هل ذُكِرَ اي شيء عن علم الامام المهدي وكيف سيكون في ظهوره امام الناس ؟

إذا أمكنَ أن تذكروا لنا شيئاً عن علمِ الإمامِ المهديّ، وأيضاً كيفَ سيكونُ في ظهورِه عجّلَ اللهُ فرجَه أمامَ الناس؟

: الشيخ علي محمد عساكر

الجوابُ:

بحسبِ فهمِنا للسؤالِ فهوَ يتكوّنُ مِن شقّين: مصادرُ علمِ الإمامِ المهدي، والعلمُ الذي سيُظهرُه بعدَ ظهورِه عجّلَ اللهُ فرجَه، وسيكونُ حديثُنا عنهما الواحدَ تلوَ الآخر إن شاءَ الله.

مصادرُ علمِ الإمامِ المهدي:

مصادرُ علمِ الإمامِ المهدي هيَ مصادرُ علمِ آبائِه وأجدادِه المعصومينَ عليهم السلام، ومِنها:

أوّلاً- إيراثُ الكتاب:

إنَّ اللهَ تعالى -كما أنزلَ القرآنَ على نبيّه- كذلكَ أورثَه أهلَ بيتِ نبيّه، كما يقولُ تعالى في الآيةِ (32) مِن سورةِ فاطر: (ثُمَّ أَورَثنَا الكِتَابَ الَّذِينَ اصطَفَينَا مِن عِبَادِنَا ۖ)، وقد وردَ عن الباقرين الصّادقين -كما في المُجلّدِ الرّابع، الجزء الثّامن، ص638 مِن مجمعِ البيانِ- أنّهما قالا عندَ تفسيرِهما هذهِ الآية: (هيَ لنا خاصّةً، وإيّانا عنى). فالنبيُّ مُحيطٌ بالعلومِ القرآنيّة، كونَ القرآنِ أُنزلَ على قلبِه، كما يقولُ عزَّ وجلّ في الآياتِ 192-194 مِن سورةِ الشعراء: {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَىٰ قَلبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ}، وما للرّسولِ منَ العلمِ بالقرآنِ هوَ لأهلِ بيتِه أيضاً، لأنَّ اللهَ أورثَهم إيّاه، وكونُ الإمامِ المهديّ مِن أهلِ البيتِ فهوَ ممَّن أورثَهم اللهُ القرآنَ وعلومَه.

ثانياً-اطّلاعُهم على الغيب:

ولا شكَّ أنَّ علمَ الغيبِ مُنحصرٌ في الله، لكنّه عزَّ وجل أطلعَ صفوةَ عبادِه على بعضِ غيبِه كما يدلُّ على ذلكَ صريحُ القرآنِ الكريم، كما في قولِه في الآيتين (26-27) مِن سورةِ الجن: {عَالِمُ الغَيبِ فَلَا يُظهِرُ عَلَىٰ غَيبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ}، والآيةُ صريحةٌ في أنَّ اللهَ قد أطلعَ مَن ارتضاهُم منَ الرّسلِ على بعضِ غيبِه، ولا شكَّ أنَّ النبيَّ هوَ صفوةُ مَن اصطفاهُم وارتضاهُم، وأطلعَهم على غيبِه عزَّ وجلّ، وما أطلعَ اللهُ عليهِ نبيَّهُ انتهى إلى أهلِ بيتِ نبيّه، كما في الحديثِ عن الصّادق: (إنَّ للهِ عزَّ وجلّ عِلمين: علماً عندَه لم يُطلِع عليهِ أحداً مِن خلقِه، وعلماً نبذَه إلى ملائكتِه ورسلِه، فما نبذَه إلى ملائكتِه ورسلِه فقد انتهى إلينا) فراجِعه وغيرَه في بابِ (أنَّ الأئمّةَ يعلمونَ جميعَ العلومِ التي خرجَت إلى الملائكةِ والرّسلِ والأنبياء) مِن ج1ص313-314 مِن أصولِ الكافي.

