هل زيارات الإمام الحجة (عج) مأثورة؟
سؤال: لو كانت هناك زيارات مأثورة للإمام الحجة (عجل الله فرجه)، فمَن الذي زاره؟
الجواب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ورد في تراث أهل البيت (عليهم السلام) جملة وافرة من الزيارات للإمام الحجّة (عجل الله فرجه) والدعاء له والصلوات عليه، وهي مرويّة عن الإمام الصادق والإمام الرضا والإمام العسكري وعنه (صلوات الله عليهم)، وسنذكر في المقام عشرة زيارات وما يلحق بها من صلوات وأدعية مما هو مأثور مروي في كتب الطائفة المحقّة:
الأولى: زيارة آل ياسين:
وهي الزيارة الصادرة عن الناحية المقدّسة إلى الفقيه محمد بن عبد الله بن جعفر الحميريّ، ولهذه الزيارة صياغتان تختلفان في العبارات والزيادة والنقيصة إلى حدّ يصيّرهما زيارتين مختلفتين:
1- الصياغة الأولى:
قال الطبرسيّ في [الاحتجاج ج2 ص315]: (وعن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري أنه قال: خرج التوقيع من الناحية المقدسة حرسها الله - بعد المسائل -: « بسم الله الرحمن الرحيم لا لأمره تعقلون، حكمة بالغة فما تغني النذر عن قوم لا يؤمنون، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. إذا أردتم التوجه بنا إلى الله وإلينا، فقولوا كما قال الله تعالى: سلام على آل يس، السلام عليك يا داعي الله ورباني آياته، السلام عليك يا باب الله وديان دينه ... إلى آخره » ).
وهذه الصياغة هي التي أثبتها الشيخ عباس القميّ في مفاتيح الجنان.
2- الصياغة الثانية:
قال ابن المشهدي في [المزار الكبير ص566]: (حدثنا الشيخ الأجل الفقيه... - إلى أن قال - أنّ أبا جعفر محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري أخبره وأجاز له جميع ما رواه: أنه خرج إليه من الناحية - حرسها الله - بعد المسائل والصلاة والتوجه أوله: « بسم الله الرحمن الرحيم لا لأمره تعقلون، ولا من أوليائه تقبلون، حكمة بالغة عن قوم لا يؤمنون، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. فإذا أردتم التوجه بنا إلى الله وإلينا، فقولوا كما قال الله تعالى: سلام على آل يس، ذلك هو الفضل المبين، والله ذو الفضل العظيم لمن يهديه صراطه المستقيم، قد أتاكم الله يا آل يس خلافته وعلم مجاري أمره... إلى آخره »).
وذكر السيّد ابن طاوس الحليّ أنّ هذه الزيارة تسمّى بـ(الندبة)، فإنّه قال في [مصباح الزائر ص430]: (زيارة ثانية لمولانا صاحب الزمان - صلوات الله عليه -، وهي المعروفة بالندبة، خرجت من الناحية المحفوفة بالقدس إلى أبي جعفر محمد بن عبد الله الحميري - رحمه الله -، وأمرَ أن تتلى في السرداب المقدس، وهي..)، وساق مثل صياغة ابن المشهديّ.
الثانية: زيارة الحجّة (عجل الله فرجه) في السرداب:
قال الشيخ المفيد في [المزار الكبير ص317]: (تتمّة في ذكر زيارة مولانا الحجّة صاحب الزمان - عليه السلام - بسر مَن رأى. فإذا فرغت من زيارة جدّه وأبيه فقف على باب حرمه فقل: « السلام عليك يا خليفة الله وخليفة آبائه المهديّين، السلام عليك يا وصيّ الأوصياء الماضين، السلام عليك يا حافظ أسرار ربّ العالمين.... ». ثم ائت سرداب الغيبة، وقف بين البابين، ماسكاً جانب الباب بيدك، ثم تنحنج كالمستأذن وسمِّ وانزل، وعليك السكينة والوقار، وصلّ ركعتين في عرصة السرداب، وقل: « الله أكبر، الله أكبر.... إلى آخره »).
ونقلها المشهدي ضمن زيارة للعسكريّين (عليهما السلام) في [المزار الكبير ص657]، وابن طاوس في [مصباح الزائر ص444].
