء، ج 1، ص 311

وغلوّ التشيّعِ هوَ تقديمُ عليٍّ ع على الشيخين كما مرّ.

روى له البُخاري مُكرّراً 31 روايةً، وروى عنهُ مُسلم 24 رواية ...

7ـ سعيدُ بنُ عمرو بنِ أشوع الهمداني ( ت 110هـ)

قالَ الألباني: «وابنُ أشوع، اسمُه سعيدُ بنُ عمرو بنِ أشوع، وهو ثقةٌ مِن رجالِ الشيخين» إرواءُ الغليل، ج 5، ص 369.

قالَ الجوزجاني: «غالٍ زائغٌ» تهذيبُ التهذيب، ج 4، ص 59 – 60

وهو يقصدُ غلوَّ التشيّع، الذي يعني كما سبقَ تقديمَ عليٍّ على الشيخين.

روى له البُخاري ومُسلم وغيرُهما .

8ـ سعيدُ بن محمّدٍ الجرمي ( ت 230هـ)

وصفَه السمعانيّ بالغلوِّ في التشيّع، قالَ: «وأبو عبدِ الله سعيدُ بن محمّدٍ بنِ سعيدٍ الجرمي الكوفي مِن أهلِ الكوفة، كانَ مِن أهلِ الصّدقِ غيرَ أنّه كانَ غالياً في التشيّع». الأنسابُ، ج 2، ص 48

وغلوّ التشيّعِ هوَ تقديمُ عليٍّ ع على الشيخين كما ذكَرنا عن ابنِ حجر .

روى عنه البُخاريّ ومُسلم وغيرُهما .

9ـ ظالمُ بن خمرو أبو الأسودِ الدؤلي ( ت 69هـ)

وقالَ فيهِ ابنُ الجوزي: «واستخلفَه عبدُ اللهِ ابنُ عبّاس لمّا خرجَ منَ البصرة، فأقرَّهُ عليّ بنُ أبي طالب (رضيَ اللهُ عنه)، وكانَ يحبُّ عليّاً (رضيَ اللهُ عنه) الحبَّ الشديد. المُنتظم في تاريخِ الأممِ والملوك، ج 6، ص 96.

قالَ الصفدي: « وأبو الأسودِ عَلَويُّ الرأي». الوافي بالوفيّات، ج 16، ص 305 – 306.

وقد ذكرَ له المُبردُ أبياتاً في آلِ البيت ونعتِه لعليٍّ بالوصيّ، يقولُ فيها:

أُحِبُّ محمداً حُبّاً شَديداً... وعَباساً وحَمزَةَ والوَصيّا

أُحِبُّهُمُ لِحُبَ اللهِ حتّىٰ... أَجيءَ إذا بُعِثتُ عَلىٰ هَويّا

هوَى أعطيتُه منذُ استَدارَت... رَحىٰ الإسلام لِمَ يَعدِل سَويّا

يقولُ الأرذَلونَ بَنو قَشيرٍ:... طِوالَ الدَهرِ ما تَنسىٰ عَليّا!

بنَو عَمّ النّبيِّ وأَقرَبوهُ... أَحَبُّ الناسِ كُلهُمُ إِليّا

فإنّ يَكُ حُبُّهم رُشداً أَصِبهُ... ولَيسَ بِمُخطئٍ إنّ كانَ غَيّا 2

قالَ المُبرد : «وكانَ نقشُ خاتمه: يا غالبِي حَسبُكَ مِن غَالبِ... إرحَم عليَّ بنَ أبي طَالِبِ». الكاملُ في اللغةِ والأدب، ج 3، ص 151 – 152، وهذهِ الأبياتُ موضعُ اتّفاقِ الرواةِ أنّها له، راجِع: تاريخُ مدينةِ دمشق لابنِ عساكر - ج 25، ص 199 – 200، تفسيرُ ابنُ كثير ج1 ص 118.

فهذا راوٍ آخرُ يفضّلُ عليّاً ع على الشيخين وينعتُه بالوصيّ كما في أشعارِه، له في صحيحِ البُخاري: ثلاثةُ أحاديث.

الأدبُ المُفرد للبُخاري: ثلاثةُ أحاديث.