والاعتقادُ بأنَّ اللهَ قد أطلعَ صفوةَ خلقِه على بعضِ غيبِه، ممّا تعتقدُه الأمّةُ الإسلاميّة، وقد قالَ البيضاويّ عندَ تفسيرِ الآيةِ (179) مِن سورةِ آلِ عمران: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطلِعَكُم عَلَى الغَيبِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ}: (وما كانَ اللهُ ليُؤتي أحدَكم علمَ الغيب، فيطّلعَ على ما في القلوبِ مِن كُفرٍ أو إيمان، ولكنّه يجتبي لرسالتِه مَن يشاءُ فيوحي إليهِ ويخبرُه ببعضِ المُغيّبات، أو ينصبُ له ما يدلُّ عليها)

وأهلُ بيتِ العِصمةِ هُم الذينَ اصطفاهُم اللهُ لمواصلةِ مسيرةِ الأنبياءِ، التي ستكتملُ في عصرِ الإمامِ المهديّ وعلى يديه، فعليهِ فقد اطلعَه اللهُ على ما أطلعَ عليهِ رسلَه وأنبياءَه منَ العلومِ الغيبيّة.

ثالثاً- التعلّمُ منَ النبي:

إذا كانَ النبيُّ يغدقُ علومَه على صنوِه ووصيّه الإمامِ عليٍّ بنِ أبي طالب، حتّى علّمَه ألفَ بابٍ منَ العلم يُفتحُ له مِن كلِّ بابٍ ألفُ باب، ثمَّ كلُّ إمامٍ لاحقٍ يستقي العلمَ منَ الإمامِ السّابق، لتنتهي السلسلةُ إلى النبيّ، الذي هوَ يتلقّى العلمَ منَ الله. فعن جابرٍ أنّه قالَ لأبي جعفرٍ الباقر: إذا حدّثتني بحديثٍ ما سندُه لي؟! فقالَ عليهِ السلام: (حدّثني أبي، عن جدِّه، عن رسولِ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله، عن جبريلَ، عن اللهِ عزَّ وجلّ، وكلُّ ما أحدّثُكم بهذا الإسناد)، وعن الإمامِ الباقرِ أيضاً: (لو أنّا حدّثنا برأينا ضلَلنا كما ضلَّ مَن كانَ قبلنا، ولكنّا حدّثنا ببيّنةٍ مِن ربّنا، بيّنَها لنبيّهِ فبيّنَها لنا)، وعن الإمامِ الصّادق: (مهمَا أجبتُكَ فيه بشيءٍ، فهوَ عن رسولِ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله، ولَسنا نقولُ برأينا مِن شيء)، إلى الكثيرِ مِن هذهِ الأحاديثِ التي تجدُ بعضَها في ج2ص172-179 مِن بحارِ الأنوار.

رابعاً-الإلهامُ وتحديثُ الملائكة:

ففي عقيدتِنا أنَّ أهلَ البيتِ مُلهمونَ مِن قِبلِ الله، ومُحدّثونَ عن طريقِ الملائكة، ففي الحديثِ أنَّ الإمامَ الباقرَ أرسلَ إلى زُرارةَ أن يُعلّمَ الحكمَ بنَ عُتيبة (أنَّ أوصياءَ محمّدٍ عليهِ وعليهم السلام مُحدّثون)، وقالَ أبو الحسنِ عليهِ السلام: (الأئمّةُ علماءُ صادقونَ مُفهّمون مُحدّثون)، وللمزيدِ مِن هذهِ الأحاديث، راجِع ج1ص161-162 مِن أصولِ الكافي، بابُ أنَّ الأئمّةَ مُحدّثونَ مُفهّمون.

