لماذا لم يجعل الله وسائل التواصل الاجتماعي بديلاً للأنبياء؟

سؤال: لماذا لم يستخدم الله وسيلةً حديثةً مثل التلفزيون أو وسائل التواصل الإجتماعي في توصيل رسالته للناس، بدلاً من الأنبياء لأن بالأنبياء ستكون محدودة المكان والزمان؟

: الشيخ معتصم السيد احمد

الجواب:

حتى لو قبلنا هذا السّؤال على نحو التسامح والجدل وعملنا على مجاراةِ السائل في طريقةِ تفكيره، إلا أننا لا يمكننا إجابتهُ طالما لم يقدّم لنا الدوافعَ العلمية والمنطقية التي دعتهُ للتفكير في جعل وسائل التواصلِ الاجتماعي ووسائل الاعلام الحديثة بديلاً ممكناً للأنبياء؟

فمجرّدُ اقتراح بديل للأنبياء ليس كافياً مالم لم يكن الاقتراحُ مشفوعاً بمقوّماتٍ منطقية تجبرُ العقلَ على إعادة النظر من جديد، كما

أنّ نجاح أيّ مقترح يجبُ أن يكون مشفوعاً بالطريقة الإجرائية لتحقيقه عملياً، وعليه ليس كلّ ما يخطرُ في الذهن من فرضيات تكون صالحةً للنقاش والحوار، فهناك فرقٌ بين الفرضيات العلمية والافتراضاتِ الساذجة، فالأولى يمكن التحققُ منها علمياً أو منطقياً، بينما الثانية هي مجرّد هواجس لا يلتفت إليها العقلاء من الأساس.

فوسائل التواصل الإجتماعي تعدّ محدودة الزمان والمكان حيث لم يمضِ عليها إلا بضع سنوات .. وحتى في هذا العصر نسبة الذين هم خارج عالم الانترنت كبيرة جداً، فإنه لا يزال ثلث سكان العالم في عام 2022 ليس لديهم اتصال بالإنترنت، وسط تباطؤ في وتيرة الاتصالات الجديدة، بحسب أحدث إحصاءات نشرتها الأمم المتحدة

فالمعلومُ بالضرورة أنّ هذه الوسائل من مبتكراتِ الإنسان التي تكوّنت وتطوّرت عبر تراكم الخبراتِ والتجارب، وهي لم تظهر بشكلها الحالي إلا في القرن الواحد والعشرين، فقبل هذا التاريخ لو تحدّثَ أحدهم عن الانترنت أو الأجهزة الحديثة لاستهزأ به الجميع ولاستحالَ عليهم تصديقه، فكيف بعد ذلك يمكن أن نتصوّرَ أنها بديلٌ عن الأنبياء؟

والمعلوم أيضاً أنّ فلسفة النبوّةِ والرسالةِ قائمةٌ على الاتصال بالله الخالق، وهذا أمرٌ غير متاح لجميع البشر وإنما فقط لمن اختارهم الله وانتجبهم لإيصال رسالتهِ لجميع خلقه.

وفي المحصّلةِ يمكن أن يكون السؤال مفهوماً إذا كان قصدُ السائل هو لماذا لا يستخدم المؤمنونَ الوسائل الحديثة بشكل أفضل لإيصالِ رسالة الأنبياء لجميع البشر؟ أمّا أن يكون قصدهُ لماذا لا تكون هذه الوسائل بديلاً عن الأنبياء فهذا ما لا يمكنُ تفهّمه.