ويُعلَم من تتمّة كلام الشيخ المفيد حيث قال عقيبها: (ورُوي بطريق آخر..) - وهي الزيارة الثالثة الآتية - أنّ هذه الزيارة مأثورة. وقد ذكر العلّامة المجلسيّ هذه الزيارة والزيارة اللاحقة في [تحفة الزائر ص567] - التي عدّها للزيارات المأثورة - وقال: (وتوجد زيارتين أخريين في الكتب المعتبرة للأعلام، ويظهر من مزار الشيخ المفيد - عليه الرحمة - أنّها منقولة).
الثالثة: زيارة أخرى للحجة (عجل الله فرجه) في السرداب:
قال الشيخ المفيد في [المزار الكبير ص322] - بعدما ساق الزيارة السابقة -: (ورُوي بطريق آخر: أن تقول عند نزول السرداب: « السلام على الحقّ الجديد، والعالمِ الذي علمه لا يبيد، السلام على محيي المؤمنين ومبير الظالمين، السلام على مهديّ الأمم، وجامع الكلم.... » إلى آخره).
ونقلها المشهدي في [المزار الكبير ص586]، وابن طاوس في [مصباح الزائر ص441]، وأوردها الشيخ عباس القميّ في [مفاتيح الجنان].
ويُعلم من قول المفيد: (وروي بطريق آخر..) أنّ هذه الزيارة مأثورة كما أن الزيارة السابقة كذلك كما تقدّم.
الرابعة: زيارة له (عج) في كل يوم بعد الفجر:
قال المشهدي في [المزار الكبير ص662]، والسيد ابن طاوس في [مصباح الزائر ص454]: ( ذكر ما يزار به مولانا صاحب الزمان - صلوات الله عليه - كل يوم بعد صلاة الفجر: « اللهم بلغ مولانا صاحب الزمان - صلوات الله عليه - عن جميع المؤمنين والمؤمنات، في مشارق الأرض ومغاربها، وبرها وبحرها، وسهلها وجبلها، حيهم وميتهم، وعن والديّ وولدي وعني، من الصلوات والتحيات زينة عرش الله، ومداد كلماتهن ومنتهى رضاه، وعدد ما أحصاه كتابه وأحاط به علمه... » إلى آخره).
وقد نقلها العلامة المجلسي في في [تحفة الزائر ص556] المعقود للزيارات المأثورة، ونقلها أيضاً في [بحار الأنوار ج102 ص111] وقال: (وجدت في بعض الكتب القديمة بعد ذلك: ويصفق بيده اليمنى على اليسرى).
الخامسة: دعاء العهد:
قال المشهدي في [المزار الكبير ص663] وابن طاوس في [مصباح الزائر ص455] - ضمن زيارات الحجة (عجل الله فرجه): (ذكر العهد المأمور به في زمان الغيبة: روي عن جعفر بن محمد الصادق - عليه السلام - أنه قال: « مَن دعا إلى الله أربعين صباحاً بهذا العهد كان من أنصار قائمناً - عليه السلام -، فإنْ مات قبله أخرجه الله تعالى من قبره، وأعطاه بكل كلمة ألف حسنة، ومحا عنه ألف سيئة، وهو: اللهم رب النور العظيم، ورب الكرسي الرفيع، ورب البحر المسجور، ومنزل التوراة والإنجيل والزبور، ورب الظل والحرور، ومنزل الفرقان العظيم، ورب الملائكة المقربين، والأنبياء والمرسلين.... » إلى آخره).
ونقله العلامة المجلسي في [بحار الأنوار ج86 ص284] عن الكتاب العتيق الغروي بإسناده عن عبد الحميد بن فخار بن معد العلوي بإسناده المتصل.
السادسة: دعاء الندبة:
قال ابن المشهدي في [المزار الكبير ص573]: (قال محمد بن أبي قرة: نقلت من كتاب أبي جعفر محمد بن الحسين ابن سفيان البزوفريّ - رضي الله عنه - هذا الدعاء، وذكر فيه أنه الدعاء لصاحب الزمان - صلوات الله عليه، وعجل فرجه وفرجنا به -، ويستحب أن يُدعى به في الأعياد الأربعة: « الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على سيدنا محمّد نبيّه وآله وسلّم تسليماً، اللّهمّ لك الحمد على ما جرى به قضاؤك في أوليائك.... إلى آخره » وتدعو بما أحببت إن شاء الله).
