سؤال: هل يجوز أن يقال: (إنا للحسين وإنا إليه راجعون)؟

: السيد علي المشعشعي

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

في بادئ الأمر لا بدّ أنْ تعلم أخي القارئ الكريم أنّ هذا التعبير مقتبسٌ من قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾، وكذلك لا بُدّ أنْ تعلم أنّ المعروف عند العلماء أنّ هذا اللفظ الوارد في هذه الآية مختصٌّ بالله تعالى، فيلزم من ذلك أنْ لا يتعدّى إلى غيره، خصوصاً أنّه لم يردْ في كلمات أئمّة الهدى -عليهم السلام-ما يجيز استعمال هذا التعبير فيهم تصريحاً ولا تلميحاً ولا تلويحاً.

هذا وقد روي عنهم – عليهم السلام-النهي عن القول فيهم ما ليس من قولهم كما في الحديث المرويّ عن أبي عبد الله الصادق -عليه السلام-أنّه قال: والله لنحبّكم أنْ تقولوا إذا قلنا، وتصمتوا إذا صمتنا، ونحن فيما بينكم وبين الله عزّ وجلّ، ما جعل الله لأحد خيراً في خلاف أمرنا" [وسائل الشيعة ج27ص123].

وقد كان الأئمّة (عليهم السلام) يعلّمون الأصحاب أنْ يقولوا فيهم من الفضل من دون غلوٍّ وتقصير، وأنْ لا يقولوا فيهم ما لا يقولونه في أنفسهم، فعن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): «أحبّوا أهل بيت نبيّكم حبّاً مقتصداً، ولا تغلوا، ولا تفرّقوا، ولا تقولوا ما لا نقول» [قرب الإسناد ص129].

فإذا تبيّن ذلك، فاعلم أنّ التعبير الذي يلهج به بعض الغلاة مثل عبارة: (إنّا للحسين، وإنّا إليه راجعون) أو (إنّا لعليٍّ، وإنّا إليه راجعون)، فيه إيهامٌ صريحٌ لضعاف العقول أنّه تأليهٌ للأئمّة –عليهم السلام- وعليه سيسوغ لأهل الريب التشنيع به على أئمّة الهدى وشيعتهم.

وما وردَ في الزيارة الجامعة الكبيرة: "وإيَابُ الخَلْقِ إلَيْكُمْ وَحِسَابُهُمْ عَلَيْكُمْ" وغيره فمَعْنَاهُ أنَّ رُجُوعَ النَّاسِ إليهم في أخْذِ عُلُومِ الدِّينِ في الدُّنْيَا وَأنَّ عَلَيْهمْ حِسَابَهُمْ وَمُجَازَاتِهِمْ في الآخِرَةِ، فهو - إذنْ - لا تأليه فيه.

وهذا بخلاف قوله تعالى: (إنّا لله وإنا إليه راجعون) الذي يردّده كثيرٌ من المسلمين في مناسباتٍ عدّة، فإنّ معنى: (إنّا لله) إقرارٌ له بالعبوديّة والملك المطلق. أيْ نحن عبيد الله وملكه، فله التصرّف فينا بالحياة والموت والصحّة والمرض، وغير ذلك.

ومعنى: (وإنّا إليه راجعون) إقرارٌ بالبعث والنشور، فقد رويَ أنّ أمير المؤمنين –عليه السلام-عندما سمع رجلاً يقول: إنّا لله وإنّا اليه راجعون قال -عليه السلام- إنّ قولنا "إنّا لله" إقرار على أنفسنا بالملك، وقولنا: "وإنّا اليه راجعون" إقرار على أنفسنا بالهلاك. [نهج البلاغة: 4 / 22].

وعليه: فلا يصحُّ أنْ يقال: (إنّا للحسين). أو (إنّا لعلي)، لأنّ الملك المطلق لله جلّ ٱسمه دون سواه.

والحمد لله أوّلا وآخراً.