والقولُ بتحديثِ الملائكةِ لبعضِ البشر مِن غيرِ أن يكونوا أنبياءَ ممّا أجمعَ عليهِ المُسلمون، وإن اختلفوا في تشخيصِ المُحدّثين، فكما ذهبَ الإماميّةُ إلى أنَّ الأئمّةَ مُحدّثون، ذهبَ غيرُهم إلى أنَّ بعضَ الصحابةِ -كالخليفةِ الثاني- مُحدّثون، بل قالَ ابنُ حجر: (وقد كثرَ هؤلاءِ المُحدّثون َفي الصّدرِ الأوّل، وحكمتُه زيادةُ شرفِ هذهِ الأمّةِ بوجودِ أمثالِهم فيها، ومضاهاةِ بني إسرائيل في كثرةِ الأنبياءِ، فلمّا فاتَ هذه الأمّةَ المُحمّديّةَ كثرةُ الأنبياء، لكونِ نبيّهم خاتمَ الأنبياء، عوّضوا تكثيرَ المُلهمين)، وللتوسّعِ راجِع ج5ص42-51 منَ الغديرِ للأمينيّ، كما يمكنُ مراجعةُ ج3ص219-221 منَ الميزانِ، لمعرفةِ الفرقِ بينَ الرّسولِ والنبيّ والمُحدّث، وكيفَ يكونُ تحديثُ الملائكة.

وعليهِ فالإمامُ المهديّ -كآبائِه وأجدادِه- هوَ ملهمٌ مِن قبلِ الله، ومُحدّثٌ مِن قِبلِ الملائكة.

خامساً- اطّلاعُهم على العلمِ الواقعي:

أيضاً اللهُ تعالى أعطى النبيَّ وأهلَ بيتِه القُدرةَ على الاطّلاعِ على أحكامِه الواقعيّة كما هيَ، وقد أوضحَ غيرُ واحدٍ هذا المعنى، ومِنهم العلّامةُ الفضليّ بقولِه في ص182-183 مِن (محاضراتٌ في الفكرِ الإسلاميّ المُعاصر) محاضرةُ (علاقةِ الإمامةِ بالأمّة): (في الشريعةِ الإسلاميّةِ هناكَ أحكامٌ ترتبطُ بالعقيدة، وهيَ ما نُسمّيها بأصولِ الدين، وهيَ: التوحيدُ والعدلُ والنبوّةُ والإمامةُ والمعاد. وأحكامٌ أخرى ترتبطُ بالعباداتِ والمُعاملاتِ وغيرِها، وما يتعلّقُ بسلوكِ الإنسانِ وأخلاقِه. وهذهِ الأحكامُ -بنوعَيها- شُرّعَت مِن قِبلِ اللهِ تعالى، لذا نُسمّيها شريعةً، فقد شُرّعَت مِن قِبلِ الباري تعالى، وأُودعَت في اللوحِ المَحفوظ، وهذا الأمرُ جارٍ في كلِّ الشرائع، مِن أوّلِ نبيٍّ حتّى نبيّنا محمّدٍ صلّى اللهُ عليهِ وآله.

مثلُ هذهِ الأحكامِ الموجودةِ في واقعِنا، يعبّرُ عنها الفقهاءُ بالأحكامِ الواقعيّة، لأنّها موجودةٌ في واقعِها، وهوَ اللوحُ المحفوظ، فتنزلُ على الأنبياءِ عن طريقِ الوحي، وتصلُ إلى الأوصياءِ عن طريقِ الإلهام. وبالإضافةِ إلى هذينِ الطريقين فإنَّ اللهَ سبحانَه وتعالى أقدرَ الأنبياءَ والأوصياءَ على الاطّلاعِ على واقعِ الأحكام، أي في واقعِها وسجلّاتِها التي سُجّلَت فيها مِن قِبلِ اللهِ تعالى، ولا يستطيعُ أيُّ إنسانٍ -إذا لم يكُن نبيّاً أو إماماً- أن يُدركَ الحُكمَ الواقعيَّ بواقعِه، فتكريماً منَ اللهِ تعالى للأنبياءِ والأوصياءِ أعطاهم القدرةَ على إدراكِ الأحكامِ الواقعيّةِ بواقعِها.