ونقله ابن طاوس في [مصباح الزائر ص446]، وقال في آخره: (ثمّ صلّ صلاة الزيارة، وقد تقدّم وصفها، ثمّ تدعو بما أحببت، فإنك تجاب إن شاء الله تعالى). ونقله أيضاً في [إقبال الأعمال ج1 ص504] بقوله: (دعاء آخر بعد صلاة العيد، ويُدعى به في الأعياد الأربعة).
أقول: ويستفاد من الفتوى باستحباب تلاوة الدعاء في الأعياد وغيره كونه من الأعمال المأثورة عن أئمة الهدى (عليهم السلام)، ولهذا ذكره العلامة المجلسي في [تحفة الزائر ص547] الذي عقده لذكر الزيارات المأثورة بالخصوص.
السابعة: دعاء الإمام الرضا (ع) لصاحب الأمر (عج):
قال الشيخ الطوسي في [مصباح المتهجد ص409]: (روى يونس بن عبد الرحمان: أن الرضا - عليه السلام - كان يأمر بالدعاء لصاحب الأمر بهذا: (اللهمّ ادفع عن وليّك وخليفتك، وحجّتك على خلقك، ولسانك المعبِّر عنك.... إلى آخره »).
ورواه السيد ابن طاوس في [جمال الأسبوع ص307] بأسانيد متعددة عن يونس. وقال العلامة المجلسي في [تحفة الزائر ص559]: (نُقل بسند معتبر عن يونس بن عبد الرحمان... إلى آخره).
الثامنة: الصلوات على صاحب الزمان (عج):
روى الشيخ الطوسي في [مصباح المتهجد ص399-405] بإسناده المتصل عن أبي محمد عبد الله بن محمد العابد بالدالية لفظاً، قال: (سألت مولاي أبا محمد الحسن بن علي - عليهما السلام - في منزله بسر من رأى، سنة خمس وخمسين ومائتين، أن يملي عليّ من الصلاة على النبي وأوصيائه - عليه وعليهم السلام -، وأحضرتُ معي قرطاساً كثيراً، فأملى عليّ لفظاً من غير كتاب:...)، وممّا جاء ضمن هذه الصلوات: (الصلاة على ولي الأمر المنتظر - عليه السلام -: « اللهم صل على وليك وابن أوليائك الذين فرضت طاعتهم وأوجبت حقهم وأذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا... » إلى آخره).
التاسعة: دعاء مرويّ عنه (عج):
قال الشيخ الطوسي في [مصباح المتهجد ص406]: (دعاء آخر مرويّ عن صاحب الزمان - عليه السلام -، خرج إلى أبي الحسن الضراب الأصفهاني بمكّة، بإسنادٍ لم نذكره اختصاراً، نسخته: « بسم الله الرحمن الرحيم... »، وممّا جاء فيه: « اللهم وصل على وليك المحيي سنتك، القائم بأمرك، الداعي إليك، الدليل عليك، حجتك على خلقك، وخليفتك في أرضك، وشاهدك على عبادك. اللهم أعز نصره، ومد في عمره... إلى آخره ».
العاشرة: دعاء مرويّ عن السفير العمريّ:
روى الشيخ الطوسي ف [مصباح المتهجد ص411] بإسناد متصل إلى أبي علي ابن همام، قال: (إن الشيخ أبا عمرو العمري - قدس الله روحه - أملاه عليه، وأمره أن يدعو به، وهو الدعاء في غيبة القائم من آل محمد - عليه وعليهم السلام -)، ومما جاء فيه: « اللهم إني أسألك أن تريني ولي الأمر ظاهراً نافذ الأمر، مع علمي بأن لك السلطان... اللهم أعذه من شر جميع ما خلقت وذرأت وبرأت وأنشأت وصوّرت، واحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته بحفظك الذي لا يضيع من حفظته به، واحفظ فيه رسولك ووصي رسولك عليهم السلام... إلى آخره ».
اترك تعليق