ما هو رأيكم بحديث «المرأة لعبة»؟
السؤال: ما هو رأيكم بحديث: (المرأة لعبة، فمن اتّخذها فليغطِّها)، حيث إنَّ هناك العديد من الرجال والنساء الذين يحملون سوء ظنٍّ تجاه هذه المقولة، وما هو معناها؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
بداية لا بأس أنْ يُعلم بأنَّ هذا (المضمون) واردٌ في تراث العامَّة والخاصَّة على حدٍّ سواء، كما سوف يتَّضح إنْ شاء الله تعالى.
1ـ أمَّا عند الخاصَّة، فقد روى شيخنا الكلينيُّ (طاب ثراه) بسندٍ معتبر عن أبي عبد الله (ع) قال: قال رسول الله (ص): «إنَّما المرأة لعبة، مَن اتَّخذها فلا يضيِّعها» [الكافي ج٥ ص٥١٠].
وروي في غرر الحكم للآمدي «إنَّما المرأة لعبة، من اتَّخذها فَلْيُغَطِّهَا [فليعظها]» [تصنيف غرر الحكم ص٤٠٨].
وروي في مكارم الأخلاق عنه (ص) قال: «إنَّما المرأة لعبة، فمن اتخذها فليصنها» [مكارم الأخلاق ص ٢١٨].
وروي في نوادر الراوندي عنه (ص) قال: «إنَّما المرأة لعبة، فمن اتخذها فليبضعها» [النوادر ص ١٧٧]. وغير ذلك.
2ـ وأمَّا عند العامَّة، فقد روى أبو بكر الشافعيُّ البزَّاز بسنده عن عيسى بن عبد الله بن محمَّد بن عليِّ، عن أبيه، عن جدِّه، عن أبي جدِّه، عن عليٍّ أنَّ النبيَّ (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم) قال: «المرأة لعبة زوجها، فإنْ استطاع أحدكم أنْ يُحسن لعبته فليفعل» [الفوائد (الغيلانيات) ص138].
وروى ابن حجر العسقلانيِّ بالإسناد عن الأحوص بن حكيم، عن عمرو بن العاص رفعه: «النساء لُعب فتخيَّروا» [زهر الفردوس ج6 ص491].
وروى الحارث بن أبي أسامة بسنده عن أبي بكر بن محمَّد بن حزم قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم): «إنَّما النساء لعب، فمن اتخذ لعبة فليحسنها، أو فليستحسنها» [بغية الباحث ج1 ص546]، وغير ذلك.
معنى الحديث:
قد يُتوهَّمُ للوهلة الأولى من الحديث أنَّ الغرض الأساس من الزوجة هو إشباع رغبات الرجل وحسب، بعيداً عن مشاعر الزوجة وأحاسيسها، فهي كـ(اللعبة) يكون الهدف منها التسلية فقط، إلَّاَّ أنه توهُّمٌ فاسدٌ وغير صحيح، بقرينة ذيل الرواية الآمر بلزوم حفظها وعدم تضييعها.
وعليه، فالظاهر أنَّ المراد من ذلك هو أنَّ المرأة طريقٌ مشروعٌ لتمتُّع الرجل ـ والعكس صحيح ـ وبذلك يُغلق بابٌ كبيرٌ من أبواب الرذيلة، فيلزم الحفاظ عليها ورعايتها، فكما أنَّ اللعبة يلزم حفظها ورعايتها من التلف، فكذلك المرأة يلزم مراعاتها وعدم أذيَّتها بأي شكلٍ من الأشكال، والشاهد على هذا ما فهمه شيخنا الكلينيُّ (طاب ثراه)، إذْ أدرج الرواية في باب (إكرام الزوجة) من الكافي.
قال المرجع الدينيُّ السيِّد محمَّد صادق الروحانيُّ (طاب ثراه) في جواب سؤالٍ وجِّه إليه: (التعبير عن المرأة ـ الزوجة ـ بلعبة الرجل، فلأنَّ الشارع لم يأذن للرجل في ملاعبة غيره ملاعبةً جسديَّة إلَّا الزوجة فقط، فهي لعبة الرجل، والرجل لعبتها أيضاً، إذْ يصحُّ لكلِّ منهما أنْ يستمتع بالآخر بسائر الاستمتاعات) [أجوبة المسائل ج2 ص ٢٨٢].
والحاصل: أنَّ الرواية ناظرةٌ إلى مسألة إكرام الزوجة، ولزوم حفظها ورعايتها، وعدم الإساءة إليها، لكونها الوسيلة والغاية لتحصيل اللَّذات المشروعة لزوجها، كما تُعدُّ سبباً طبيعيَّاً لتكثُّر النوع الإنسانيِّ.
والنتيجة من كلِّ ذلك، أنَّ الرواية تُشير إلى أهميَّة الزوجة في الإسلام، ولزوم حفظها، وعدم تضييعها.. والحمد لله ربِّ العالمين.
اترك تعليق