احد الشبهات طرحها ملحد و التي تزعم ان القرآن متناقض!!!

السؤال: احد الشبهات طرحها ملحد و التي تزعم ان القرآن متناقض حيث يقول إن الله في سورة الصافات عن يونس يقول : (فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ) [ الصافات : 145 ] هنا قال عنه انه نبذ بالعراء ، ولكنه قال في سورة القلم : (لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ) [ القلم : 49 ] ولولا حرف امتناع لوجود ، أي امتناع النبذ بالعراء لوجود التدارك ، ومعنى ذلك انه لم يُنبذ ، وفي هذا تناقض ، لأن في سورة الصافات حكى انه نُبذ ، وفي سورة القلم حكى انه لم يُنبذ!

: - اللجنة العلمية

الجواب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا يوجد أيّ تناقض بين قول الله تعالى في سورة الصافات: {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ} [الصافات: 145]، وبين قوله تعالى في سورة القلم: {لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ} [القلم: 49]؛ وذلك لأنّ الآية في سورة الصافات تبيّن أنّ النبيّ يونس (عليه السلام) قد نُبذ بالعراء وهو سقيم، في حين أنّ الآية في سورة القلم تبيّن أنّ النبيّ يونس (عليه السلام) لولا إدراك نعمة الله تعالى له لنُبذ بالعراء مذموماً، فالآية تنفي نبذه مذموماً، أي في حال كونه مذموماً، ولا تنفي نبذه مطلقاً حتّى يكون مناقضاً للآية في سورة الصافات التي تثبت نبذه بالعراء.

وهذه الشبهة ليست جديدة، بل هي قديمة جداً، وقد أوضح العلماء الجواب عنها في كتب الكلام والتفسير، نذكر في المقام بعض كلماتهم:

قال الشيخ الطوسيّ: « وقوله: {لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ}: معناه لولا أنّ الله رحم يونس ولحقته نعمة من جهته {لنُبِذَ بِالْعَرَاءِ} أي لطُرح بالصحراء الواسعة... وقوله {وَهُوَ مَذْمُومٌ}: قال ابن عبّاس: وهو مليم أي أتى بما يلام عليه، ولكن الله تعالى تداركه برحمة من عنده، فطرح بالعراء وهو غير مذموم » [التبيان ج10 ص91]. وقال نحوه الشيخ الطبرسيّ في [مجمع البيان ج10 ص100].

وقال قطب الدين الراونديّ – بعد الإشارة للسؤال -: « الجواب: معنى ذلك: لولا أنّا رحمناه بإجابة دعائه لنبذناه حين نبذناه بالعراء مذموماً، وقد كان نبذه في حالته الأولى سقيماً، يدلّ عليه قوله: {اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ}، لكن تداركه الله بنعمة من عنده، فطرح بالفضاء وهو غير مذموم، فاختاره الله، وبعثه نبياً، ولا تناقض بين الآيتين وإنْ كان في موضعٍ: (نبذناه) مطلقاً (وهو سقيم)، ولم يكن في هذه الحالة بمليم، وفي موضعٍ آخر: نبذ مشروطاً، ومعناه: لولا أن رحمنا يونس (عليه السلام) لنبذناه ملوماً، وإنْ كان لومَ عتاب، لا لوم عقاب؛ لأنّه ترك الأولى » [الخرائج والجرائح ج3 ص1014].

وقال العلّامة البياضي العامليّ – بعد الإشارة للسؤال -: « المثبِت النبذ مع السقم، والمنفيّ النبذ مع الذمّ، فلا تناقض » [الصراط المستقيم ج1 ص46].