من الأعظم الله أم الشيطان؟
من الأعظم الله أم الشيطان؟ مع العلم أنّ الله يحتاج لرسل وملائكة ليوصل لنا رسائله، بينما الشيطان يوصل لنا ما يريد بالوسوسة.
تقرير الشبهة:
إنّ الشيطان أعظم من الله (أعوذ بالله)؛ لأنّ الشيطان يوصل ما يريد الى البشر بلا رسل، في حين نجد أنّ الله سبحانه لا يوصل ذلك إلاّ بواسطة الرسل.
الجواب:
أولاّ: من قال لك بأنّ الله تعالى غير قادر على الهداية مباشرة وبلا واسطة؟ أين ذهبت الهداية الإلهية؟ وقد قال تعالى في محكم كتابه (فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهدِيَهُ يَشرَحْ صدْرَهُ للإسلَام وَ مَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يجْعَلْ صدْرَهُ ضيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصعَّدُ في السمَاءِ كذَلِك يجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْس عَلى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ)(1) أين ذهب الإلقاء في الروع وتثبيت قلب الإنسان حيث قال تعالى: (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(2) وقال تعالى: (وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَٰهًا لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا)(3)؟ أين ذهبت عشرات الآيات التي ينسب بعضها الهداية الى الله تعالى؟
ثانياً: ليس كل من وصل الى غايته بالمباشرة هو أعظم ممن وصل إليها بالواسطة، إنّ هذا غير صحيح، وإلّا فالأنبياء أعظم من الله (تعالى عن ذلك) لأنّهم يصلون إلى هداية الناس التي هي غايتهم بلا واسطة.
ثالثاً: قد يكون من يصل إلى غايته ومبتغاه بالواسطة أعظم ممن يصل إليها بالمباشرة، لذلك نرى الأسياد وأهل الشأن الخاص يوكّلون غيرهم في أعمالهم.
رابعاً: كيف تمت هداية الأنبياء والرسل؟ قال تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا)(4).
وقال تعالى: (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)(5)، أهي بأنبياء ورسل أيضاً حتى يتسلسل الأمر؟ أم هي بهداية إلهيّه مباشرة؟
خامسا: إنّ الله قادر على أن يوصل لنا رسائله بلا واسطة، إلاّ أنّ نفس المستشكل سيشكل علينا بإشكال أعمق من سابقه، وهو أنّ هذا العمل غير عقلائي، فبإمكان الله تعالى أن يرسل إلى النخب في الأمة (الأنبياء والرسل) وهؤلاء هم الذين يتولّون مهمة التبليغ.
سادسا: إنّ العظمة وعدمها تقاس بسمو الهدف وليس بكيفيّة تحقيقه، ولا شك في أنّ الهدف الإلهي من أسمى الأهداف، والهدف الشيطاني من أخس الأهداف، فأين الهداية والكمال، من النقص والضلال.
والخلاصة من كل ما ذكرت:
1- إنّ الله تعالى قد مارس الهداية بالمباشرة في موارد لا تحصى، وإلاّ فكيف تمت هداية الأنبياء والرسل.
2- ليس كل من وصل إلى ما يريد بلا واسطة أعظم ممن وصل بالواسطة فهذا غير صحيح.
3- إنّ ممارسة الهداية المباشرة لكل شخص على حده عمل غير عقلائي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الانعام ايه / 125
(2) القصص ايه / 10
(3) الكهف ايه / 14
(4) مريم ايه / 58
(5) الانعام ايه / 84
اترك تعليق