تكاثر إبليس وذرّيته

هل إبليس متزوّج؟ وكيف تتكاثر ذريّته؟

: السيد رعد المرسومي

الجوابُ:

تشيرُ بعضُ الرواياتِ إلى قُدرةِ إبليسَ على التكاثر، وأنَّ اللهَ سبحانَه وتعالى أعطى هذا الأمرَ له، ففي تفسيرِ العيّاشي 1/276 قالَ: عن جابرٍ عن النبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآله قالَ : كانَ إبليسُ أوّلَ مَن ناحَ وأوّلَ مَن تغنّى وأوّل مَن حدى قالَ : لمّا أكلَ آدمُ منَ الشجرةِ تغنّى فلمّا أهبطَ حدى به، فلمّا استقرَّ على الأرضِ ناحَ فأذكرَه ما في الجنّةِ فقالَ آدم : ربِّ هذا الذي جعلتَ بيني وبينَه العداوةَ لم أقوَ عليهِ وأنا في الجنّة، وإن لم تُعينني عليهِ لم أقوَ عليه، فقالَ الله : السيّئةُ بالسيّئة، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها إلى سبعِ مائة قالَ : ربِّ زِدني قالَ : لا يولدُ لكَ ولدٌ إلّا جعلتُ معَه ملَكين يحفظانِه قالَ : ربِّ زِدني قالَ : التوبةُ معروضةٌ في الجسدِ ما دامَ فيها الرّوح قال : ربِّ زدني قالَ : أغفرُ الذنوبَ ولا أبالي قالَ : حَسبي، قالَ فقالَ إبليسُ ربِّ هذا الذي كرّمتَ عليَّ وفضّلتَه وإن لم تتفضّل عليَّ لم أقوَ عليه، قالَ : لا يولدُ له ولدٌ إلّا ولدَ لكَ ولدان قالَ : ربِّ زِدني قالَ : تجري منهُ مجرى الدمِ في العروق، قالَ ربِّ زِدني قالَ تتّخذُ أنتَ وذُرّيّتُك في صدورِهم مساكنَ قالَ : ربِّ زِدني قالَ : تعدُهم وتمنّيهم (( وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيطَانُ إِلَّا غُرُورًا )).

وقد أشارَ العلّامةُ المجلسيّ في كتابِه البحار (ج60/ص306) إلى هذا الموضوع قائلاً: المشهورُ أنَّ جميعَ الجنِّ مِن ذُرّيّةِ إبليس، وبذلكَ يستدلُّ على أنّه ليسَ منَ الملائكةِ، لأنَّ الملائكةَ لا يتناسلونَ لأنّهم ليسَ فيهم إناث، وقيلَ: الجنُّ جنسٌ وإبليسُ واحدٌ منهم، ولا شكَّ أنَّ لهُم ذرّيّةً بنصِّ القرآنِ ومَن كفرَ منَ الجنِّ يقالُ له: شيطان. وفي الحديثِ: لمّا أرادَ اللهُ تعالى أن يخلقَ لإبليسَ نسلاً وزوجةً ألقى عليهِ الغضبَ فطارَت منهُ شظيّةٌ مِن نارٍ فخلقَ منهُ امرأتَه.

ونقلَ ابنُ خلّكان في تاريخِه في ترجمةِ الشعبي أنّه قالَ: إنّي لقاعدٌ يوماً إذ أقبلَ جمّالٌ ومعَه دنٌ فوضعَه ثمَّ جاءَني فقالَ: أنتَ الشعبيُّ؟ قلتُ: نعم، قال: أخبِرني هل لإبليس زوجةٌ؟ فقلتُ: إنَّ ذلكَ العرسَ ما شهدته، قالَ: ثمَّ ذكرتُ قولَه تعالى:

" أفتتخذونُه وذُرّيّتَه أولياءَ مِن دوني " فقلتُ: إنّه لا يكونُ ذُرّيّةٌ إلّا مِن زوجةٍ، فقلتُ: نعم، فأخذَ دنَه وانطلقَ، قالَ: فرأيتُه يختبرني.

ورويَ أنَّ اللهَ تعالى قالَ لإبليس: لا أخلقُ لآدمَ ذُرّيّةً إلّا ذرأتُ لك مثلها فليسَ أحدٌ مِن ولدِ آدم إلّا وله شيطانٌ قد قُرنَ به.

وقيلَ: إنَّ الشياطينَ فيهم الذكورُ والإناثُ يتوالدونَ مِن ذلك، وأمّا إبليسُ فإنَّ اللهَ تعالى خلقَ لهُ في فخذِه اليُمنى ذكراً وفي اليُسرى فرجاً فهوَ ينكحُ هذهِ بهذا فيخرجُ له كلُّ يومٍ عشرُ بيضات.

وذكرَ مجاهدٌ أنَّ مِن ذُرّيّةِ إبليس لاقيس وولها وهوَ صاحبُ الطهارةِ والصّلاةِ، والهفافُ وهوَ صاحبُ الصّحارى، ومرّةً بهِ يُكنّى، وزلنبور وهوَ صاحبُ الأسواقِ ويزيّنُ اللغوَ والحلفَ الكاذبَ ومدحَ السلعة. وبثر وهوَ صاحبُ المصائبِ يزيّنُ خمشَ الوجوهِ ولطمَ الخدودِ وشقَّ الجيوب، والأبيضُ وهوَ الذي يوسوسُ للأنبياء، والأعورُ وهوَ صاحبُ الزّنا ينفخُ في إحليلِ الرّجلِ وعجزِ المرأة، وداسِم وهوَ الذي إذا دخلَ الرّجلُ بيتَه ولم يُسلِّم ولم يذكُر اسمَ اللهِ تعالى دخلَ معه ووسوسَ له فألقى الشرَّ بينَه وبينَ أهله، فإن أكلَ ولم يذكُر اسمَ اللهِ تعالى أكلَ معَه، فإذا دخلَ الرّجلُ بيتَه ولم يُسلِّم ولم يذكُر اللهَ ورأى شيئاً يكرَه فليقُل: " داسمٌ داسم أعوذُ بالله مِنه " ومطرش وهوَ صاحبُ الأخبارِ يأتي بها فيُلقيها في أفواهِ الناسِ ولا يكونُ لها أصلٌ ولا حقيقة. والأقبضُ وأمّهم طرطبة، وقالَ النقّاش: بل هيَ حاضنتُهم، ويقالُ: إنّه باضَ ثلاثينَ بيضةً: عشراً في المَشرق، وعشراً في المَغرب، وعشراً في وسطِ الأرضِ، وإنّه خرجَ مِن كلِّ بيضةٍ جنسٌ منَ الشياطين كالعفاريتِ والغيلانِ والقطاربةِ والجانِّ و أسماءٍ مُختلفة، كلّهم عدوٌّ لبني آدم لقولِه تعالى: " أفتتخذونَه وذرّيّتَه أولياءَ مِن دوني وهُم لكُم عدوٌّ " إلّا مَن آمنَ منهم، وكُنيةُ إبليسَ أبو مرّة. هذا ما لدينا باختصارٍ عن موضوعِ تكاثرِ إبليس واللهُ تعالى أعلمُ بحقيقةِ الحال.

ودُمتم سالِمين.