ما هي حدود حرية التعبير؟

ما هيَ حدودُ حرّيّةِ التعبير وفقَ منظورِ الدّين.. وهل الإسلامُ كفلَها للجميع؟ حتّى لو الآراءُ تعارضُ بعضَ أحكامِه.. حيثُ أنَّ المُسلمينَ في الغربِ يُطالبونَ بالحُرّيّاتِ وحقِّ التعبيرِ وفي بلادِ المُسلمين هناكَ منعٌ لبعضِ الفئاتِ منَ التعبيرِ عن عقائدِهم بدعوى أنّها كفرٌ أو ضلال؟

: الشيخ معتصم السيد احمد

الجوابُ:

يؤكّدُ الإسلامُ على حُرّيّةِ التعبيرِ كحقٍّ أساسيّ يجبُ أن يتمتّعَ بهِ الجميع، فالحُرّيّةُ منَ الشروطِ الأساسيّةِ لتحقيقِ النهوضِ والتطوّرِ والازدهارِ في المُجتمعاتِ الإسلاميّة. وبناءً عليه، تقعُ على عاتقِ المُسلمينَ مسؤوليّةُ احترامِ حقوقِ الآخرينَ في العيشِ والتعبيرِ عن آرائِهم ومُعتقداتهم.

معَ ذلك، يجبُ أن يتمَّ تقييدُ هذا الحقِّ بمجموعةٍ منَ القيودِ والشروط، حتّى لا يتعارضَ التعبيرُ معَ حقوقِ الآخرين. فحُرّيّةُ التعبيرِ لا تعني الإساءةَ للدّين أو للقيمِ الإسلاميّة أو إثارةَ الفتنةِ في المُجتمعاتِ الإسلاميّة. وبالتالي، يتعيّنُ على المُتحدّثينَ ممارسةُ حقّهم بمسؤوليّةٍ ووعيٍ تجاهَ الواجباتِ الاجتماعيّةِ والأخلاقيّة.

ومنَ المُهمِّ فهمُ أنَّ هناكَ اختلافاتٍ كبيرةً في الأنظمةِ القانونيّةِ والسياسيّةِ والاجتماعيّةِ والثقافيّة بينَ الدّولِ الإسلاميّةِ المُختلفة، وقد تختلفُ القوانينُ والتطبيقاتُ في بعضِ هذه البلدان. ولذلكَ، يجبُ التعاملُ مع هذا الموضوعِ بحكمةٍ وتوازن، والعملُ على تحقيقِ توازنٍ بينَ حرّيّةِ التعبيرِ واحترامِ القيمِ الإسلاميّةِ وحقوقِ الآخرين. ويمكنُ تحقيقُ ذلكَ مِن خلالِ الحوارِ والتفاهمِ بينَ الأفرادِ والجماعاتِ المُختلفة، والعملِ على تعزيزِ الوعي بحقوقِ الإنسانِ وقيمِ الحُرّيّةِ والتسامحِ في المُجتمعاتِ الإسلاميّة.

بالإضافةِ إلى ذلكَ، يجبُ على الجميعِ النظرُ إلى حرّيّةِ التعبيرِ على أنّها فرصةٌ لتعزيزِ النقاشِ والحوارِ البنّاءِ حولَ القضايا المُختلفة، وليسَ فرصةً للتعرّضِ للآخرينَ أو إهانتِهم، فالواجبُ أن يعبّرَ الجميعُ عن آرائِهم ومُعتقداتِهم من دونِ خوفٍ أو تهديد، وفي نفسِ الوقتِ يجبُ أن يكونَ ذلكَ في ظلِّ الاحترامِ المُتبادلِ بينَ المُختلفينَ في الآراءِ والمواقف، وبهذا الشكلِ تصبحُ حُرّيّةُ التعبيرِ مِن أهمِّ العواملِ المُساهمةِ في إزالةِ أسبابِ التوتّرِ والانقساماتِ في المُجتمعاتِ الإنسانيّة.

وأخيراً، يجبُ على المُسلمينَ العملُ على نشرِ الوعيّ بأهمّيّةِ حُرّيّةِ التعبيرِ والدفاعِ عنها، وذلكَ مِن خلالِ التعليمِ والتوعيةِ والنشرِ والإعلام، وتعزيزِ الثقافةِ الحواريّةِ والتعايشِ السلميّ بينَ الثقافاتِ المُختلفة. وعندَما يعملُ الجميعُ على تحقيقِ هذهِ الأهداف، فإنَّ حُرّيّةَ التعبيرِ ستكونُ على ما يُرام في المُجتمعاتِ الإسلاميّة، وستساهمُ في نهضتِها وتطوّرِها وازدهارِها.