صحيحُ مُسلم: خمسةُ أحاديث.

مسندُ أحمد: خمسةَ عشرَ حديثاً...

10ـ عامرُ بن وائلةَ أبو الطفيل، الصحابيُّ الجليل (ت 110هـ)

قالَ ابنُ حجر: «وكانَت الخوارجُ يرمونَه باتّصالِه بعليّ، وقولِه بفضلِه وفضلِ أهلِ بيته...) تهذيبُ التهذيب، ج5 ص 72

وقد تقدّمَ كلامُ ابنِ عبدِ البَر في تفضيلِ أبي الطفيلِ عليّاً ع، بل إنَّ ابنَ قُتيبة عدَّهُ مِن غُلاةِ الرّافضة، وهذا يعني أنّه إضافةً لتفضيلِه عليّاً ع، يعتقدُ اعتقاداتِهم، وممّا ذكروا له منَ الاعتقاداتِ : قولهُ بالرّجعة .

قالَ ابنُ قتيبة : (أسماءُ الغاليةِ منَ الرّافضة : أبو الطفيلِ صاحبُ رايةِ المُختار، وكانَ آخرُ مَن رأى رسولَ الله صلّى اللهُ عليهِ وسلّم موتاً)

وقالَ : (وكانَ معَ المُختار صاحبُ رايتِه ، وكانَ يؤمنُ بالرّجعة ) المعارفُ، ص 340 و 341

وممَّن نسبَ أبا الطفيلِ إلى القولِ بالرّجعة ابنُ حزمٍ في المُحلّى، ج 3، ص 174، والذهبيّ في معجمِ الشيوخِ الكبير، ج 2 ص 8.

وفي الكفايةِ في علمِ الرّواية، للبغدادي ص 159 ،وقد سُئل : ( عبدُ الله بنُ الأحرم الحافظ وسُئلَ لم تركَ البُخاري حديثَ أبي الطفيل عامرِ بنِ واثلة؟ قالَ: لأنّه كانَ يُفرطُ في التشيّع)

لهُ في صحيحِ البُخاري: حديثٌ واحد.

الأدبُ المُفرد للبُخاري: خمسةُ أحاديث.

صحيحُ مُسلم: ثمانيةٌ وعشرونَ حديثاً.

مُسندُ أحمد: خمسةٌ وثلاثون حديثاً.

11ـ عبدُ الرزّاقِ بنُ همّام (ت 210هـ)

قالَ الذهبيّ : «عبدُ الرزّاقِ راويةُ الإسلام، وهوَ صدوقٌ في نفسه. وحديثُه مُحتجٌ به في الصِّحاح». تاريخُ الإسلام، ج 15، ص 262

وحولَ تشيّعِه قالوا فيه :

قالَ ابنُ معين: «سمعتُ مِن عبدِ الرزّاق كلاماً استدللتُ به على ما ذكرَ عنه منَ المَذهب». راجِع ترجمتَه في تهذيبِ التهذيب.

قالَ ابنُ العمادِ الحنبلي: «قالَ ابنُ ناصرِ الدّين: وثَّقَه غيرُ واحدٍ، لكِن نقموا عليهِ التشيّع». شذراتُ الذهبِ في أخبارِ مَن ذهب، ج 2، ص 27

ولو لم يكُن تشيّعُه شديداً لَما نقموا عليهِ ذلك!

وقالَ الذهبي: «الصنعانيّ الثقةُ الشيعي»: وقد جعلَه صاحبُ ميزان الاعتدالِ في التشيّعِ كأبي نعيمٍ الفضلِ بنِ دكين وكعبيدِ اللهِ بنِ موسى الرّافضي. ميزانُ الاعتدال، ج1 ص 641.

