الإمام الجواد بركةٌ على الشيعة.
السؤال: في روايةٍ عن الإمام الرضا (ع) قال عن الإمام الجواد (ع): «هذا المولود الذي لم يُولد في الإسلام مثله، فهو مولودٌ أعظم بركةً على شيعتنا منه»، ما هي البركة التي حظِيَ بها الشيعة بوجوده الشريف؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
يُشير الأخ السائل إلى ما رواه شيخنا الكلينيُّ (طاب ثراه) في موضعين من الكافي، الأوَّل ما رواه بسنده عن أبي يحيى الصنعانيِّ قال: كنت عند أبي الحسن الرضا (ع) فجيء بابنه أبي جعفر (ع) وهو صغير، فقال: «هذا المولود الذي لم يولد مولودٌ أعظم بركةً على شيعتنا منه» [الكافي ج1 ص321].
والآخر ما رواه بسنده عن يحيى الصنعانيّ قال: دخلتُ على أبي الحسن الرضا (ع) وهو بمكَّة وهو يقشِّر موزاً ويطعمه أبا جعفر (ع)، فقلت له: جعلتُ فداك، هذا المولود المبارك؟ «قال: نعم يا يحيى، هذا المولود الذي لم يولد في الإسلام مثله مولود أعظمُ بركةً على شيعتنا منه» [الكافي ج6 ص360].
قال السيِّد الخوئيُّ (طاب ثراه): (أقول: الظاهر تعدد القضية، ويحيى الصنعانيُّ هو يحيى بن موسى الصنعانيّ، وهو غير أبي يحيى الصنعانيّ الذي يأتي في الكُنَى) [معجم رجال الحديث ج21 ص98].
أقول: قال العلَّامة المازندرانيُّ (طاب ثراه) في بيان الحديث ما نصُّه: (قوله «لم يولد مولودٌ أعظمُ بركةً على شيعتنا منه»؛ لأنَّ الشيعة كانوا في زمانه (ع) على رفاهية، ويحتمل أنْ يكون الحصر إضافياً بالنسبة إلى غير الأئمَّة) [شرح أصول الكافي ج6 ص207].
وقال العلَّامة المجلسيُّ (طاب ثراه) في بيانه ما لفظه: (قوله (ع): «الذي لم يولد» أي: في هذا الزمان، أو بالإضافة إلى غير سائر الأئمَّة (ع)، أو المراد نوع من البركة يختصُّ به (ع) من بين سائرهم، كتولُّده بعد يأسٍ الناس، أو غير ذلك من جوده (ع) وغيره) [مرآة العقول ج22 ص202].
ويُمكن أنْ يُقال بأنَّ البركة المذكورة في النصِّ الشريف إزالة المحنة ورفع الحيرة في تحديد الإمام ومعرفته.
توضيح ذلك: لقد ابتلت الشيعة الإماميَّة بعد رحيل مولانا الإمام الكاظم (ع) بظهور حركة الواقفة ـ الذين يدَّعون عروج الإمام إلى السماء، وأنَّه الإمام المهدي (ع) الذي يظهر في آخر الزمان ـ على يدِ شخص يُدعى علي بن أبي حمزة البطائنيّ، وبعدها ماج الناس وكثرت الشكوك واحتارت الشيعة، وكان مما ساعد رؤساء الواقفة في ذلك أنَّ الإمام الرضا (ع) قد بلغ سن الأربعين ولم يولد له بعد، فاستغلَّ الواقفة هذا الأمر في التضليل على عامَّة الناس.
روى شيخنا المفيد (رحمه الله) بسنده عن الحسين بن بشَّار قال: (كتب ابن قياما الواسطيُّ [من الواقفة] إلى أبي الحسن الرضا (ع) كتاباً يقول فيه: كيف تكون إماماً وليس لك ولد؟ فأجابه أبو الحسن (ع): «وما علَّمك أنَّه لا يكون لي ولد؟ والله لا تمضى الأيام والليالي حتَّى يرزقني الله ولداً ذكراً يفرِّق بين الحق والباطل») [الإرشاد ج2 ص 267].
ولذا كان مولد الإمام الجواد (ع) ووجوده المبارك السبب الأساس في رفع تلك الشبهات والمحن التي اُبتلي بها الشيعة آنذاك، فصار وجوده المبارك أعظم نعمةً وأكبرها على الشيعة، فإنَّ البركة الحقيقية في معرفة الإمام والمُضي على خطاه، وإنْ كان ما أشار له الأعلام من النعم العظيمة أيضاً.
والنتيجة من كلِّ ما تقدَّم أنَّ وجود الإمام الجواد (ع) كان السبب الأساس في رفع تلك الحيرة عند الشيعة آنذاك؛ ولذلك كان وجوده المبارك أعظم نعمةً وأكبر بركةً على الشيعة..
والحمد لله ربِّ العالمين.
اترك تعليق