( كُتبَ عليكم الصيام كما كُتبَ على الذين من قبلكم) مادلالة هذه الآية الكريمة ومن هم الذين صاموا قبل الإسلام. وكم يوم صاموا القوم الذين قبلنا؟

مرحباً. لدي سؤال تعرضت لهُ يتناول فيهِ موضوع الصيام وشهر رمضان المبارك.. قال الله ( كُتبَ عليكم الصيام كما كُتبَ على الذين من قبلكم) مادلالة هذه الآية الكريمة ومن هم الذين صاموا قبل الإسلام. وكم يوم صاموا القوم الذين قبلنا؟

: السيد رعد المرسومي

السلام عليكم ورحمة الله:

هذه الآية ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) تعني أنّ الباري عزّ وجلَّ قد فرض شهر رمضان على طائفة من خلقه كانوا قبلنا، أي قبل زمان الرسالة المحمّديّة الشريفة، والمراد بهؤلاء الذين كانوا قبلنا والذين فرض عليهم صيام شهر رمضان هم الأنبياء فقط، دون الأمم. فإنّ الأمم كان عليهم صوم أكثر من ذلك في غير ذلك الشّهر.

 ويدلُّ على ذلك: ما رواه الكليني في الكافي بسنده عن أبي جعفر (ع) قال: قال رسول الله (ص) لمَّا حضر شهر رمضان : أيُّها الناس هذا الشهر قد خصَّكم الله به وحضركم وهو سيد الشهور

وكذلك ما ورد في الصّحيفة السجّاديّة الكاملة (في وداع شهر رمضان)، إذْ جاء فيها: ثمّ آثرتنا به على سائر الأمم . واصطفيتنا بفضله دون أهل الملل . فصمنا بأمرك نهاره. وقمنا بعونك ليله.

وكذلك ما رواه الصدوق (ره) في من لا يحضره الفقيه ( 2/99 ) ، قال : روى سليمان بن داود المنقريّ ، عن حفص بن غياث النّخعيّ قال : سمعت أبا عبد اللَّه - عليه السّلام - يقول : إنّ شهر رمضان لم يفرض اللَّه صيامه على أحد من الأمم قبلنا . فقلت له : فقول اللَّه - عزّ وجلّ - « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ » . قال : فرض اللَّه شهر رمضان على الأنبياء ، دون الأمم . ففضّل اللَّه به هذه الأمّة . وجعل صيامه فرضا على رسول اللَّه - صلَّى اللَّه عليه وآله - وعلى أمّته. [ينظر: تفسير كنز الدقائق وبحر الغرائب، ج ٢، الشيخ محمد بن محمد رضا القمي المشهدي، ص ٢٣٧].

ثُمَّ إنّ مَنْ زعم أنّ الآية صريحةٌ في كون صيام شهر رمضان كان مفروضاً على الأمم السابقة كما فرض علينا، ينسى أو يتجاهل أنّ ذلك ولم يرد في كتبنا الخاصّة، فيحتجّ علينا بما ورد من روايات وأقاويل في كتب العامّة، كما في بعض كتب التفاسير كتفسير الطبريّ والسمعانيّ والبغويّ وغيرهم، إذْ تجد فيها تحديداً لعدد الأيام وكيفيّة الصوم للأمم السابقة، إذْ ورد في هذه التفاسير وغيرها انَّ صوم شهر رمضان كان مفروضاً على النصارى وكُتب عليهم أنْ لا يأكلوا ولا يشربوا بعد النوم ، ولا ينكحوا النساء في شهر رمضان فاشتدَّ على النصارى صيام رمضان وجعل يقلب عليهم في الشتاء والصيف، فلما رأوا ذلك اجتمعوا فجعلوا صياماً في الفصل بين الشتاء والصيف ، وقالوا نزيد عشرين يوماً نكفِّر بها ما صنعنا، فجعلوا صيامهم خمسين.وادّعى آخرون انَّ الصوم في شهر رمضان كان مفروضاً على عموم أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وروى بعضهم انَّ صوم شهر رمضان كان مفروضاً على كلِّ الأمم، إلى غير ذلك من الأقوال التي تخالف ما ورد عن أهل البيت عليهم السلام.ودمتم سالمين.