هَلْ لَيْلَةُ الْمَبْعَثِ هِي نَفْسُهَا لَيْلَةُ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ؟!!

أَبُو حَيْدَرٍ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ .. سُؤَالٌ هَلْ لَيْلَةُ الإسراءِ وَالْمِعْرَاجِ نَفْسُهَا لَيْلَةُ الْمَبْعَثِ مَعَ الشُّكْرِ الْجَزِيلِ.

: اللجنة العلمية

الأخُ أبو حَيْدَرٍ الْمُحْتَرَمُ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

مِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ عِنْدَ أَتباعِ أهْلِ الْبَيْتِ (عَلَيْهِمُ السَّلامُ) بِأَنَّ لَيْلَةَ السَّابعِ وَالْعِشرينَ هِيَ لَيْلَةُ الْمَبْعَثِ النَّبَوِيِّ، دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ جُمْلَةٌ مِنَ الْمَروِيَّاتِ عَنْهُمْ (عَلَيْهِمُ السَّلامُ)، نَذكُرُ مِنْهَا:

1- رَوَى الشَّيْخُ الكُلَينيُّ بِسَنَدِهِ عَنِ الْإمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلامُ) أَنَّهُ قَالَ:( يَوْمُ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ نُبِّئَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ (ص) مَنْ صَلَّى فِيهِ أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ إِثْنَتي عَشْرَةَ رَكْعَةً يَقرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ…). [ الْكَافي 3: 470]

2 – وَرَوَى الشَّيْخُ الكُلَينيُّ أَيْضًا بِسَنَدِهِ عَنِ الْإمَامِ الْكَاظِمِ (عَلَيْهِ السَّلامُ) أَنَّهُ قَالَ:( بَعْثَ اللهُ (عَزَّ وَجَلَّ) مُحَمَّدًا ( ص) رَحْمَةً لِلْعَالَمَيْنَ فِي سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ، فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ كَتَبَ اللهُ لَهُ صِيَامَ سِتِّينَ شَهْرًا)[ الْكَافي 4: 149].

3- وَرَوَى الشَّيْخُ الصَّدُوقُ - بِسَنَدٍ مُعْتَبَرٍ- عَنِ الْحَسْنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنِ الْإمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلامُ) أَنَّهُ قَالَ فِي حَديثٍ طَوِيلٍ:( وَلَا تَدْعْ صِيَامَ يَوْمِ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ فَإِنَّهُ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي أُنْزِلَتْ فِيهِ النُّبُوَّةُ عَلَى مُحَمَّدٍ (ص) وَثَوَابُهُ مِثْلُ سِتِّينَ شَهْرًا لَكُمْ)[ فَضَائِلُ الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ: 20، وَمَنْ لَا يَحْضُرُهُ الْفَقِيهُ 2: 90]

أَمَّا الْإِسْرَاءُ وَالْمِعْرَاجُ فَقَدِ اِخْتَلَفَتِ الْآرَاءُ فِيهِ، مِنْ حَيْثُ مَوْعِدِ سَنَتِهِ أَوَّلاً، وَمَوْعِدِ لَيْلَتِهِ ثَانِيًا، فَفِي السَّنَةِ، قِيلَ هُوَ فِي: السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِلْبَعْثَةِ، وَهُوَ الرَّأْيُّ الْمَنْسُوبُ لِاِبْنِ عَبَّاسٍ.

[ الدِّيَارُ بَكْرِي، تَارِيخُ الْخَمِيسِ فِي أَحْوَالِ أَنَفْسِ نَفِيس، ج 1، ص 307]

وَقِيلَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ لِلْبَعْثَةِ.

[ الْعَلَّامَةُ الْمَجْلِسِيُّ، بِحَارُ الْأَنْوَارِ، ج 18، ص 379]

وَقِيلَ فِي السَّنَةِ الْخَامسَةِ أَوِ السَّادِسَةِ لِلْبَعْثَةِ.

[ الْمَسْعُودِيُّ، إِثْبَاتُ الْوَصِيَّةِ، ص 217]

وَقِيلَ: في عَشرِ سنوَاتٍ و ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ الْبَعْثَةِ.

[ الطَباطَبائيُّ، الْمِيزَانُ، ج 13، ص 30 َ 31 ؛ السُّبْحَانِيُّ، السِّيْرَةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ، ص 89.] 