قالَ ابنُ حجر فيما أوردَه في ترجمةِ عبدِ الرزّاق في تهذيبِ التهذيب: «وقالَ جعفرٌ الطيالسي: سمعتُ ابنَ معين، قالَ: سمعتُ مِن عبدِ الرزّاق كلاماً استدللتُ به على ما ذُكرَ عنه منَ المذهب، فقلتُ له: إنَّ أستاتينكَ الذينَ أخذتَ عنهم ثقاتٌ كلّهم أصحابُ سُنّةٍ معمّرٌ ومالكٌ وابنُ جريج والثوريّ والأوزاعيّ، فعمَّن أخذتَ هذا المذهب؟ قالَ: قدمَ علينا جعفرُ بن سليمان، فرأيتُه فاضلاً حسنَ الهَدي، فأخذتُ هذا عنه. وقالَ محمّدُ بن أبي بكرٍ المقدمي: وجدتُ عبدَ الرزّاقِ ما أفسدَ جعفراً غيرَه يعني في التشيّع».

ففي هذا النصِّ الذي نقلَه ابنُ حجرٍ عن المُتقدّمينَ يستدلُّ ابنُ معين على تشيّعِ عبدِ الرزّاق، ويفصحُ عبدُ الرزّاق أنّه أخذَ هذا المذهب ـ أي التشيّعَ ـ عن جعفرِ بنِ سُليمان، وجعفرُ بن سليمان الضبعيّ كانَ ثقةً يغلو في التشيّع، بل صرّحوا بترفّضِه ، والمتبادرُ إلى الذهنِ بعدَ المرورِ على كلامِ ابنِ مُعين أنَّ عبدَ الرزّاق قد أخذَ الترفّضَ والغلوَّ في التشيّعِ عن جعفرٍ الضبعي، لا أنّه أخذَ التشيّعَ اليسير.

قالَ الذهبي: «وكانَ ـ جعفرُ بنُ سليمان الضبعي ـ مِن عبّادِ الشيعةِ وعلمائِهم، وقد حجَّ، وتوجّهَ إلى اليمن، فصحبَه عبدُ الرزّاق، وأكثرَ عنه، وبه تشيّعٌ». سيرُ أعلامِ النّبلاء، ج 8، ص 198

سألَ ابنُ أبي حاتمٍ أباه عن همامٍ الصنعاني ـ وهو أخو عبدِ الرزّاق ـ قال: «وسألتُه عنه. فقالَ: كانَ همامٌ شيخاً يغلو في التشيّعِ كانَ أغلى في التشيّعِ مِن عبدِ الرزّاق». الجرحُ والتعديلُ لابنِ أبي حاتم، في ترجمةِ همام ج 6، ص 71

ومفادُ كلامِ أبي حاتمٍ أنَّ هماماً يغلو في التشيّع، ولكنّه أكثرُ غُلوّاً فيه مِن عبدِ الرزّاق! وهذا يعني أنَّ عبدَ الرزّاقِ غالٍ في التشيّع

قالَ ابنُ حجر: «وقالَ ابنُ أبي خيثمة: سمعتُ يحيى بنَ معين، وقيلَ له: قالَ أحمد: إنَّ عُبيدَ اللهِ بنَ موسى يردُّ حديثَه للتشيّع. فقالَ: كانَ عبدُ الرزّاق واللهِ الذي لا إلهَ إلّا هو أغلى في ذلكَ منهُ مائةَ ضعفٍ، ولقد سمعتُ مِن عبدِ الرزّاقِ أضعافَ ما سمعتُ مِن عُبيد الله».

يُقُّر ابنُ معين هُنا أنَّ عبدَ الرزّاقِ أغلى في تشيّعِه مِن عُبيدِ اللهِ بنِ موسى، وعبيدُ اللهِ بنُ موسى، معروفٌ بالرّفض

قالَ ابنُ مندة: «كانَ أحمدُ بنُ حنبل يدلُّ الناسَ على عُبيدِ الله، وكانَ معروفاً بالرّفض )

فإذا كانَ عبدُ الرزّاقِ حسبَ قولِ ابنِ مُعين أغلى مائةَ ضعفٍ مِن عُبيدِ الله بنِ موسى فهوَ رافضيٌّ مثلهُ بل مغالٍ في الرّفض.

