مقتل أمير المؤمنين (ع) في مصادر أبناء العامة

652 - أريدُ القصّةَ الكاملةَ لمقتلِ عليٍّ ابنِ أبي طالب وأنا مُسلمٌ سنّي وليسَ شيعي؟

: سيد حسن العلوي

الجوابُ:

مقتلُ أميرِ المؤمنينَ عليّ بنِ أبي طالب (عليهِ السلام) ذكرَه المؤرّخونَ منَ الشيعةِ والسنّة، وهيَ معروفةٌ في كتبِ التاريخ، وسننقلُ ما ذكرَه العالمُ السُنّي والمؤرّخُ الكبير سبطُ ابنِ الجوزيّ الحنفيّ في تذكرةِ الخواص، حيثُ قال:

قالَ أهلُ السّير: مِنهم محمّدُ بنُ اسحاق و هشامُ بنُ محمّد و السّدي و غيرُهم اجتمعَ ثلاثةٌ منَ الخوارج: عبدُ الرحمن بنُ ملجم المُرادي وهوَ مِن حِميَر و قيلَ مِن مُضر، والبركُ بنُ عبدِ اللّه التميمي الصريمي وقيلَ اسمُه الحجّاج، وعمرو بنُ بكرٍ السهمي السعدي، و كانَ اجتماعُهم بمكّةَ عندَ انقضاءِ الحج، فتذكّروا قتلى النهروان الذينَ قتلَهم عليّ (ع) وبكوا وترحّموا عليهم وقالوا ما نصنعُ بالبقاءِ بعدَهم فإنّهم إخوانُنا لم يأخُذهم في اللّهِ لومةُ لائم، ثمَّ تذكّروا ما لقيَ الناسُ يومَ الجمل وصفّين بينَ عليٍّ (ع) ومعاويةَ وعمرو ابنِ العاص، وقالوا لو شرينا أنفسَنا وقتَلنا أئمّةَ الضلالةِ وأرَحنا المُسلمينَ مِنهم و البلادَ والعباد وثأرنا بهم إخواننا.

فقالَ ابنُ ملجم أنا أكفيكُم ابنَ أبي طالب، وقالَ البركُ وأنا أكفيكُم معاوية، وقالَ عمرو وأنا لعمرو بنِ العاص، فدخلوا الكعبةَ و تحالفوا فيها و تعاهدوا و تعاقدوا أن لا ينكصَ أحدٌ مِنهم على صاحبِه الذي توجّهَ إليه حتّى يَقتلهُ أو يُقتلَ دونه، ثمَّ أخذوا سيوفَهم فسمّوها و تعاهدوا أن يكونَ الاجتماعُ في السابعِ والعشرين مِن شهرِ رمضان و قصدَ كلُّ واحدٍ منهم الجهةَ التي يريدها.

فأمّا ابنُ ملجم فقصدَ الكوفةَ فتلقّاهُ أصحابُه منَ الخوارج فكاتمَهم ما يريد أو كانَ يزورُهم و يزورونَه و هوَ ساكتٌ مخافةَ أن يظهرَ شيءٌ ممّا قدمَ له وأنّه زارَ يوماً أصحاباً له مِن بني تيم الرّباب و كانَ عليٌّ (ع) قتلَ مِنهم يومَ النهروان عدّةً فرأى مِنهم امرأةً يقالُ لها قطامُ بنتُ شجنة بنِ عدي بنِ عامر و كانَ أميرُ المؤمنينَ قتلَ أباها و أخاها يومَ النهروان و كانَت فائقةَ الجمال فعشقَها وأخذَت بمجامعِ قلبِه و عقلِه و نسيَ الأمرَ الذي قدمَ لأجلِه فخطبَها فقالَت لا أتزوّجُك حتّى تُعطيني ثلاثةَ آلافِ دِرهم و عبداً و قينةً و تقتلَ عليّ بنَ أبي طالب فقالَ لكِ الدراهمُ و العبدُ و القينة و أمّا قتلُ ابنِ أبي طالب فما أراكِ ذكرتيه لي و أنتِ تُريدينني فكيفَ أصنعُ به قالت التمسَ غرّتَه فإن أصبتَه شفيتَ نفسي و نفسَك و نفعكَ العيشُ معي و أخذتَ بثأرِ الأحبّةِ وإن قُتلتَ فما عندَ اللّهِ خيرٌ و أبقى؛ فقالَ و اللّهِ ما جاءَ بي إلّا هذا. قالَ وهبُ بنُ منبه: فقالَ الشاعرُ فيها:

و لم أرَ مهراً ساقَه ذو سماحةٍ *** كمهرِ قطامٍ بيننا غيرُ مُعجم

ثلاثةُ آلافٍ و عبدٌ وقينة *** و قتلُ عليٍّ بالحُسامِ المُصمم

فلا مهرَ أغلى مِن عليٍّ وإن غلا *** و لا فتكَ إلّا دونَ فتكِ ابنِ ملجم

ورويَ: أنَّ ابنَ ملجم دخلَ بها فلمّا فرغَ مِنها ازدادَ عشقاً لها فقالَت له و اللّهِ لا تُساكنّي حتّى تقتلَ عليّاً ثمَّ قالت إنّي سأطلبُ لكَ رجلاً يُساعِدك على أمرِك فبعثَت إلى رجلٍ مِن قومِها مِن تيم الرّباب يقالُ له وردان بنُ مُجالد فكلّمَته في ذلكَ فأجابَها ثمَّ أتى ابنُ ملجم رجلاً مِن أشجعِ مَن في الخوارج فقالَ له هل لكَ في شرفِ الدّنيا و الآخرة و اسمُ الرّجلِ شبيبُ بنُ بجرة فقالَ له و ما هو؟ قالَ قتلُ ابنِ أبي طالب فقالَ له ثكلَتكَ أمُّك لقد جئتَ شيئاً نكراً قال كيفَ تصلُ إليه قالَ أكمنُ له في المسجدِ فإذا خرجَ لصلاةِ الغداةِ شدَدنا عليهِ فقتلناه وإن نجَونا شفينا أنفسَنا وأدرَكنا ثارَنا وإن قُتِلنا فما عندَ اللّه خيرٌ وأبقى فأجابَه إلى قطام و كانَت مُتعكفةً في المسجدِ الجامع قد ضربَت عليها قبّةً فأخبراها فقالَت متى عزمتُما فقالا الليلةَ و كانَت ليلةَ الجُمعة فكمَنا عندَها و جاءَ إلى وردان فعصّبَتهم قطامُ بالحرير فأخذوا أسيافَهم و جلسوا مقابلَ السدّةِ التي يخرجُ مِنها أميرُ المؤمنين.

و ذكرَ بعضُهم أنَّ الأشعثَ بنَ قيس كانَ مواطئاً لهم على قتلِ أميرِ المؤمنين فاجتمعوا في الليلِ في المسجد و كانَ حجرُ بنُ عدي نائماً في المسجد فسمعَ الأشعثَ يقول لهم أسرعوا فقد ضحكَ الصُّبح فقالَ له حِجر ما تقولُ يا أعور ثمَّ قصدَ عليّاً (ع) ليُخبرَه فوجدَه قد جاءَ مِن موضعٍ آخر.

فقيلَ: فخرجَ يريدُ صلاةَ الصّبح فأقبلنَ الأوزّ يصحنَ في وجهِه فقالَ إنهنَّ نوايح فلمّا حصلَ في المِحراب هجموا عليه فضربَه ابنُ ملجم وهوَ يقول ومنَ الناسِ مَن يشري نفسَه إبتغاءَ مرضاتِ اللّه و هربَ وردانُ و شبيبُ و صاحَ ابنُ ملجم لا حُكمَ إلّا للّه يا بنَ أبي طالب فلمّا ضربَه على قرنِه صاحَ عليٌّ (ع) لا يفوتنّكم الكلبُ فشدّوا عليه فأخذوهُ و قُتلَ وردان و نجا شبيب .

و صاحَت أمُّ كلثوم بنتُ عليّ (ع) و بكَت و قالت أي و اللّهِ لا بأسَ على أبي و اللّهُ يجزيك فقالَ فعلى مَن تبكينَ فواللّهِ ضربتُه بسيفٍ اشتريتُه بألف و سممَتُه بألف فإن خانَني أبعدَه اللّه و لو كانَت هذه الضربةُ بأهلِ مُضر لَما بقيَ مِنهم أحدٌ و تأخّرَ عليٌّ (ع) عن المحرابِ و قدمَ جعدةُ بنُ هبيرة فصلّى بالناسِ الفجرَ و حملَ عليّاً (ع) إلى القصر و قالَ عليَّ بالرّجلِ فأُدخلَ عليه فقالَ أي عدوَ اللّه ألم أُحسِن إليك؟ قالَ بلى قالَ فما حملكَ على هذا أشارَ عليٌّ (ع) الى إحسانِه إليه و حملِه على الأشقر.

و في روايةٍ أنّه قالَ له و لقد كنتُ أعلمُ إنّكَ قاتِلي وإنّما أحسنتُ إليكَ لاستظهرَ باللّهِ عليك ثمَّ قالَ لبنيه قالَ يا بُنيّ إن هلكتُ فالنفسُ بالنفس اقتلوهُ كما قتلني وإن بقيتُ رأيتُ فيه رأياً.

و في رواية: و إن عشتُ فضربةٌ بضربة أو أعفو، و في روايةٍ إنَّ زينبَ قالَت له يا ملعون قتلتَ أميرَ المؤمنين قالَ إنّما قتلتُ أباكَ ثمَّ حُبس. (تذكرةُ خواصِّ الأمّةِ لسبطِ ابنِ الجوزي، ص160 وما بعد.)

وعن ابنِ أبي الدنيا قالَ: حدّثني هارونُ بنُ أبي يحيى عن شيخٍ مِن قُريش أنَّ عليّاً قالَ - لمّا ضربَه ابنُ ملجم - فزتُ وربِّ الكعبة. (تاريخُ دمشق: 42 / 561، ومقتلُ أميرِ المؤمنينَ لابنِ أبي الدنيا ص39).

وللحادثةِ تفاصيلُ كثيرة، يمكنُكم الاِطّلاعُ عليها مِن خلالِ بعضِ هذه المصادر.

لاحِظ:

1ـ مقتل أميرِ المؤمنينَ لابنِ أبي الدنيا.

2ـ الطبقات الكُبرى لابنِ سعد، جـ 3

3- تاريخ مدينةِ دِمشق لابنِ عساكر، جـ 42

4ـ أسد الغابةِ لابنِ الأثير، جـ 4

5ـ مروج الذهبِ للمسعودي، جـ 2

6ـ المنتظم لابنِ الجوزي، جـ 5

7ـ الكامل في التاريخِ لابنِ الأثير، جـ 3

8ـ إعلام الورى للطبرسي، جـ 1