وقد أحببتُ أن أثيرَ هذه النقطةَ لأربطَ بينَ وظيفةِ النبيّ ووظيفةِ الإمام كما نعتقدُه نحن، فالأحكامُ مُثبتةٌ في سجلّاتها، ومدوّنةٌ عندَ الله تعالى هناك، فعندَما يُعطينا النبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآله حُكماً، فهذا يعني أنّه أخذَه مِن واقعِه مِن ذلكَ السجل، لا تغييرَ فيه ولا تبديل. وهذهِ القُدرةُ التي أُعطيَت للنبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآله، أًعطيَت للأئمّةِ الإثني عشر عليهم السلام، منَ الإمامِ عليّ عليهِ السلام إلى الإمامِ المهديّ عجّلَ اللهُ فرجَه الشريف، فهؤلاءِ لهُم القدرةُ أيضاً على الاطّلاعِ على الأحكامِ في واقعِها، أي أنّه عندَما يعطينا الإمامُ حُكماً، فهذا يعني أنّه أعطانا الحُكمَ الذي شرّعَه اللهُ كما هوَ في واقعِه، لا تغييرَ فيه ولا تبديلَ ولا اجتهاد).

فالإمامُ المهديّ مُطّلعٌ على العلمِ الواقعيّ كما هوَ في علمِ اللهِ تعالى، ممّا يعني أنّه لا يجتهدُ كما هوَ الحالُ في سائرِ العلماءِ، كما أنَّ علمَه علمٌ يقينيٌّ باعتبارِ اطّلاعِه على العلمِ الواقعيّ كما بيّنّاه.

بعضُ الأحاديثِ الدالّةِ على احتواءِ الإمامِ المهديّ على هذهِ العلوم:

وقد وردَت عدّةُ أحاديثَ تثبتُ وتؤكّدُ احتواءَ الإمامِ المهديّ على هذهِ العلوم، وحصولَه عليها وعلى غيرِها ممّا اختصَّه اللهُ به، ومِنها ما رواهُ العلّامةُ المجلسيّ في ج51ص36 منَ البحار، عن أبي جعفرٍ عليهِ السّلام: (إنَّ العلمَ بكتابِ اللّهِ عزَّ وجل وسنّةِ نبيّه صلّى اللّهُ عليهِ وآله وسلّم ينبتُ في قلبِ مهديّنا كما ينبتُ الزّرعُ عن أحسنِ نباتِه، فمَن بقيَ مِنكم حتّى يلقاه، فليقُل حينَ يراه: السلامُ عليكم يا أهلَ بيتِ الرّحمةِ والنبوّة ، ومعدنَ العلمِ وموضعَ الرّسالة)، وما رواهُ العلّامةُ يوسفُ بنُ الحُسينِ بنِ عليّ بنِ عبدِ العزيز المقدسيّ الشافعيّ السلميّ في ص109 وص209 وص233 مِن كتابِه (عقدُ الدُّررِ في أخبارِ المُنتظر) عنهُ عليهِ السّلام: (يكونُ هذا الأمرُ في أصغرِنا سنّاً، وأجملِنا ذكراً، يورثُه اللّهُ علماً، لا يكلهُ إلى نفسِه)، وإلى غيرِ ذلكَ ممّا لا نرى داعياً للإطالةِ بذكرِه.

هذهِ بعضُ مصادرِ علمِ الإمامِ المهديّ وآبائِه عليهم السلام، ويمكنُكَ مراجعةُ الأبوابِ التي عقدَها الكُلينيّ في المجلّدِ الأوّلِ منَ الكافي عن علومِهم وأنواعِها ولا شكَّ أنّكَ ستقفُ على العجبِ العُجاب ممّا يتعلّقُ بعلمِهم عليهم السلام، ومنَ المُهمِّ أن نُشيرَ إلى أنَّ كلَّ ما ذكرناهُ مِن مصادرِ علمِه وعلمِ آبائِه عليهم السلام يوضّحُ لنا بعضَ الفوارقِ بينَ علمِهم وعلمِ غيرِهم مِن سائرِ النّاس، ومِن ذلكَ أنَّ علمَهم علمٌ لدنيٌّ وعلمُ غيرِهم علمٌ كسبيّ، كما أنَّ علمَهم شموليٌّ وغيرُهم محصورٌ في علمٍ أو علمين، وهُم في كلِّ علمٍ وصلوا إلى أعلى درجاتِه وغيرُهم لم يُحصِّل مِن كلِّ علمٍ إلّا على القليل، وعلمُهم يقينيٌّ وموافقٌ للعلمِ الإلهيّ، وعلمُ غيرِهم ظنّيٌّ، إلى ما يمكنُ ذكرُه مِن فوارقَ تؤكّدُ امتيازَهم العلميَّ في كلِّ شيءٍ ومِن جميعِ الجوانبِ والجهات.

