قَمَرُ الْعَشِيرَةِ وَقَطِيعُ الْكَفَّيْنِ.
فَاضِلٌ- بَغْدَادُ: هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ الْإمَامَ عَليّاً (عَلَيْهِ السَّلامُ) كَانَ يُقَبِّلُ كَفَي أَبِي الْفَضْلِ الْعَبَّاسِ (عَلَيْهِ السَّلامُ) حِينَ وِلَاَدَتِهِ لِمَعْرِفَتِهِ أَنَّهُمَا سَيُقْطَعَانِ؟!!
الأَخُ فَاضِلٌ الْمُحْتَرَمُ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
جَاءَ فِي كِتَابِ (الْعَبَّاسُ بْنُ عَلِيّ) لِلْمُحَقِّقِ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ بَاقِر شَرِيف الْقَرَشِيِّ: ( كَانَ الْإمَامُ أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُوسِعُ الْعَبَّاسَ تَقبيلاً، وَقَدِ اِحْتَلَّ عَوَاطِفَهُ وَقَلْبَهُ، وَيَقُولُ الْمُؤَرِّخُونَ: إِنَّهُ أَجْلَسَهُ فِي حِجْرِهِ فَشَمَّرَ الْعَبَّاسُ عَنْ سَاعِدَيهِ، فَجَعَلَ الْإمَامُ يُقَبِّلُهُمَا، وَهُوَ غَارِقٌ فِي الْبُكَاءِ، فَبُهِرَتْ أَمُّ الْبَنينِ، وَرَاحَتْ تَقولُ لِلْإمَامِ:
« مَا يُبْكِيكَ؟»
فَأَجَابَهَا الْإمَامُ بِصَوْتٍ خَافِتٍ حَزِينِ النَّبْرَاتِ:
« نَظَرْتُ إِلَى هَذَيْنِ الْكَفَّيْنِ، وَتَذَكَّرَتُ مَا يَجْرِي عَلَيْهِمَا..
وَسَارَعَتْ أَمُّ الْبَنينِ بِلَهْفَةٍ قَائِلَة:
« مَاذَا يَجْرِي عَلَيْهِمَا»..
فَأَجَابَهَا الْإمَامُ بِنَبْرَاتٍ مَلِيئةٍ بِالْأُسَى وَالْحُزْنِ قَائِلًا:
إِنَّهُمَا يُقْطَعَانِ مِنَ الزَّنْدِ..
وَكَانَتْ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ كَصَاعِقَةٍ عَلَى أَمِّ الْبَنينِ، فَقَدْ ذَابَ قَلْبُهَا، وَسَارَعَتْ وَهِي مَذْهُولَةٌ قَائِلَةً:
« لِمَاذَا يُقْطَعَانِ»..
وَأَخْبَرَهَا الْإمَامُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِأَنَّهُمَا إنّما يُقْطَعَانِ فِي نُصْرَةِ الْإِسْلَامِ وَالذَّبِّ عَنْ أَخِيهِ حَامِي شَرِيعَةِ اللهِ رَيْحَانَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلهِ، فَأَجْهَشَتْ أَمُّ الْبَنيْنِ فِي الْبُكَاءِ، وَشَارَكَتْهَا مَنْ كَانَتْ مَعَهَا مِنَ النِّسَاءِ لَوْعَتَهَا وَحُزْنَهَا.
وَخَلَدَتْ أُمُّ الْبَنيْنِ إِلَى الصَّبْرِ، وَحَمَدَتِ اللهَ تَعَالَى فِي أَنْ يَكُونَ وَلَدُهَا فِدَاءًا لِسِبْطِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلهِ وَرَيْحَانَتِهِ).
إنتَهى [ الْعَبَّاسُ بْنُ عَلِيٍّ، بَاقِر شَرِيف الْقَرَشِيِّ، ص 34]
وَدُمْتُم سَالِمِينَ.
اترك تعليق