هل زواج النبي (ص) من خديجة كان على الطريقة الجاهلية؟

سؤال: السلام عليكم على أيّ شريعة تمّ زواج النبيّ محمد صلى الله عليه واله وسلم من خديجة عليها السلام؟ هل كان ذلك على شريعة قريش؟

: الشيخ معتصم السيد احمد

الجواب:

قد تمّ زواجُ الرسولِ الأكرم (صلى الله عليه وآله) من السيدةِ خديجةَ سلامُ الله عليها على الطريقةِ الشرعية المعترفِ بها قبل الإسلام وبعده، حيث كانت قبل الإسلام طرقٌ كثيرةٌ للزواج أقرّ منها الإسلامُ طريقةً واحدةً وحرّمَ البقية، مثل زواج الشغار والبدلِ ونكاح المقت وغيرها من أنواع الزواج التي حرّمها الإسلام.

وكان الزواجُ المألوفُ والمُتعارفُ عليه عند السّواد الأعظم من العرب ما قبلَ الإسلام من أهل الحواضر والبادية، هو (نكاح الصَّدَاق) أو نكاح البعولة، وهو الزواجُ القائمُ على الخطبةِ والمهر والإيجاب والقبول، وكانت قريشٌ ومجملُ قبائلِ العرب على هذا المذهب من الزواج، لشدّةِ اهتمامهم بالأنسابِ وحفظهم لها، وهو الزواج الذي أقرّهُ الإسلام، فالخطبة والايجابُ والقبولُ والمهرُ كلّ ذلك يعدّ عندهم من علاماتِ شرفِ المرأة وأنها حرةٌ لها كاملُ الحقوق.

أمّا طريقة زواجهِ (صلى الله عليه وآله) من خديجةَ سلام الله عليها فقد رواها الكلينيّ في الكافي عن الإمام الصادق (عليه السلام) حيث قال: «لمّا أراد رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) أن يتزوّجَ خديجة بنت خويلد، أقبلَ أبو طالب في أهل بيتهِ ومعه نفرٌ من قريش، حتّى دخل على ورقة بن نوفل عمّ خديجة، فابتدأ أبو طالب بالكلام فقال: الحمدُ لربّ هذا البيت، الذي جعلنا من زرع إبراهيم وذرّية إسماعيل، وأنزلنا حرماً آمناً، وجعلنا الحكّام على الناس، وباركَ لنا في بلدنا الذي نحن فيه. ثمّ إنّ ابن أخي هذا ـ يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ ممّن لا يُوزن برجلٍ من قريش إلّا رجحَ به، ولا يُقاس به رجل إلّا عظم عنه، ولا عدلَ له في الخلق، وإن كان مقلاًّ في المال فإنّ المال رِفدٌ جارٍ، وظلٌّ زائل، وله في خديجة رغبةٌ ولها فيه رغبة، وقد جئناك لنخطبها إليك برضاها وأمرها، والمهر عليَّ في مالي الذي سألتموهُ عاجله وآجله، وله ـ وربّ هذا البيت ـ حظّ عظيم، ودِين شائع، ورأي كامل.

ثمّ سكت أبو طالب، وتكلّم عمّها وتلجلج، وقصر عن جواب أبي طالب، وأدركهُ القطع والبهر، وكان رجلاً من القسّيسين، فقالت خديجة مبتدئة: يا عمّاه، إنّك وإن كنت أولى بنفسي منّي في الشهود، فلستَ أولى بي من نفسي، قد زوّجتك يا محمّد نفسي، والمهرُ عليّ في مالي، فأمر عمّك فلينحر ناقة فليولم بها، وادخل على أهلك.

قال أبو طالب: اشهدوا عليها بقبولها محمّداً وضمانها المهر في مالها.

فقال بعض قريش: يا عجباه! المهرُ على النساء للرجال؟ فغضب أبو طالب غضباً شديداً، وقام على قدميه، وكان ممّن يهابهُ الرجال ويُكرهُ غضبه، فقال: إذا كانوا مثل ابن أخي هذا، طُلبت الرجالُ بأغلى الأثمان وأعظم المهر، وإذا كانوا أمثالكم لم يُزوّجوا إلّا بالمهر الغالي. ونحرَ أبو طالب ناقة، ودخلَ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأهله» (الكافي ٥/ ٣٧٤)