هل سهى النبي (ص) أم لا؟!!
عاصم/ لبنان/: يتناقل البعض عبر وسائل التواصل الإجتماعي جواب السيد الخوئي على سؤال وجه إليه حول سهو المعصوم، وأنه أجاب بالإيجاب، وذلك في كتاب "منية السائل" ص224، مكتبة أهل البيت بالنص التالي: ما هي حقيقة الحال في مسألة إسهاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن صلاة الصبح؟.. وهل يلزم أن يسهي الله تعالى نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) ليعلم أنه ليس بإله، والله تعالى يقول: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} (الفرقان 7) إلى آيات أخرى، تدل على أنه بشر علاوة على ولادته ووفاته (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ ثم هل يلزم أن يسهي الله تعالى رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لتكون رحمة للأمة لكي لا يعير أحد أحداً إذا نام عن صلاته، وقد أجرى الله سبحانه كثيراً من أحكامه على أناس آخرين لا على الرسول نفسه (صلى الله عليه وآله وسلم)، هذا إذا لاحظنا أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان قد (أنيم) وليس (نام)، والفرق واضح بين الحالتين؟.. وهل صحيح أن ذا اليدين الذي تدور عليه روايات الإسهاء أو السهو لا أصل له، وأنه رجل مختلق، كما يذهب إلى ذلك الشيخ الحر العاملي (قدس سره) في رسالته "التنبيه بالمعلوم من البرهان على تنزيه المعصوم عن السهو والنسيان"؟ فجاء جوابه (قدس سره) نصاً: (القدر المتيقن من السهو الممنوع على المعصوم هو السهو في غير الموضوعات الخارجية. والله العالم).. فهل هذا الجواب يستشفى منه أنه (قدس سره) يقول بوقوع السهو من المعصوم؟
الأخ عاصم المحترم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
موضوع السهو يرتبط بالعصمة، والعصمة هي من الأمور العقائدية التي ثبتت عندنا بالقطع واليقين.
وعليه كل ما يخالف هذا اليقين من أخبار الآحاد لا قيمة علمية له حتى لو صدر من واحد أو اثنين من العلماء؛ لأن المدار في العقائد على القطع واليقين، وأخبار الآحاد والرأي الشاذ لا تنهض بمخالفة القطع واليقين.
هذا من جانب، ومن جانب آخر ما ورد عن السيد الخوئي (قدس سره) بأن قال في كتابه "صراط النجاة": القدر المتيقن هو عدم سهو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في تبليغ الأحكام والمعارف الدينية دون الموضوعات الخارجية. فلا يراد به القول بوقوع السهو في الموضوعات الخارجية، والمتتبع لكلماته (قدس سره) يجد أنه يرد كل رواية يستفاد منها سهو أحد المعصومين (عليهم السلام) في الموضوعات الخارجية، ونذكر هنا موردين فقط:
الأول: رواية والد العرزمي التي ورد فيها أن الإمام علياً (عليه السلام) صلى بالناس صلاة الظهر من غير طهر، وخرج مناديه ينادي أن أمير المؤمنين صلى على غير طهر، فأعيدوا وليبلغ الشاهد الغائب.
علق هنا السيد الخوئي (قدس سره) (كتاب الصلاة ج5 ص 362) قائلاً: "وفيه -مضافاً إلى ضعف سندها لعدم ثبوت والد العرزمي- أن مضمونها غير قابل للتصديق، لمنافاته للعصمة وعدم انطباقه على أصول المذهب".
وهذا مورد واضح لموضوع خارجي، وقد جزم فيه السيد الخوئي بعدم التصديق بورود السهو فيه.
الثاني: جاء في كتاب الصلاة نفسه ج6 ص 42، قال (قدس سره): "ومنها ما روي عن زيد بن علي (عليه السلام) المشتملة على حكاية سهو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وزيادة الخامسة في صلاة الظهر، وإتيانه بسجدتي السهو بعد أن ذكره الأصحاب، ولكنها بالرغم من صحة سندها غير ثابتة عندنا، لمنافاة مضمونها مع القواعد العقلية كما لا يخلو، فهي غير قابلة للتصديق" انتهى.
وبيانه هنا (قدس سره) صريح جداً في نفي السهو عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إمكاناً ووقوعاً.
ودمتم سالمين.
اترك تعليق