قالَ ابنُ عساكر : (عبدُ الرزّاقِ يُتّهمُ بالرّفض»! تاريخُ مدينةِ دمشق، ج 45، ص 147

ممّا قالَه عبدُ الرزّاقِ لأحدِ الرّواة : ( لا تقذِّر مجلسَنا بذكرِ ولدِ أبي سفيان». ضعفاءُ العقيلي، ج 3، ص 109

هوَ لم يتكلّم بمعاويةَ فقط وإنّما تكلّمَ بالخليفةِ الثاني، فوصفَه بالأنوك . ضعفاءُ العقيلي، ج 3، ص 110.

وانتقاصُ أحدِ الشيخين هوَ غلوُّ الرفضِ عندَ أهلِ الحديث.

وقد روى الإماميّةُ ما يدلُّ على قولِ عبدِ الرزّاقِ بإمامةِ أهلِ البيت ، لهذا عدّوهُ مِن رجالهم .

فهرستُ أسماءِ مُصنّفي الشيعة، ص 379 – 380.

فهذا راوٍ مشهورٌ كانَ قائلاً بالتفضيلِ ، مُتّهمٌ بالرّفض ، مغالٍ فيه لطعنِه بالخليفةِ الثاني، بلغَ مجموعُ ما رواهُ في كتبِه وما رويَ عنه في سائرِ الكتب ـ مُكرّراً ـ خمسة وثلاثونَ ألفاً ومائة وتسعة وأربعونَ حديثاً وأثراً!! والرقمُ أكثرُ مِن ذلكَ لعدمِ إحاطتِنا بكلِّ المصادرِ الروائيّة.

روى في كتابِه الكبيرِ المُصنّف ـ والذي يقعُ في أحدَ عشرَ مُجلّداً ـ أكثرَ مِن واحدٍ وعشرينَ ألفِ حديثٍ وأثر.

وروى في تفسيرِه المعروفِ بتفسيرِ عبدِ الرزّاقِ الصنعانيّ ثلاثةَ آلافٍ وأربعمائةٍ وثلاثينَ حديثاً وأثراً

له بالمُكرّر:

في صحيحِ البُخاري: مائة وسبعةَ عشرَ حديثاً

الأدبُ المُفرد للبُخاري: ستّة أحاديث.

خلقُ أفعالِ العبادِ للبُخاري: ثلاثة أحاديث.

صحيحُ مُسلم: أربعمائة وعشرة أحاديث.

مسندُ أحمد: ألف وخمسمائة وأربعونَ حديثاً...

12ـ عبدُ اللهِ ابنُ لهيعة (ت 174هـ)

قالَ ابنُ عدي عنه: «مفرطٌ في التشيّع». ميزانُ الاعتدال، ج 2، ص 483.

والافراطُ في التشيّعِ أو الغلوّ في التشيّعِ هوَ الترفّضُ وهوَ تفضيلُ عليّ ع على الشيخين .

بلغَ مجموعُ مرويّاتِه في الكتب، ـ مكرّرةً ـ ثلاثة آلافٍ وثمانمائة وتسعة وخمسونَ حديثاً.

روى لهُ البُخاري في صحيحِه مقروناً: خمسة أحاديث.

صحيحُ مُسلم: حديثان.

مسندُ أحمد: سبعمائة وثمانيةَ عشرَ حديثاً...

13ـ عبدُ الملكِ بنُ أعين (تُوفّيَ قبلَ 150 هـ)

روى له البُخاري حديثاً متابعةً، وروى له مُسلمٌ، وهو صدوقٌ عندَ الذهبي وابنِ حجر.

لم يكُن عبدُ الملكِ رافضيّاً فقط يقولُ بالتفضيل، بل كانَ مِن غلاةِ الرّافضة.

قيلَ فيه كما في ترجمتِه : قالَ سُفيان : «كانَ عندنا رافضيّاً»

وقالَ حامدٌ عن سفيانَ بنِ عيينة: هُم ثلاثةُ أخوةٍ، عبدُ الملكِ وزُرارة وحمران، روافضٌ كلّهم، أخبثُهم قولاً عبدُ الملك. راجِع : تهذيبَ التهذيب، ج 6، ص 342 ـ 343.

وقالَ الذهبي : «وهوَ صادقٌ في الحديثِ لكنّه مِن غلاةِ الرّافضة». ميزانُ الاعتدال، ج 2، ص 651 ـ 652.

