سلسلة سؤال وجواب حول المعاد (2)
أدلة المعاد
س: ما أدلة إثبات المعاد؟
ج: يمكن الاستدلال بعدة أدلة نذكر بعضاً منها:
الأول: المعاد يتناسب مع الحكمة الإلهيّة وضد اللغو والعبث:
فإنّ القول بأنّ الغاية من خلقة الإنسان, منحصر بهذه الحياة القصيرة والزائلة, يستلزم العبث واللغو في أصل خلقة الإنسان, وحيث إنّ العبث واللغو مستحيل في فعله تعالى, فلازمه أنّ الغاية غير منحصرة بهذه الحياة, وإنّما بالحياة الأخروية الدائمة.
وبعبارة أخرى: (قياس استثنائي):
لو كانت الغاية من خلق الإنسان منحصرة بهذه الدنيا الفانية, للزم العبث في فعله تعالى, ولكنّ العبث في فعله مستحيل, إذن الغاية غير منحصرة بهذه الحياة, بل بوجود نشأة أخروية.
إنْ قلت: لماذا يستلزم العبث لو انحصرت الغاية بهذه الحياة؟
قلتُ: فلماذا يُكلّف الإنسان بتكاليف كثيرة, ويشقى أشد أنواع الشقاء, ثمَّ ينتهي ويفنى بفناء الدنيا, أفلا يستلزم ذلك العبث؟!
*وقد أشار القرآن الكريم إلى نفي العبثية في أفعاله تعالى في قوله: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)(1) وغيرها من الآيات الشريفة.
الثاني: المعاد مقتضى العدل الإلهي
فالقول بأنّ الله عادل, لا بد أنْ يقطع بوجوب أنْ يقع المعاد, فمن أنكرَ المعاد, لازمه نسبة الظلم إليه تعالى, وحيث إنّ ذلك مستحيل فالمعاد لابد من وقوعه, حسب القانون الإلهيّ.
بعبارةٍ أخرى: ( قياس إستثنائي)
لو لم يقع المعاد, للزم كونه تعالى ظالماً, والتالي باطل جزماً, فالمقدم مثله في البطلان.
بيان الملازمة: إنّ العباد منهم المطيع، ومنهم العاصي, ومنهم الظالم، ومنهم المظلوم, ومنهم الكافر ومنهم المؤمن, وهناك من عبدَ الله وتحمل المشاق والصعاب ولم يعتدِ على الخلق, وهناك من عصى الخالق، وقتل واعتدى على الخلق, فهل يعقل أنْ تنتهي هذه الحياة, من دون أنْ يثاب المؤمن, ويعاقب الكافر, وكلاهما في كفةٍ واحدةٍ, وهل يُعقل أنّ من يقتل آلاف البشر, يموتُ ميتةً واحدةً, بل الصحيح وجود نشأة أخرى تتحقق فيها العدالة الإلهية0
وقد أشار إلى ذلك قوله تعالى: ((أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ))(2).
وقوله تعالى: ((أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ))(3).
ثالثاً: المعاد مجلى لتحقق مواعيده تعالى
كما تقدم, إنّ الله تعالى منجزٌ لوعده, ويستحيل جزماً أنْ يخلف وعده, والعقل يدرك أنّ الإيفاء بالوعد أمر حسن, وخلف الوعد أمرٌ قبيح, والله تعالى يفعل الحسن ولا يفعل القبيح, فلذا القول بعدم وقوع المعاد هو قول بنسبة وقوع الخلف في وعده تعالى, وحيث إنّ هذا مستحيل, فالقول بعدم وقوع المعاد مستحيل.
بعبارةٍ أخرى:
خلف الوعد أمرٌ قبيحٌ ...........................................(1)
والقبيح لا يصدر من الحكيم (سبحانه وتعالى) قطعاً................(2)
إذاً خلف الوعد لا يصدر منه قطعاً.............................(النتيجة).
*وقد أشار إلى ذلك في قوله تعالى:(رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ)(4).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المؤمنون: 115.
(2) ص: 28.
(3) القلم: 35- 36.
(4) آل عمران: 9.
اترك تعليق