أَسْئِلَةٌ حَوْلَ قِرَاءَةِ الفَاتِحَةِ لِلمَيِّتِ وَإِقَامَةِ العَزَاءِ لَهُ.

كاروان كركوكى/ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ؟ أَشْكُرُكُمْ لِجُهُودِكُمْ لِتَوْعِيَةِ المُسْلِمِينَ.   سُؤَالِي: مَا هُوَ الدَّلِيلُ عَلَى قِرَاءَةِ سُورَةِ الفَاتِحَةِ بَعْدَ دَفْنِ المَيِّتِ؟ وَهَلْ يُوجَدُ دَلِيلٌ عَلَى مَا يُسَمَّى تَلْقِينَ المَيِّتِ؟ وَهَلْ يُوجَدُ دَلِيلٌ عَلَى إِقَامَةِ عَزَاءٍ لِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَبَعْدَهَا عَزَاءُ أُسْبُوعِ الوَفَاةِ وأَرْبَعِينِيَّةِ الوَفَاةِ وَسَنَوِيَّةِ الوَفَاةِ لِلمَيِّتِ كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ وَمَوْجُودٌ عِنْدَ عَامَّةِ النَّاسِ؟ أَرْجُوا إِعْطَاءَ الدَّلِيلِ مِنْ کِلَا الفَرِيقَيْنِ؟ وَاللهُ يُوَفِّقُكُمْ.

: اللجنة العلمية

  الأَخُ كاروان المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

  بِالنِّسْبَةِ لِقِرَاءَةِ الفَاتِحَةِ عِنْدَ دَفْنِ المَيِّتِ فَذَلِكَ لِمَا ثَبَتَ مِنْ اسْتِحْبَابِ قِرَاءَتِهِا فِي رِوَايَاتٍ كَثِيرَةٍ عِنْدَنَا؟ نَذْكُرُ مِنْهَا:

مَا وَرَدَ فِي "كَامِلِ الزِّيَارَاتِ" عَنْ المُفَضَّلِ قَالَ: (مَنْ قَرَأَ "إنَّا أَنْزَلْنَاهُ" عِنْدَ قَبْرِ مُؤْمِنٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ بَعَثَ اللهُ إِلَيْهِ مَلَكًا يَعْبُدُ اللهَ عِنْدَ قَبْرِهِ؟ وَيُكْتَبُ لِلمُؤْمِنِ ثَوَابُ مَا يَعْمَلُ ذَلِكَ المَلَكُ؟ فَإِذَا بَعَثَهُ اللهُ مِنْ قَبْرِهِ لَمْ يَمُرَّ عَلَى هَوْلٍ إِلَّا صَرَفَهُ اللهُ عَنْهُ بِذَلِكَ المَلَكِ المُوَكَّلِ؟ حَتَّى يُدْخِلَهُ اللهُ بِهِ الجَنَّةَ؟ وَيَقْرَأُ مَعَ "إنَّا أَنْزَلْنَاهُ" سُورَةَ الحَمْدِ؟ وَالمُعَوِّذَتَيْنِ؟ وَ"قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ"؟ وَآيَةَ الكُرْسِيِّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلَّ سُورَةٍ؟ و"إنَّا أَنْزَلْنَاهُ" سَبْعَ مَرَّاتٍ). [كَامِلُ الزِّيَارَاتِ ص 322 ح 12].

  وَعَنْ السَّيِّدِ عَلِيِّ بْنِ طَاوُوسٍ فِي "مِصْبَاحِ الزَّائِرِ :"عَنْ المُفَضَّلِ مِثْلُهُ [مِصْبَاحُ الزَّائِرِ ص 192].

 وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ الإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَوْلُهُ: (لَوْ قُرِئَتْ الحَمْدُ عَلَى مَيِّتٍ سَبْعِينَ مَرَّةً ثُمَّ رُدَّتْ فِيهِ الرُّوحُ مَا كَانَ عَجَبًا). [الكَافِي - لِلشَّيْخِ الكُلَيْنِيِّ - بَابُ فَضْلِ القُرْآنِ؟ ج2 ص 623].