روى عنه الجمهورُ خمسةَ عشرَ حديثاً مُكرّراً .

14ـ عبيدُ اللهِ بنُ موسى العبسي (213هـ)

قالَ الذهبي: ( عبيدُ الله بنُ موسى العبسيّ الكوفي، شيخُ البُخاري، ثقةٌ في نفسِه، لكنّه شيعيٌّ مُتحرّقٌ) ميزانُ الاعتدال، ج 3، ص 16.

قالَ أحمدُ بنُ حنبل: ( حدّثَ بأحاديثِ سوءٍ وأخرجَ تلكَ البلايا، فحدّثَ بها.... قالَ ابنُ مندة: كانَ أحمدُ بنُ حنبل يدلُّ الناسَ على عُبيد الله، وكانَ معروفاً بالرّفض، لم يدَع أحداً اسمُه معاويةَ يدخلُ دارَه، فقيلَ: دخلَ عليهِ معاويةُ بنُ صالحٍ الأشعري، فقالَ: ما اسمُك؟ قالَ: معاوية. قالَ: واللهِ لا حدّثتُك ولا حدّثتُ قوماً أنتَ فيهم) سيرُ أعلامِ النبلاء، ج 9، ص 554 – 557

قالَ الدكتورُ بشار عوّاد ـ مُحقّقُ كتابِ تهذيبِ الكمال ـ: ( قد أخرجَ له ـ عبيدُ الله ـ الشيعةَ في كتبِهم وعدّوهُ مِن أصحابِ الصّادق... وكلُّ هذا يدلُّ على تشيّعِه، فيُنظرُ في أمرِ توثيقِه، والأَحسنُ التوقّفُ في توثيقِه مُطلقاً) تهذيبُ الكمال، 19 – 170

رووا عن عُبيدِ الله مُكرّراً ألفين ومائةٌ وخمسةٌ وخمسونَ حديثاً ، لهُ في:

صحيحِ البُخاري: ستة وثلاثون حديثاً.

صحيحِ مُسلم: ثمانية عشرَ حديثاً...

15ـ عديُ بن ثابت (ت 116هـ)

قالَ الذهبي: (عديّ بن ثابتٍ، تابعيٌّ كوفيٌّ شيعيٌّ جلدٌ ثقةٌ، معَ ذلكَ وكانَ قاصَّ الشيعةِ وإمامَ مسجدِهم، قالَ المسعودي: ما أدرَكنا أحداً أقولُ بقولِ الشيعةِ مِن عُديٍ بنِ ثابت، وفي نسبِه اختلافٌ. وقالَ ابنُ مُعين: شيعيٌّ مفرطٌّ ، وقالَ الدارقطني: رافضيٌّ غالٍ). المُغني في الضعفاء، ج 2، ص 54، تهذيبُ التهذيب، ج 7، ص 149 – 150

رويَ عن عدي مكرّراً سبعمائة وأربعة وثمانونَ حديثاً .

له في :

صحيحِ البُخاري: ثلاثة وعشرونَ حديثاً.

صحيحِ مُسلم: أحدَ عشرَ حديثاً.

مسندِ أحمد: ثمانية وسبعونَ حديثاً...

16ـ عوفُ بن أبي جميلة (ت 146ه‍)

قالَ الذهبي : ( وقالَ بندار: كانَ قدريّاً، رافضيّاً. قلتُ: لكنّه ثقةٌ مكثر). سِيَرُ أعلامِ النبلاء، ج 6، ص 383 ـ 384.

في هذا النصِّ ما يكفي للدّلالةِ على قولِ عوفٍ بالتفضيلِ ، فالرّافضيُّ هو مَن يُفضّلُ عليّاً ع على الشيخين.

رووا عنهُ مُكرّراً ستمائة وخمسة أحاديث.

لهُ في صحيحِ البُخاري: عشرةُ أحاديث.

صحيحُ مُسلم: حديثٌ واحدٌ.

مسندُ أحمد: ثلاثة وثلاثون حديثاً...