وَقِيلَ: في السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَشرَةَ بَعْدَ الْبَعْثَةِ، وَهَذَا التَّارِيخُ هُوَ الْأَشْهَرُ بِرَأي فَتْحِ اللهِ الْكَاشَانِيّ وَأَحْمَدِ بْنِ عَلِيٍّ الطَبَرْسي.

[ الکاشانيُّ، مَنهَجُ ‌ الصَّادِقِينَ، ج 5، ص 235 ؛ العَلَّامَةُ الْمَجْلِسِيُّ، بِحَارُ الأنوارِ، ج 18، ص 283.] 

وَقِيلَ: في سِتَّةِ أَشْهُرٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ. [الطَباطَبائي، الْمِيزَانُ، ج 13، ص 30- 31]

وَقَالَ الْعَامِلِيُّ فِي " الصَّحِيحُ مِنْ سَيْرَةِ النَّبِيِّ الْأعْظَمِ ص":( قَدْ وَرَدَ عَنِ الْإمَامِ أَميرِ الْمُؤْمِنِينَ « عَلَيْهِ السَّلامُ»: أَنَّ الْإِسْرَاءَ قَدْ كَانَ بَعْدَ ثَلاثِ سِنِين مِنْ مَبْعَثِهِ، وَهَذَا هُوَ الأصَحُّ وَالْمُعْتَمَدُ)، ثُمَّ سَاقَ الْأَدِلَّةِ لِبَيَانِ ذَلِكَ.

[الصَّحِيحُ مِنْ سَيْرَةِ النَّبِيِّ الْأعْظَمِ ص] 3: 95]

وَبِالْنِّسْبَةِ لِلَّيْلَةِ، قِيلَ: في لَيْلَةِ السَّابعَ عَشرَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ.

[اِبْنُ سَعْدٍ، الطَّبَقَاتُ ‌ الکُبری، ج 1، ص 200]

وَقَيَّلَ في لَيْلَةِ السَّابعِ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ [أُسُدُ الْغَابَةَ ، اِبْنُ الْأَثِيرِ، ج1 ص 20]

وَقِيلَ: في لَيْلَةِ السَّابعَ عَشرَ مِنْ رَمَضَانٍ.

[ ِبْنُ سَعْدٍ، الطَّبَقَاتُ  الکُبری، ج 1، ص 199- 200]

وَقِيلَ: في لَيْلَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الثّاني قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ [الْجَامِعُ لِأَحْكَامِ الْقُرْآنِ، لِلْقُرْطُبِيِّ، ج10 ص 210].

وَذَكَرَ الْبَعْضُ أَنَّ الْإِسْرَاءَ حَصَلَ فِي لَيْلَةٍ مِنْ لَيالي شَوَّالٍ أَوْ رَبِيعٍ الثّاني.

[الْكَاشَانِيُّ، مَنْهَجُ ‌ الصَّادِقِينَ، ج 5، ص 236]

وَقَالَ الْكَاشَانِيُّ، فِي الْمَصْدَرِ ذاتِهِ أَنَّ لَيْلَةَ السَّابعِ وَالْعِشرِيْنَ مِنْ رَجَبٍ، هِي لَيْلَةُ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ، وَأَنَّ هَذَا هُوَ أَشْهَرُ الْأَقْوَالِ.

هَذَا إِذَا لَمْ نُدْخِلْ فِي الْحِسَابِ أَنَّ الْمِعْرَاجَ لَمْ يَكُنْ مَرَّةً وَاحِدَةٍ، بَلْ كَانَ مَرَّتَينِ عَلَى رِوَايَةٍ، وَمِائَةٌ وَعِشْرونَ مَرَّةً عَلَى رِوَايَةٍ ثَالِثَةٍ [رَاجِعْ الْفَوَائِدُ الطّوْسِيَّةُ، لِلْحُرِّ الْعَامِلِيِّ، ص 139].

فَالْأَقْوَالُ مُتَعَدِّدَةً فِي مَوْضُوعِ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ، وَرُبَّمَا سَبَبُ الْاِخْتِلَاَفِ هُوَ لِتَعَدُّدِ الْمُنَاسَبَةِ، وَاللهُ أعْلَمُ.

وَدُمْتُم سَالِمِينَ.