 وَأمّا عِنْدَ المَذَاهِبِ الأُخْرَى؟ فَقَدْ ثَبَتَ جَوَازُ إِهْدَاءِ ثَوَابِ قِرَاءَةِ القُرْآنِ لِلمَيِّتِ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ؟ وَبَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ؟ وَالكَثِيرِينَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ؟ وَهُوَ المَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سوف نبل. [رَاجِعْ عَلَى التَّرْتِيبِ: تَبْيِينُ الحَقَائِقِ شَرْح كَنْزِ الدَّقَائِقِ 5: 131؟ وَمَنْحُ الجَلِيلِ شَرْح مُخْتَصَرِ خَلِيلٍ 3 :176؟ وَفَتْحُ المعِينِ 3: 258؟ وَالشَّرْحُ الكَبِيرُ لِابْنِ قُدَامَةَ 2 :425].

 وَأَمَّا تَلْقِينُ المَيِّتِ فَلِمَا وَرَدَ مِنْ الرِّوَايَاتِ الكَثِيرَةِ أَيْضًا فِي هَذَا الجَانِبِ؟ نَذْكُرُ مِنْهَا مَا رَوَاهُ الشَّيْخُ الطُّوسِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ؟ عَنْ المُفِيدِ؟ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ؟ عَنْ أَبِيهِ؟ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ؟ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى؟ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الرَّازِي؟ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ؟ عَنْ إِسْمَاعِيلَ؟ عَنْ أَبِي الحَسَنِ الدَّلَّالِ؟ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: مَا عَلَى أَهْلِ المَيِّتِ مِنْكُمْ أَنْ يَدْرَؤُوا عَنْ مَيِّتِهِمْ لِقَاءَ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ؟! قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ نَصْنَعُ؟ قَالَ: إِذَا أُفْرِدَ المَيِّتُ فَلْيُسْتَخْلَفْ عِنْدَهُ أَوْلَى النَّاسِ بِهِ؟ فَيَضَعُ فَمَهُ عِنْدَ رَأْسِهِ؟ ثُمَّ يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ؟ أَوْ يَا فُلَانَةُ بِنْتَ فُلَانٍ؟ هَلْ أَنْتَ عَلَى العَهْدِ الَّذِي فَارَقْتَنَا عَلَيْهِ مِنْ شَهَادَةِ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؟ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ سَيِّدُ النَّبِيِّينَ؟ وَأَنَّ عَلِيًّا أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ وَسَيِّدُ الوَصِيِّينَ؟ وَأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ حَقٌّ؟ وَأَنَّ المَوْتَ حَقٌّ؟ وَالبَعْثُ حَقٌّ؟ وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي القُبُورِ. قَالَ: فَيَقُولُ مُنْكَرٌ لِنَكِيرٍ: انْصَرِفْ بِنَا عَنْ هَذَا فَقَدْ لُقِّنَ حُجَّتُهُ. [تَهْذِيبُ الأَحْكَامِ 1: 322].

 وَرَوَاهُ الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ. [الفَقِيهُ 1: 109]. 

 وَرَوَاهُ الكُلَيْنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى؟ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا؟ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ. [الكَافِي 3: 201]. 

 وَهُوَ - أَيْ تَلْقِينُ المَيِّتِ - مُسْتَحَبٌّ أَيْضًا عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ؟ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الغَنِيِّ الدِّمَشْقِيُّ الحَنَفِيُّ فِي كِتَابِهِ "اللُّبَاب فِي شَرْحِ الكِتَابِ" ج 1 ص 125: (وَأَمَّا تَلْقِينُهُ (أَيْ المَيِّتُ) فِي القَبْرِ فَمَشْرُوعٌ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحْيِيهِ فِي قَبْرِهِ). انْتَهَى.

 وَأَمَّا إِقَامَةُ العَزَاءِ لِلمَيِّتِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؟ فَالتَّعْزِيَةُ لِلْحَزِينِ بِشَكْلٍ عَامٍّ مُسْتَحَبَّةٌ؟ فَقَدْ وَرَدَ فِي هَذَا الجَانِبِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ جِدًّا بَلَغَتِ العَشَراتِ [رَاجِعْ: جَامِعُ أَحَادِيثِ الشِّيعَةِ ج3؟ ص601 - 709] مِنْهَا هَذَا الحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الشَّيْخُ الكُلَيْنيُّ عَنْ الإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ جَدِّهِ رَسُولِ اللهِ (صَلّى اللهُ عليهِ وآلهِ) أَنَّهُ قَالَ: (مَنْ عَزَّى حَزِينًا كُسِيَ فِيِ المَوْقِفِ حُلَّةً يُحْبَى بِهَا). [الكَافِي ج3؟ ص226].