17ـ أبو نعيمٍ الفضلُ بنُ دكين (ت219هـ)

مِن شيوخِ البُخاري ومُسلم، ثقةٌ بالاتّفاق

كانَ يقولُ بتفضيلِ عليٍّ ع على الشيخين ، وكانَ يكتمُ تشيّعَه.

قالَ الذهبي: (وبلغَنا عن أبي نعيمٍ أنّه قالَ: حبُّ عليٍّ (رضيَ اللهُ عنه) عبادةٌ، وخيرُ العبادةِ ما كُتم).

روى الخطيبُ البغدادي : ( حدّثني أحمدُ بنُ ميثم بنِ أبي نعيم، قالَ: قدمَ جدّي أبو نعيمٍ الفضلُ بنُ دُكين بغدادَ ونحنُ معه، فنزلَ الرمليةَ، ونُصِبَ له كرسيٌّ عظيم، فجلسَ عليه ليُحدّثَ، فقامَ إليهِ رجلٌ ظننتُه مِن أهلِ خراسان، فقالَ: يا أبا نعيم أتتشيّع؟ فكرهَ الشيخُ مقالتَه، وصرفَ وجهَه، وتمثّلَ بقولِ مُطيعٍ بنِ إياس:

وما زالَ بي حبيكاً حتّى كأنّني * برجعِ جوابِ السائلي عنكَ أعجم

لأسلمَ مِن قولِ الوشاةِ وتسلمي * سلمتُ وهل حيٌّ على الناسِ يسلم؟

فلم يفقَه الرّجلُ مُرادَه، فعادَ سائلاً فقالَ: يا أبا نعيمٍ أتتشيّع؟ فقالَ الشيخ: يا هذا، كيفَ بُليتُ بكَ، وأيّ ريحٍ هبَّت إليَّ بك؟ سمعتُ الحسنَ بنَ صالح، يقولُ: سمعتُ جعفرَ بنَ مُحمّدٍ يقول: حبُّ عليٍّ عبادةٌ، وأفضلُ العبادةِ ما كُتم). تاريخُ بغداد، ج 12، ص 346 – 347؛ المُنتظم لابنِ الجوزي، ج11، ص 46؛ تاريخُ دمشق لابنِ عساكر، ج58، ص 369.

وقد وردَ هذا النصُّ عندَ الإماميّةِ بزيادةِ كلمةِ نعم. بشارةُ المُصطفى، ص 142.

وممّا يصلحُ لتأييدِ تشيّعِه الإماميّ أنَّ محمّدَ بنَ أبي يونسَ الإماميّ كانَ ورّاقاً له لأبي نعيم . فهرستُ أسماءِ مُصنّفي الشيعة، ص330.

فكيفَ يكونُ محمّدُ بنُ تسنيم ورّاقاً لديه ؟ ومنَ المُحتملِ أن يدخلَ أحاديثَ الشيعةِ في كتبِه، ولا يندفعُ هذا إلاّ بالقولِ إنّ هناكَ توافقاً عقائديّاً بينهما.

ومنَ القرائنِ التي يمكنُ أن تُضافَ لإثباتِ ترفّضِ الفضلِ بنِ دكين، أنَّ أحمدَ بنَ ميثم بنِ الفضلِ بنِ دكين، قد كانَ شيعيّاً إماميّاً مِن رواةِ حديثِ الأئمّة، ومِن أصحابِ الأُصول، والولدُ سرُّ أبيه، قالَ الشيخُ الطوسي في الفهرست: أحمدُ بنُ ميثم بنِ أبي نعيمٍ الفضلِ بنِ عمرو - ولقبَه دكين - ابنُ حمّاد، مولى آلِ طلحةَ بنِ عُبيد الله، أبو الحُسين، كانَ مِن ثقاتِ أصحابِنا الكوفيّينَ وفقهائِهم، وله مُصنّفاتٌ). الفهرست، ص70.

قالَ ابنُ ماكولا: (وبنو ميثمَ جماعةٌ مِن شيوخِ الشيعة!). إكمالُ الكمال، ج 7، ص 205

وقالَ الذهبيّ في حفيدِه: (أحمدُ بنُ ميثم بنِ أبي نعيمٍ الفضلِ بنِ دكين الكوفي... وكانَ مِن أجلاّءِ الشيعةِ وكبارِهم، له مصنّفاتٌ عندَهم!). أعيانُ الشيعة، ج 1، ص 149

وعدَّ العقيليُّ عمرانَ بنَ ميثمٍ مِن كبارِ الرّافضة!

