لَا يَلْزَمُ مِنَ الزَّوَاجِ مِنْ امْرَأَةٍ كَوْنُهَا صَالِحَةً وَلَا أَبُوهَا مَحْبُوبًا.

أُسَامَةُ البَحْرِيُّ/:السَّلَامُ عَلَيْكُمْ.      مَا هِيَ العِلَّةُ مِنْ زَوَاجِ الرَّسُولِ (ص) مِنْ بَنَاتِ الأَوَّلِ وَالثَّانِي وَتَزْوِيجِ بَنَاتِهِ لَهُمْ وَهُوَ عَلَى عِلْمٍ بِأَنَّهُمْ سَوْفَ يُخَالِفُونَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا؟ بَلْ لَا يَدُلُّ هَذَا إِلَّا عَلَى قُرْبِهِمْ وَمَنْزِلَتِهِمْ عِنْدَ الرَّسُولِ (ص)؟

: اللجنة العلمية

      الأَخُ أُسَامَة المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

     1- يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الزَّوَاجَ إِنَّمَا هُوَ عَقْدٌ مِنْ العُقُودِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ كَوْنُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ أَوْ مَذْهَبٍ وَاحِدٍ أَوْ مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ حَتَّى مِزَاجٍ وَاحِدٍ.

     2- نَعَمْ نَزَّهَ اللهُ تَعَالَى أَزْوَاجَ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ عَنْ وُقُوعِهِنَّ فِي الزِّنَا كَرَامَةً لَهُمْ (عَ) لِئَلَّا يَطْعَنَ فِيهِمْ طَاعِنٌ أَوْ يَدَّعِي ابْنُ زِنَا أَنَّهُ ابْنُ نَبِيٍّ وَمَا إِلَى ذَلِكَ تَنْزِيهًا لَهُمْ (عَ) عَنِ المُنَفِّرَاتِ.

     3- ضَرَبَ اللهُ تَعَالَى مَثَلًا بِنِسَاءِ بَعْضِ الأَنْبِيَاءِ فَقَالَ (عَزَّ وَجَلَّ): (ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) التَّحْرِيمُ / 10.

     4- لَوْ نَظَرْنَا إِلَى زِيجَاتِ رَسُولِ اللهِ (ص) لَوَجَدْنَا أَنَّهَا مُخْتَلِفَةُ الأَسْبَابِ وَالعِلَلِ وَالحِكْمَةِ، مِنْهَا مِثْلُ تَعَدُّدِ الزَّوَاجِ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، وَهَذَا بِحَدِّ ذَاتِهِ كَاشِفٌ عَنْ عِلَلٍ وَأَسْبَابٍ وَمَصَالِحَ لَعَلَّهَا تَتَرَتَّبُ عَلَى ارْتِبَاطِهِ (ص) بِهَذَا العَدَدِ مِنْهُنَّ أَوْ بِبَعْضِ النِّسَاءِ بِالذَّاتِ.

     5- لَوْ كَانَ زَوَاجُ رَسُولِ اللهِ (ص) مِنْ امْرَأَةٍ مَا كَاشِفاً عَنْ رِضَاهُ وَصُحْبَتِهِ وَقُرْبِهِ مِنْ أَبِيهَا وَعَائِلَتِهَا لَكَانَ زَوَاجُهُ (ص) مِنْ زَيْنَبَ بِنْتِ حَيِّي ابْنَةِ اليَهُودِيِّ أَوْ مِنْ رَمْلَةَ أُمِّ حَبِيبَةَ ابْنَةِ أَبِي سُفْيَانَ دَلِيلاً عَلَى كَوْنِ حَيِّي بْنِ أَخْطَبَ أَوْ أَبِي سُفْيَانَ مُؤْمِنَيْنِ مُقَرَّبَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللهِ (ص) مَعَ كَوْنِهِ (ص) قَدْ تَزَوَّجَ مِنْ أُمِّ حَبِيبَةَ ابْنَةِ أَبِي سُفْيَانَ حِينَ كَانَ أَبُو سُفْيَانَ كَافِرًا مُحَارِبًا للهِ وَلِرَسُولِهِ وَقَائِدًا لِجُيُوشِ الكُفْرِ وَالشِّرْكِ ضِدَّ رَسُولِ اللهِ (ص).

     6- لَوْ اشْتَرَطْنَا وُجُوبَ كَوْنِ زَوْجَاتِ الأَنْبِيَاءِ وَالمَعْصُومِينَ صَالِحَاتٍ لَقُلْنَا بِالجَبْرِ وَلَمَا عَصَتْ إِحْدَاهُنَّ اللهَ تَعَالَى أَبَدًا أَوْ مَاتَتْ وَهِيَ عَاصِيَةٌ، وَهَذَا خِلَافُ الوَاقِعِ وَالوِجْدَانِ، فَإِحْدَى نِسَاءِ النَّبِيِّ (ص) قَدْ ارْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ عَدُوًّا للهِ وَرَسُولِهِ بَعْدَ اخْتِيَارِهَا لِلحَيَاةِ الدُّنْيَا حِينَمَا خَيَّرَ رَسُولُ اللهِ (ص) نِسَاءَهُ فَطَلَّقَهَا، وَأُخْرَى خَرَجَتْ عَلَى إِمَامِ زَمَانِهَا وَحَارَبَتْهُ، وَقَبْلَ ذَلِكَ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ حِينَمَا تَآمَرَتْ وَتَظَاهَرَتْ هِيَ وَصَاحِبَتُهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ (ص) وَاغْتَابَتْ إِحْدَى نِسَاءِ النَّبِيِّ (ص) أَيْضًا، وَسَبَّتِ الأُخْرَى وَنَابَزَتْهَا بِاليَهُودِيَّةِ وَكَسَّرَتْ كُلَّ إِنَاءٍ قَدَّمَتْ فِيهِ بَعْضُ نِسَاءِ النَّبِيِّ (ص) طَعَامًا لِلنَّبِيِّ الأَعْظَمِ فِي يَوْمِهَا، وَكَذَا الحَالُ فِي جَعْدَةَ زَوْجَةِ الإِمَامِ الحَسَنِ المُجْتَبَى الَّتِي سَمَّتْهُ وَقَتَلَتْهُ بِالإِضَافَةِ إِلَى مَنْ ذَكَرَهُنَّ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ، فَكَيْفَ يَصِحُّ وَصْفُهُنَّ جَمِيعًا بِالصَّلَاحِ وَالقُرْبِ وَالجَنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ بِهَذَا الحَالِ.

     7- فَالزَّوَاجُ عَقْدٌ مُقَدَّسٌ يَتمُّ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وِفْقَ شُرُوطٍ مَعْرُوفَةٍ لَيْسَ فِيهَا أَبَدًا أَنْ تَكُونَ صَالِحَةً إِلَى نِهَايَةِ عُمْرِهَا، وَلَا أَنْ يَكُونَ أَبُوهَا مَوَالِيًا صَالِحًا تَقِيًّا، وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ نَسْجِ الخَيَالِ وَمِنْ تَأْلِيفِ الهَوَى لَيْسَ إِلَّا وَمُخَالِفًا لِلدِّينِ وَلِلبَدِيهِيَّاتِ. وَاللهُ العَالِمُ.

     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.