حديث المنزلة ودلالاته.

طالب علم/السعودية/: السلام عليكم.. حديث "أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي" تفهمون منه أن علياً بمنزلة الرسول، إلا أنه ليس بنبي، ولهذا فضلتموه على كل الأنبياء. وهذا فهم سقيم، ما فهم علي ما فهمتم، وإلا لامتنع عن مبايعة أبي بكر.        وإن كان هذا النص عندكم صريحاً في الإمارة، فهناك ما هو أصرح منه وأولى وهو تأمير النبي لأسامة بن زيد، فلماذا لا نقول: إنه هو الإمام بعد النبي، بدليل أن النبي أمره؟

: اللجنة العلمية

        الأخ المحترم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

       لو راجعت هذا الحديث الذي جئت به بعين العلم والمعرفة لعرفت أن اسم الجنس المضاف يفيد العموم، نص على ذلك أكابر علماء اللغة والأصول (انظر كتاب مختصر الأصول لابن الحاجب ص 111، وشرح مختصر الأصول لعضد الدين الأيجي ج2 ص 102)، ولفظة (منزلة) في الحديث المذكور أضيفت إلى (هارون)، فهي تفيد أن عموم المنازل التي كانت لهارون، تكون لعلي (عليه السلام) بمحض التشبيه في الكلام، ومن هذه المنازل خلافة هارون لأخيه موسى (عليه السلام) فيما لو عاش بعده.

       هذا من جانب، ومن جانب آخر يدل على العموم في الحديث أيضاً الإستثناء الوارد فيه "إلا أنه لا نبي بعدي". 

       قال جلال الدين المحلي في شرحه على جمع الجوامع (مبحث العموم والخصوصية): "ومعيار العموم الإستثناء، فكل ما صح الإستثناء منه مما لا حصر فيه فهو عام" انتهى.

       فهاتان قرينتان تدلان على عموم الحديث وشموله لكل المنازل التي كانت للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خلا منزلة النبوة، يعرفهما كل متضلع في علوم اللغة العربية وعلم الأصول.

       على أن الحديث المذكور ليس دليلنا الوحيد على خلافته (عليه السلام) المباشرة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل توجد جملة أحاديث أصرح منها، كحديث الغدير وحديث "أنت ولي كل مؤمن بعدي".

       وما جئتم به من تأمير أسامة لا يعد نقضاً؛ لأن المدار ليس على مطلق الإمارة، وإنما على الخلافة والولاية العظمى، وهذا لا يستفاد من تأمير أسامة بالمرة.

       ودمتم سالمين.