ضعفاءُ العقيلي، ج3، ص 306.

قالَ المؤرّخُ خيرُ الدّينِ الزركلي: (أبو نعيمٍ: محدّثٌ حافظٌ، مِن أهلِ الكوفةِ، مِن شيوخِ البُخاري ومُسلم، وكانَ إماميّاً). الأعلام، ج 5، ص 148

قالَ عُمر كحّالة: (أبو نعيمٍ فقيهٌ، مِن أصحابِ الحديث، مِن أهلِ الكوفة، أخذَ عنهُ البُخاري ومُسلم، وكانَ إماميّاً). مُعجمُ المؤلِّفين، ج 8، ص 67.

نسبَ أعلامُ الإماميّةِ الفضلَ بنَ دكين إليهم صراحةً وعدّوهُ مِن رجالهم .

قالَ الذهبي: (وكانَ أبو نعيمٍ يحفظُ حديثَ الثوريّ حفظاً جيّداً - يعني الذي عندَه عنه - قاَل: وهوَ ثلاثةُ آلافٍ وخمسمائةُ حديثٍ، ويحفظُ حديثَ مسعر، وهوَ خمسمائةِ حديثٍ) سِيَرُ أعلامِ النبلاء، ج 10، ص 148.

لهُ مُكرّراً :

صحيحُ البُخاري: ذكرَ له خمسَ روايات.

صحيحُ مُسلم: خمس روايات.

مسندُ أحمَد: واحدة وثلاثونَ رواية ...

18 ـ محمّدُ بن جُحادةَ الكوفي (ت 131هـ)

قالَ الذهبيّ في المُغني: (محمّدُ بن جحادة: تابعيٌّ ثقةٌ. قالَ أبو عوانةَ الوضّاح: كانَ يغلو في التشيّع). المُغني في الضّعفاء، ج 2، ص 274؛ سيرُ أعلامِ النبلاء، ج 6، ص 174 ـ 175.

رويَ عنه مُكرّراً في كتبِ الحديثِ مائتانِ وستٌّ وستّونَ روايةً.

لهُ في صحيحِ البُخاري: ثلاثُ روايات.

صحيحُ مسلمٍ: روايةٌ واحدة.

مسندُ أحمَد: إحدى عشرَ رواية ...

19ـ محمّدُ بن خازم أبو معاويةَ الضّرير (ت 195هـ)

قالَ الذهبيّ : ( وقالَ الحاكم: احتجَّ به الشيخان. وقد اشتهرَ عنه الغلوّ، أي غلوّ التشيّع...). ميزانُ الاعتدالِ في نقدِ الرّجال، ج 4، ص 575.

رويَ له مُكرّراً 110 أحاديث، له في صحيحِ البُخاري: حديثان. صحيحُ مُسلم: حديثان...

20ـ محمّدُ بن فُضيلٍ بنِ غزوان (ت 195هـ)

قالَ الذهبي: (محمّدُ بن فضيل بنِ غزوان ثقةٌ مشهورٌ لكنّه شيعيّ). المُغني في الضّعفاء، ج 2، ص 362.

ذكرَه ابنُ حِبّان في الثقاتِ، وقالَ: ( كانَ يغلو في التشيّع).

وفي خُلاصةِ تهذيبِ الكمالِ الخزرجي، ص 356. قالَ عنه : (شيعيٌّ غالٍ باطنُه لا يسبُّ).

اعتنى الإماميّةُ بأمرِه فذكرَه الشيخُ الطوسي في أصحابِ الإمامِ الصّادق (ع) ووثقّه. رجالُ الطوسي، 292.

وقالَ عبدُ الحُسين الشبستري فيه: (محدّثٌ إماميٌّ ثقةٌ، مفسِّر، مقرئٌ، حافظٌ، مؤلِّفٌ). الفائقُ في رواةِ وأصحابِ الإمامِ الصّادق (ع)، ج 3، ص 167 ـ 168.