  وَفِي كُتُبِ أَهْلِ السُّنَّةِ رَوَى ابْنُ مَاجَةَ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ؟ عَنْ النَّبِيِّ (ص) أَنَّهُ قَالَ: (مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ؟ إِلَّا كَسَاهُ اللهُ سُبْحَانَهُ مِنْ حُلَلِ الكَرَامَةِ يَوْمَ القِيَامَةِ)؟ وَقَدْ صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ.

 وَقَدْ ثَبَتَ فِي البُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ (ص) جَلَسَ لِلْعَزَاءِ فِي المَسْجِدِ بَعْدَ اسْتِشْهَادِ جَعْفَرٍ الطَّيَّارِ (رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ) وَشُهَدَاءِ مُؤتَةَ. [صَحِيحُ البُخَارِيِّ 2: 83].

     وَجَاءَ فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ ابْنِ بَازٍ: (لَا أَعْلَمُ بَأْسًا فِيمَنْ نَزَلَتْ بِهِ مُصِيبَةٌ بِمَوْتِ قَرِيبٍ؟ أَوْ زَوْجَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ؟ أَنْ يَسْتَقْبِلَ المُعَزِّينَ فِي بَيْتِهِ فِي الوَقْتِ المُنَاسِبِ; لِأَنَّ التَّعْزِيَةَ سُنَّةٌ؟ وَاسْتِقْبَالُ المُعَزِّينَ مِمَّا يُعِينُهُمْ عَلَى أَدَاءِ السُّنَّةِ; وَإِذَا أَكْرَمَهُمْ بِالقَهْوَةِ؟ أَوْ الشَّايِ؟ أَوْ الطِّيبِ؟ فَكُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ. انْتَهَى مِنْ "مَجْمُوعِ فَتَاوَى وَمَقَالَاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ) [مَجْمُوعُ فَتَاوَى وَمَقَالَاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ 13: 373]. 

 أَمَّا كَوْنُ الجُلُوسِ لِلتَّعْزِيَةِ عَلَى نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ؟ فَقَدْ جَاءَ فِي فَتْوًى صَادِرَةٍ مِنْ مَكْتَبِ سَمَاحَةِ السَّيِّدِ السِّيستَانِيِّ (دَامَ ظِلُّهُ) مَا نَصُّهُ: (إِنَّ تَعْزِيَةَ المُصَابِ وَإِنْ كَانَتْ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً؟ بَلْ فِيهَا أَجْرٌ عَظِيمٌ وَثَوَابٌ جَسِيمٌ كَمَا نَطَقَتْ بِفَضلِهَا الأَخْبَارُ؟ إِلَّا أَنَّهُ يَكْفِي فِيهَا رُؤْيَةُ صَاحِبِ المُصِيبَةِ كَمَا وَرَدَ فِي الحَدِيثِ (كَفَى مِنْ التَّعْزِيَةِ أَنْ يَرَاكَ صَاحِبُ المُصِيبَةِ) وَيَجُوزُ الجُلُوسُ فِيهَا وَلَكِنْ قِيلَ بِكَرَاهَةِ مَا زَادَ عَلَى يَوْمٍ وَاحِدٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الجُلُوسُ بِقَصْدِ قِرَاءَةِ القُرْآنِ وَالدُّعَاءِ). انْتَهَى. 

أَمَّا إِقَامَةُ العَزَاءِ لِلمَيِّتِ أَوْ زِيَارَتُهُ بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا مِنْ وَفَاتِهِ أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ فَلَمْ يَرِدْ فِيهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ بِخُصُوصِهَا؟ بَلْ قَالَ العُلَمَاءُ: يُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ قُبُورِ المُؤْمِنِينَ فِي أَيِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ السَّنَةِ؟ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ إِقَامَةُ العَزَاءِ لِسَيِّدِ الشُّهَدَاءِ الحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَالعِتْرَةِ الطَّاهِرَةِ لِمَا وَرَدَ مِنْ الأَدِلَّةِ المُتَكَاثِرَةِ المُتَظَافِرَةِ عَلَى اسْتِحْبَابِ إِحْيَاءِ شَعَائِرِهِمْ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ).

     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.