موقف علماء الشيعة من عقيل بن أبي طالب

السؤال: ما هو موقف علماء الشيعة من عقيل بن أبي طالب؟

: الشيخ مروان خليفات

الجواب:

قبل ذكر رأي علماء الشيعة بعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلّب بن هاشم بن عبد مناف (ت60هـ)، ينبغي توضيح بعض الأمور:

أولاً: بالرغم من وجود بعض الأخبار الصحيحة التي تذكر قُعود عقيل وعدمَ نصرته للإمام علي (ع) أيّام السقيفة وما جرى حينها، إلّا أنّه كان موالياً محبّاً للإمام علي (ع).

ثانياً: روى أبناء العامة كثيراً من القضايا المرتبطة بعقيل ومعاوية، ينبغي النظر إليها بريبة وحذر، لا سيّما مع ضعف أسانيدها.

ثالثاً: تذكر كتب التاريخ أنّه ذهب إلى معاوية ليُعِينه مالياً، والصحيح أنّه كان عيناً للإمام عليّ (ع)، وذهب إلى معاوية بعد استشهاد الإمام عليّ (ع)، ولعلّه ذهب بعد صلح الإمام الحسن(ع).

قال السيد علي خان المدنيّ الشيرازيّ (ت1120هـ): وقال قومٌ إنّه لم يَعُد إلى معاوية إلا بعد وفاة أمير المؤمنين (ع) قال ابن أبي الحديد: وهذا القول هو الأظهر عندي، واستدلّوا على ذلك بالكتاب الذي كتبه عقيل إلى أمير المؤمنين في آخر خلافته والجواب الذي أجابه.

قال السيد علي خان: إنّ الكتاب المشار إليه من أدلّ دليل على هذا القول فان عقيلاً لما كتب إلى أخيه (ع) عقيب غارة الضحاك بن قيس الفهريّ على أطراف أعماله وكان معاوية قد بعثه في وقعة النهروان وذلك في آخر خلافته (ع) وقد رأيتُ أن أذكر الكتاب المذكور وجوابه ليطّلع عليه مَنْ أحبّ النظر إليه ... أمّا بعد: فإنّ الله حارسك من كلّ سوء وعاصمك من كلّ مكروه وعلى كلّ حال إن قد خرجت إلى مكة معتمراً. فلقيت عبيد الله بن سعد بن أبي سرح مقبلاً من ( قديد ) في نحوٍ من أربعين شابّاً من أبناء الطلقاء فعرفت المنكر في وجوههم فقلت إلى أين يا أبناء الشانئين أبمعاوية تلحقون عداوةً والله منكم قديماً غير منكرة تريدون بها إطفاء نور الله وتبديل أمره ... وقد توهّمت حيث بلغني ذلك أنّ شيعتك وأنصارك خذلوك ، فاكتب إليّ يا بن أمي برأيك، فان كنت الموت تريد تحملت إليك بيني أخيك وولد أبيك فعشنا معك ما عشتَ ومتنا معك إذا متّ فوالله ما أحب أن أبقى في الدنيا بعدك فواقاً، واُقسم بالأعزّ الأجلّ إنّ عيشاً نعيشه بعدك في الحياة لغير هنئ ولامرئ ولا نجيع. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته... [الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة، ، ص 155 ـ 156].

ذكر هذا الكتاب أبو جعفر الإسكافي المعتزلي (ت220هـ) في المعيار والموازنة، ص 179 ، والغارات لإبراهيم بن محمد الثقفي (ت283هـ) ، ج2 ص430، وغيرهما.

رابعاً: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحبّ عقيلاً. روى الشيخ الصدوق قال: حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رحمه الله)، قال: حدّثنا أبي، عن جعفر بن محمد بن مالك، قال حدّثني محمد بن الحسين بن زيد، قال: حدّثنا أبو أحمد محمد بن زياد، قال: حدّثنا زياد بن المنذر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال عليّ (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله): يا رسول الله، إنّك لتحبّ عقيلاً؟ قال: إي والله إنّي لأحبّه حبّين: حباً له، وحبّاً لحبّ أبي طالب له، وإنّ ولده لمقتول في محبّة ولدك، فتدمع عليه عيون المؤمنين، وتصلّي عليه الملائكة المقربون. ثمّ بكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى جرت دموعه على صدره، ثمّ قال: إلى الله أشكو ما تلقى عترتي من بعدي. [الأمالي، ص 191].

خامساً: من الطبيعيّ تفاوت درجات إيمان الناس وخصالهم، ولا شكّ أنّ حمزة بن عبد المطّلب، وجعفر بن أبي طالب، أفضل من عقيل كما في بعض الروايات المعتبرة الإسناد.

سادساً: إنّ قول بعض الناس المعاصرين الذين ذهبوا إلى ذمّ عقيل، مبالغٌ فيه جداً، وهو قولٌ خاطئ بلا شك، وهؤلاء لا وزن لهم بين العلماء ولا يمثّلون التشيّع الأصيل.

أمّا رأي علماء الشيعة في عقيل، فقد قال الرجاليّ ابن داود (ت740هـ ): أخوه (عليه السلام) معظّم. [رجال ابن داود، ص 134].

وقال الميرزا النوري الطبرسي (ت1320هـ): عَقِيل بن أبي طالب: أخو أمير المؤمنين (عليه السّلام)، جليلٌ، عظيمٌ، لا يقتضي المقام نقل ما ورد فيه. وفي البلغة: ممدوح، وفي الوجيزة: مختلف فيه، وهذا منهما غريب. [خاتمة المستدرك، ج 8 ص 205]

وقال الشيخ محمد هادي الأميني (معاصر): وهو من الذين ثبتوا مع النبيّ (صلّى الله عليه وآله) يوم حنين. وأجمع على ثقته وصلاحه. [أصحاب أمير المؤمنين والرواة عنه، ج 2 ص 71].