النقد الحاقد ما بين هنري لامنس وكارل إيرنست
يقول كارل إيرنست : ( ... و عندما بدأ محمد استقبال الوحي، كانت خديجة هي الشخص الذي وثق به تمام الثقة، في الوقت الذي فقد فيه الثقة بذاته ... )(1) .
وهذا قول مأخوذ من التراث الحديثي السني، اعتمد عليه كار إيرنست للتشكيك بشخص النبي (ص)، ومع الأسف أن هذه الترهات تعتبر من التاريخ الإسلامي، وهي تُدرس للناشئة في المدارس وفي جميع الدول الإسلامية .
كما ويقول كارل إيرنست: (ولم يكن التوحيد شيئاً غريباً في شبه الجزيرة العربية على الإطلاق، فقد كانت هنالك جماعات من اليهود وأحياناً رهبان مسيحيون في شبه الجزيرة ... )(2) .
الرد على هذا القول:
أولاً : من قال بأن اليهود و المسيحيين موحدون ؟ فتعدد آلهة اليهود، والتثليث المسيحي يتنافى مع الوحدانية، لذا فهذا إدعاء لا دليل عليه ولا أصل له .
ثانياً : لم يستطع ( اليهود ) في أي فترة من فترات تاريخهم أن يستقروا على عبادة الله الواحد الأحد، الذي دعا لعبادته الأنبياء والمرسلون (عليهم السلام)، بل كان اتجاههم إلى التجسيم وتعدد الآلهة هو الصفة البارزة لكل متتبع لتاريخهم و لكتبهم الدينية المشهورة(3) . كما و إن كثرة أنبيائهم دليل على تجدد الشرك فيهم، لذا فقد تعدد الإله عندهم، و بالتالي تعددت أسماؤه و صفاته و قابلياته واختصاصاته، وسوف نستعرض أشهر أسماء الرب أو الإله في الديانة اليهودية .
1ـ أدوناي :
كلمة ( آدون ) في اللغة العبرية بمعنى: مولى، سيد، بعل، رب(4)، وقد جاءت في العهد القديم ( 334 ) مرة، فقد جاءت في أكثر من ( 100 ) موضع بصيغة الجمع (أدونيم): أي سادة(5) .
و كلمة ( أدوناي ) أسم من أسماء الرب، وقد جاءت في العهد القديم أكثر من ( 425 ) مرة(6) .
2ـ إيل :
إيل اسم من أسماء الله في العبرية، ويعني: القدرة، القوة(7) . و قد ورد في العهد القديم ( 235 ) مرة .
و إيل : إله الأقوام السامية عموماً، و يعد الإله العظيم الذي قدسته هذه الأقوام منذ أقدم العصور، فقد ورد في نصوص أكدية بصيغة ( إل ، إيل )(8) .
و جاء في قاموس الكتاب المقدس أن ( إيل ) اسم من أسماء الله في العبرية، وتستعمل بمفردها للدلالة على الإله الواحد الحقيق(9) .
3ـ إيلوهيم :
و( إيلوهيم ) أحد أسماء الإله عند اليهود، وهي صيغة الجمع من كلمة ( إيلوه ) : إله، و قد جاءت في العهد القديم ( 2603 ) مرة، و قد اختلفت دلالة هذا الإسم في العهد القديم بعدة صور منها:
أ ـ للدلالة على خالق العالم، رب السموات والأرض .
ب ـ للدلالة على الآلهة، آلهة الشعوب .
ج ـ للدلالة على لقب محترم لشيوخ القضاة من بني إسرائيل .
د ـ للدلالة على الملائكة، أو رسل الرب .
4ـ يهوه :
و(يهوه) هو معبود بني إسرائيل، و هو اسم علم مفرد مذكر، وروعيَ في وضع هذا الإسم الدلالة على كينونة الذات الإلهية في الأزل والأبد والحال(10)، و(يهوه) باعتبار أحبار اليهود، وما ينسب لنبي الله موسى ( ع ) واحد، و لكنه ليس الإله الوحيد في العالم، ومن ثم ليس إله البشر أجمعين، وهذا الإله الواحد مقصور على بني إسرائيل وحدهم، أما الشعوب والأمم الأخرى فلها آلهتها الخاصة التي تحميها وترعاها. وقد جاء اسم (يهوه) في العهد القديم ( 663) مرة، أما صفات ( يهوه ) فهي وبحسب كتب اليهود :
أ ـ راكب الغيوم، ويركب السماء والغمام، وفي العاصفة طريقه، و السماء مركبته، الماشي على أجنحة الريح(11) .
ب ـ إله الرعد، إله المجد أرعد(12) .
ج ـ خالق العالم، يقتل الحية الهاربة، والتنين، ولوياثان(13) .
د ـ وصف في نصوص معينة باللامحدودية وعدم الحصر و عدم الإحاطة مطلقاً، ففي النص: (لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً و لا صورة مما في السماء من فوق، وما في الأرض من تحت ...)(14) .
هـ ـ كونه غير معصوم، وكثيراً ما يقع في الخطأ والندم، ففي النص: (فندم الرب على الشر الذي قال: إنه يفعله بشعبه )(15) .
و ـ و قد يأمر بالسرقة، ففي النص: (تطلب كل امرأة منهم من جارتها أو من نزيلة بيتها أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثياباً، وتضعونها على بنيكم و بناتكم، فتسلبون المصريين )(16) .
وأوصاف كثيرة يمكن التعرف عليها من خلال مراجعة الكتب المختصة بذلك(17) .
وبحق أنه وإن اختلفت الأجساد، فإن الروح الخبيثة تبقى واحدة، نعم، إن الجسد هو جسد كار إيرنست، لكن روحه هي نفس روح هنري لامنس، و ذلك أقل توصيف يمكن أن نصف به كارل إيرنست .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) على نهج محمد , كارل إيرنست , ص 121 .
(2) م ، ن , ص 122 .
(3) كالتوراة و التلمود .
(4) الهدى إلى دين المصطفى , البلاغي , ج 2 , ص 313 .
(5) ألفاظ العهد القديم كتاب الهدى إلى دين المصطفى للشيخ البلاغي أنموذجاً , ستار الفتلاوي , ص 71 .
(6) المصدر السابق , ص 72 .
(7) الهدى إلى دين المصطفى , البلاغي , ج 2 , ص 302 .
(8) من تراثنا اللغوي القديم ما يسمى في العربية بالدخيل , طه باقر , ص 48 .
(9) قاموس الكتاب المقدس , ص 142 .
(10) دروس في اللغة العبرية , ربحي كمال , ص 567 .
(11) و هذه الصفات مستنسخة عن الإله بعل في النصوص الأوغاريتية .
(12) و هي مستنسخة عن الإله هدد الآرامي .
(13 ) و هي مستنسخة عن الإله مردوخ البابلي .
(14) سفر الخروج . 2 : 4 .
(15) الخروج . 32 : 14 .
(16) الخروج . 3 : 22 .
(17) يراجع مثلاً كتاب ( مقارنة الأديان ) , أحمد شلبي , ج 1 ( اليهودية ) .
اترك تعليق