زعمتم أن الرسول (ص) أخبر عليا (رض) أن الأمة ستغدر به من بعده فلو طالبْنَاكم بصحة الرواية لما استطعتم إلى ذلك سبيلًا!
جهاد/ الأردن/: زعمتم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر عليا رضي الله عنه أن الأمة ستغدر به من بعده ! ومعلوم أن دين الإسلام لا يُبْنَى إلا على ما جاء في كتاب الله أو ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال الخطيب البغدادي: [ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ الْخَبَرَ لَا يَجِبُ قَبُولُهُ إِلَّا مِنَ الْعَاقِلِ الصَّدُوقِ الْمَأْمُونِ عَلَى مَا يُخْبِرُ بِهِ] الكفاية في علم الرواية ص38، ط المكتبة العلمية – المدينة المنورة. فلو طالبْنَاكم بصحة الرواية لما استطعتم إلى ذلك سبيلًا ! لأنكم قومٌ جهَّال لا تعرفون شيئا في العلم الشرعي، فقد ظننتم أن قول الذهبي في التلخيص "صحيح " أن هذا هو حكم الإمام الذهبي بصحة الرواية.
الأخ جهاد .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد ورد هذا الحديث بعدة أسانيد أغلبها صحيحة وحسنة ، فهو بالإضافة لما رواه الحاكم في مستدركه في موردين ج3 ص 140 و 142 وقد وافقه الذهبي على تصحيحهما (وسيأتي أن تصحيح الذهبي لما في المستدرك إقرار منه وحكم بالصحة لا كما يدعيه بعضهم) ، فقد نقل الهيثمي في " مجمع الزوائد" ج9 ص 137 رواية البزار له وقال : " رواه البزار وفيه علي بن قادم وقد وثق وضعف ". انتهى
وإذا رجعت إلى أقوال علماء الرجال عند أهل السنة وجدت أكثرهم يقول بوثاقة ابن قادم وصدقه ، قال أبو حاتم الرازي عنه : محله الصدق ( الجرح والتعديل ج6 ص 201) .
وقال فيه العجلي : ثقة (معرفة الثقات ج2 ص 156).
وعن الحاكم في (سؤالات السجري للحاكم ص 159): ثقة مأمون.
وعن ابن حجر العسقلاني في (تقريب التهذيب ج1 ص 701) : صدوق يتشيع.
والكلمة الأخيرة لابن حجر ( من ناحية تشيع ابن قادم ) لا تقدح فيه لأن المدار في علم الحديث - كما يؤكد الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة ج5 ص 262 - على الصدق والحفظ ، وقد شهد هؤلاء الأعلام من أهل السنة لهذا الرجل بالصدق والحفظ فالحديث صحيح من هذه الناحية أيضا .
ولا أقل يكون حسنا إذا لم يرتق إلى مستوى الصحة .
أما دعوى أن تصحيحات الذهبي لأحاديث المستدرك هي ليست حكما بالصحة فمردوة لوجوه :
الأول: أن الذهبي تعرض لأسانيد المستدرك بشكل يستفاد منه أنه كان في مقام التحقيق والتدقيق ؛إذ حكم على بعض رواتها بالضعف وعلى بعضها بنكارة المتن وعلى بعضها بالوضع وارتضى بعضها الآخر ، وهذا كله شاهد على أن قوله بالصحة هو إقرار منه بالحديث بعد الإطلاع على سنده ومتنه .
ثانيا: أننا وجدنا الذهبي من دقته في تحقيق أحاديث المستدرك أنه تكلم حتى عن الاحاديث التي سكت عنها الحاكم نفسه وحكم عليها بالصحة ( كما في الحديث رقم 1 و 12 و4479 وغيرها كثير ) .
ثالثا : في بعض الأحيان وجدنا الذهبي يتوقف فيسكت ولا يقول شيئا ، كما في موارد كثيرة ( راجع المستدرك ج3 ص 154 و155 وغيرها كثير ).
رابعا: قام الذهبي بحذف كثير من أحاديث المستدرك ولم يرتض أن يحتوي عليها ملخصه .
فهذه الوجوه وغيرها تجعلنا نقول إن الذهبي كان في مقام التفصيل والتدقيق والتحقيق مع أحاديث المستدرك ولا يعقل أنه لم يكن في مقام الإقرار لبعض أحاديثه ورفض الآخر فهذا من الجهل بطريقة العلماء في التحقيق والتدقيق.
ومن هنا وجدنا أن موافقة الذهبي للحاكم في التصحيح هي حكم بالصحة، حتى شاعت هذه العبارة ( صححه الحاكم ووافقه الذهبي ) عند الكثير من محققي الحديث عند أهل السنة أنفسهم خاصة المتأخرين منهم كالشيخ أحمد شاكر والشيخ الألباني والشيخ الأرنؤوط .
ودمتم في حفظ الله ورعايته
اترك تعليق