وكان عرشه على الماء .. كيف يكون غير المادي (العرش) على المادي (الماء)؟
أنور/ الأردن/ : توجد في القرآن آية تقول : (وكان عرشه على الماء) الماء مادة ويقتضي أن يكون العرش كذلك ولو كان خلافه لما احتاج الى القول بان العرش على الماء لأن ليس مادة.
جاء في تفسير "الأمثل " للشيخ ناصر مكارم الشيرازي ج 6 ص 475 ما نصه: " ومن أجل أن نفهم تفسير هذه الجملة ينبغي أن نفهم المراد من كلمتي " العرش " و " الماء " .
" فالعرش " في الأصل يعني السقف أو ما يكون له سقف، كما يطلق على الأسرة العالية كأسرة الملوك والسلاطين الماضين، ويطلق أيضا على خشب بعض الأشجار، وغير ذلك .
ولكن هذه الكلمة استعملت بمعنى القدرة أيضا ويقال " استوى فلان على عرشه " كناية عن بلوغه القدرة كما يقال " ثل عرش فلان " كناية عن ذهاب قدرته (1) .
كما ينبغي الالتفات إلى هذه الدقيقة، وهي أن العرش يطلق أحيانا على عالم الوجود، لأن عرش قدرة الله يستوعب جميع هذا العالم .
وأما " الماء " فمعناه معروف، وهو السائل المستعمل للشرب والتطهير، إلا أنه قد يطلق على كل سائل مائع كالفلزات المائعة وما أشبه ذلك، وبضميمة ما قلناه في تفسير هاتين الكلمتين يستفاد أنه في بداية الخلق كان الكون بصورة مواد ذائبة " مع غازات مضغوطة للغاية، بحيث كانت على صورة مواد ذائبة أو مائعة " .
وبعدئذ حدثت اهتزازات شديدة وانفجارات عظيمة في هذه المواد المتراكمة الذائبة، وأخذت تتقاذف أجزاء من سطحها إلى الخارج، وأخذ هذا الوجود المترابط بالانفصال. ثم تشكلت بعد ذلك الكواكب السيارة والمنظومات الشمسية والأجرام السماوية .
فعلى هذا نقول: إن عالم الوجود ومرتكزات قدرة الله كانت مستقرة بادئ الأمر على المواد المتراكمة الذائبة، وهذا الأمر هو نفسه الذي أشير إليه في الآية ( 30 ) من سورة الأنبياء.
أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شئ حي .
اترك تعليق