من لا يؤمن بالله لا لشيء إلا لأنه لم يره بالذات فلا عقل له.

      ملحد/: إن الكلام في الأمور الميتافيزيقا الماورائية – أي الغيبية- هو كلام عن لا شيء، فكلام المؤمنين عن الروح والملائكة والله وأنها غير مادية, وهذا في الواقع معناه كلام عن لا شيء.

: اللجنة العلمية

   إذا كان كل من آمن بشيء غير مادي - يعني لا يدرك بالحواس ولا يثبت بالتجربة - فقد آمن بالغيب، فالمنكرون لله والملائكة والروح لا لشيء إلا لأنها غير مادية، يعتقدون بوجود أشياء لا يمكن أن تنالها يد التجربة، ويستحيل على الحس أن يصل إليها بأية وسيلة من الوسائل.

      فالجاذبية في المادة، والمغناطيس في الحديد، ووجود الإلكترون، وما يجري في العقل من تفكير واستنتاج، ويرتسم في الذهن من صور، والإعتقاد بوجود الأثير الذي تألف منه الكون - بحسب ما يتوهمون - دون أن يقع تحت الإختبار!!، وهكذا الإيمان بنظرية داروين - نظرية التطور النوعي - مع أنه لم يشهد أحد تطور القرد إلى إنسان!!، وحكم القاضي بالدماء والأموال من القرائن وغيرها دون أن يرى الجريمة ويشاهدها، وحكم الناس على الإنسان والشخص من خلال سلوكه دون أن يطلعوا على سريرته، بل من صفحات وجهه وفلتات لسانه، وعالم الفلك يؤمن بوجود كوكب غائب عنه ويحدد مكانه من حركة كوكب آخر شاهده وراءه، بل اتفق العلماء والفلاسفة على أن الإنسان يستحيل أن يدرك ذات وحقيقة الأشياء الموجودة في الكون، وأن كل ما يعرفه عن أي شيء وإن كان صغيراً وحقيراً هو ظاهره وصفاته، كل ذلك وغيره كثير.. إيمان بما لم تنله يد التجربة ولا يصل إليه الحس. 

     والكون يزخر بالحقائق الخفية التي لا ترى بالعين ذات الطاقة المحدودة، وما من عاقل على وجه الأرض إلا ويؤمن بالعديد من هذه الحقائق، ويرى الإيمان بها من الضروريات الأولية التي لا مفر منها لأحد على الإطلاق.

      ما هو حد العقل؟ حد العقل أن ينتقل الإنسان من معلوم إلى مجهول، ومن شاهد إلى غائب، ومن حاضر إلى مستقبل لم يحضر أمامه بعد بالبصر، أو إلى ماض ذهب وانقضى ولم يعد مرئياً مشاهداً، فإذا لم يكن ذلك فلا عقل له.

     ومعنى هذا أن من لا يؤمن بالله لا لشيء إلا لأنه لم يره بالذات فلا عقل له؛ لأن مهمة العقل أن يرشدنا إلى ما لا يمكن إدراكه بالحس والتجربة، وأن يحذرنا مما تخبئه الأيام، ويدرك المغيبات من القرائن، ويؤمن بها حتى كأنها مجسدة أمام عينيه.