بلغَت أحاديثُه مُكرّرةً أكثرَ مِن ألفِ حديث !

صحيحُ البُخاري: ثمانيةَ عشرَ حديثاً.

صحيحُ مُسلم: تسعٌ وعشرونَ حديثاً.

مسندُ أحمد: تسعةٌ وتسعون حديثاً ...

21ـ مخولٌ بنُ إبراهيم (ت في حدودِ القرنِ الثالثِ الهجري)

قالَ الذهبي : (مخولُ بن إبراهيم بنِ مخولٍ بنِ راشدٍ النهديّ الكوفي، رافضيٌّ بغيض، صدوقٌ في نفسه...) لسانُ الميزان، ج 6، ص 11.

وقالَ العقيلي : (كانَ يغلو في الرّفض). ضعفاءُ العقيلي، ج 4، ص 262.

رويَ عنهُ مُكرّراً إثنانِ وأربعونَ حديثاً في مُستدركِ الحاكمِ ومعاجمِ الطبراني ...

22ـ وكيعُ بن الجرّاح ( ت 197هـ)

ثقةٌ باتّفاقِ أهلِ الرّجال. قالَ الذهبي : ( (وقالَ يحيى بنُ معين: وجدتُ عندَ مروانَ بخطِّه: وكيعٌ مُحدّثٌ رافضيّ، فقلتُ له: وكيعٌ خيرٌ منك. فسبّني) ميزانُ الاعتدال، ج 4، ص 94.

هذهِ شهادةٌ مُهمّةٌ مِن مروانَ بنِ معاويةَ بترفّضِ وكيعٍ، وقد وصفَ الذهبيُّ مروانَ هذا بالمُحدّثِ الحافظِ العالمِ الثقةِ، ووثّقه: أحمدُ، وابنُ المديني، وابنُ شيبةَ، والعجليّ، وأبو حاتمٍ، وابنُ سعدٍ، وابنُ حِبّان، وابنُ حجر، وغيرُهم راجِع ترجمتَه في ميزانِ الاعتدال، ج4، ص 93؛ تهذيبُ التهذيب، ج10، ص 88.

يلاحظُ أنّ جوابَ ابنِ مُعين كانَ مُتسرّعاً، ولم يقبَل بما كتبَه مروانُ عن وكيع، بالرّغمِ مِن أنَّ مروانَ ثقةٌ عندَ أهلِ الحديثِ وعندَ ابنِ مُعين خاصّةً، فقد قالَ فيه: ثقةٌ ثقة. وهيَ مِن أعلى درجاتِ التوثيقِ لديه. تهذيبُ التهذيب، ج10، ص 88.

وقد عدَّ بعضُ الرّجالِ منَ الإماميّةِ وكيعاً منهم.

بلغَت أحاديثُه في كتبِ الحديثِ المُختلفة ـ مُكرّراً ـ ستّةَ عشرَ ألفاً وستمائةً وثلاثة عشرَ حديثاً!!

له في صحيحِ البُخاري: ثلاثةٌ وخمسونَ حديثاً.

صحيحُ مُسلم: ثلاثمائةٍ وخمسونَ حديثاً.

سننُ ابنِ ماجة: أربعمائة وخمسةٌ وسبعون حديثاً.

السننُ الكُبرى للنسائي: مائةٌ وستّون حديثاً.

مسندُ أحمد: ألفٌ وثمانمائةٍ وتسعونَ حديثاً ...

فهؤلاءِ 22 راوياً وقعوا في أسانيدِ السنّةِ ورووا الكثيرَ لهم، كانوا يفضّلونَ عليّاً ع على الشيخين، ويوجدُ غيرُهم الكثيرُ أمثال: الأعمشِ الذي نسبوهُ للسبئيّةِ وسعيدِ بنِ جبير وسعيدِ بنِ المسيّب وعبّادِ بنِ يعقوب وسعيدِ بنِ محمّد الجرمي وشريكِ بنِ عبيدِ الله والحارثِ بنِ حصيرة وسالمٍ بنِ أبي حفصة وعبدِ الرّحمنِ بنِ صالحٍ الأزدي ...