الإمامُ المهديُّ ونشرُ العلمِ بعدَ ظهورِه عجّلَ اللهُ فرجَه:

أمّا بعدَ ظهورِه فهوَ عجّلَ اللهُ فرجَه سينشرُ ما لم تُتِح الفرصةُ لآبائِه وأجدادِه نشرَه منَ العلوم، في مُختلفِ الحقولِ والميادين، حتّى تزدهرَ الحضارةُ العلميّةُ في كلّ مناحي الحياة، فعَن أبانَ -كما في ج52ص336 منَ البحار- عن أبي عبدِ الله عليهِ السلام قالَ: (العلمُ سبعةٌ وعشرونَ حرفاً، فجميعُ ما جاءَت بهِ الرّسلُ حرفان، فلم يعرِف الناسُ حتّى اليوم غيرَ الحرفين، فإذا قامَ قائمُنا أخرجَ الخمسةَ والعشرينَ حرفاً فبثّها في الناسِ، وضمَّ إليها الحرفين، حتّى يبثّها سبعةً وعشرينَ حرفاً).

وقطعاً ليسَ المرادُ بالحرفِ حروفَ الهجاء، وربّما هوَ تعبيرٌ عن مقياسِ العلومِ ومدى تطوّرِها، أو فيهِ إشارةٌ إلى بعضِ أنواعِها وأقسامِها، وأيّاً كانَ المعنى، فإنّه إذا كانَ ما لدينا مِن هذهِ العلومِ الهائلةِ الكثيرةِ على مختلفِ الأصعدةِ والمجالات إنّما هوَ نتيجةُ حرفينِ منَ العلمِ فقط، وإذا خرجَ الإمامُ المهديّ فإنّه سيُخرجُ بقيّةَ الحروفِ وسينشرُها بينَ الناس، فلكَ أن تتصوّرَ إلى أيّ حدٍّ سيصلُ العلمُ في عصرِه عجّلَ اللهُ فرجَه، لا شكَّ أنّه يفوقُ التصوّرَ، ولا يمكنُ أن نضعَ له حدّاً مُعيّناً!

ولا شكَّ أنّه تطوّرٌ علميٌّ هائلٌ وعظيمٌ ليسَ في العلومِ الدينيّةِ فقط كما قد يتوهّمُ البعض، بل يشملُ كلَّ مجالاتِ العلمِ والمعرفةِ مِن دونِ استثناء، بل هوَ يتجاوزُ كلَّ العلومِ المعروفةِ والمعهودةِ لدينا الآن، إلى علومٍ أخرى كثيرةٍ لا نعرفُ عنها شيئاً، ولا ندري كيفَ ستتحقّقُ، كما دلَّت الرواياتُ على ذلك، فاللهُ سيمدُّ في آذانِ وأسماعِ الشيعةِ حتّى يسمعونَ الإمامَ ويرونَه أينَما كان، ولا يبقى أهلُ بلادٍ إلّا وهُم يرونَه معَهم في بلادِهم، وتُطوى الأرضُ لأصحابِه ومَن أرادَ اللحاقَ به، وإلى غيرِ ذلكَ منَ العلومِ الخارجةِ عن المألوف، والتي ربّما بعضُها إنّما يكونُ عن طريقِ الإعجازِ والتأييدِ الإلهي.

ويمكنُ التوسّعُ في ذلكَ مِن خلالِ الرّجوعِ إلى الكتبِ المؤلّفةِ عن الإمامِ المهدي، والوقوفِ على ما تذكرُه مِن تلكَ العلوم، وما تقولهُ في شرحِها وبيانِ كيفيّةِ تحقّقِها، وآخرُ دعوانا أن الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلّى اللهُ على محمّدٍ وآله الطيّبينَ الطاهرين.