تفسير قوله تعالى (أحلَّ لكُم صيدُ البحرِ وطعامُه متاعاً لكُم وللسّيّارة) 

السلام عليكم هنالك اية تقول بسمه تعالى { أحل لكم صيد البحر متاعاً لكم وللسيارة } ما تفسير الاية وهل جميع اكل البحر حلال واذا كان حلال كيف نحرم اكل بعض انواع السمك

: السيد رعد المرسومي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قالَ الشّيخُ الطّبرسيّ، في كتابه ( مجمعُ البيانِ، ج ٣/ ص422) في معنى هذهِ الآيةِ إنّ اللهَ سُبحانَه وتعالى بيّنَ ما يحلُّ منَ الصّيدِ ، وما لا يحلُّ ، فقالَ : ( أحلَّ لكُم صيدُ البحر) أي : أبيحَ لكُم صيدُ الماءِ ، وإنّما أحلَّ بهذهِ الآيةِ الطّريُّ مِن صيدِ البحر ، لأنّ العتيقَ لا خلافَ في كونِه حلالاً ، عَن إبنِ عبّاسٍ ، وزيدٍ بنِ ثابت ، وسعيدٍ بنِ جبيرٍ ، وسعيدٍ بنِ المسيبِ ، وقتادةَ ، ومجاهدٍ. ( وطعامُه ) يعني : طعامَ البحر . ثمَّ إختُلفَ فيهِ ، فقيلَ: يريدُ بهِ ما قذفَهُ البحرُ ميتاً ، عَن إبنِ عبّاسٍ ، وإبنِ عُمر ، وقتادةَ. وقيلَ : يريدُ بهِ المملوحَ ، عَن إبنِ عبّاسٍ في روايةٍ أخرى ، وسعيدٍ بنِ المُسيّبِ ، وسعيدٍ بنِ جبيرٍ ، ومجاهدٍ ، وهو الذي يليقُ بمذهبِنا ، وإنّما سُمّيَ طعاماً لأنّهُ يُدّخرُ ليُطعمَ، فصارَ كالمقتاتِ منَ الأغذيةِ ، فيكونُ المرادُ بصيدِ البحرِ : الطّريّ ، وبطعامِه : المملوحُ ، لأنّه عندَنا لا يجوزُ أكلُ ما يقذفُ بهِ البحرُ ميتاً للمُحرمِ وغيرِ المُحرم . وقيلَ : المرادُ بطعامِه ما ينبتُ بمائِه منَ الزّرعِ والثّمار. 

قلتُ: ويؤيّدُ ذلكَ ما وردَ في تفسيرِ كنز الدّقائقِ وبحر الغرائبِ، للشّيخِ محمّدٍ بنِ محمّد رضا القُمّي المشهديّ، تفسيرُ كنزِ الدّقائقِ وبحرِ الغرائبِ، (ج ٤/ ص ٢٤٠)، إذ نُقلَ عنِ الشّيخِ الكُلينيّ في كتابِه الكافي عَن عليٍّ بنِ إبراهيم ، عَن أبيهِ ، عَن حمّادٍ ، عَن حريزٍ ، عمّن أخبرَه ، عَن أبي عبدِ اللَّهِ - عليهِ السّلام - قالَ : لا بأسَ بأن يصيدَ المحرمُ السّمكَ ، ويأكلَ مالحَه وطريَّه ويتزوّدَ. وقالَ: « أُحِلَّ لَكُم صَيدُ البَحرِ وطَعامُهُ مَتاعاً لَكُم ولِلسَّيَّارَة . » قالَ : مالحَه ، الَّذي يأكلونَ . وفصّلَ ما بينَهما : كلُّ طيرٍ يكونُ في الآجامِ يبيضُ في البرِّ ويفرخُ في البرّ ، فهوَ مِن صيدِ البرّ . وما كانَ مِن صيدِ البرِّ يكونُ في البرِّ ويبيضُ في البحرِ ويفرّخُ في البحرِ، فهوَ مِن صيدِ البحر . 

وعن عليٍّ بنِ إبراهيمَ ، عَن أبيهِ، عَن إبنِ أبي عُميرٍ ، عَن معاويةَ بنِ عمّارٍ ، عَن أبي عبدِ اللَّهِ - عليهِ السّلام - قالَ : كلُّ شيءٍ يكونُ أصله في البحر ويكونُ في البرّ والبحرِ ، فلا ينبغي للمُحرمِ أن يقتلَه، فإن قتلَه ، فعليهِ الجزاءُ كما قالَ اللَّهُ سبحانَه وتعالى. 

ثُمَّ إنّهُ ليسَ كُلُّ أكلِ البحر حلالاً لدليلٍ واردٍ عَن أئمّةِ أهلِ البيتِ عليهم السّلام، فمِن ذلكَ: ما أوردَه الحرُّ العامليّ مِن أحاديثَ معتبرةٍ في وسائلِ الشّيعةِ تبيّنُ ما يحلُّ مِن أكلِ البحر وما لا يحلُّ، فمِنها: ما جاءَ في الحديثِ رقمُ (30146) عَن محمّدٍ بنِ يعقوبَ ، عَن عدّةٍ مِن أصحابِنا ، عَن سهلٍ بنِ زياد ، وعَن محمّدٍ بنِ يحيى ، عَن أحمدَ بنِ محمّدٍ جميعاً ، عَن إبنِ محبوبٍ، وأحمدَ بنِ محمّدٍ بنِ أبي نصرٍ جميعاً ، عنِ العلاءِ ، عَن محمّدٍ بنِ مسلمٍ ، عن أبي جعفرٍ ( عليه السّلام ) ـ في حديثٍ ـ قالَ : قلتُ له : رحمكَ اللهُ ، إنّا نُؤتى بالسّمكِ ليسَ لهُ قشرٌ، فقالَ : كلُّ ما لهُ قشرٌ منَ السّمكِ ، وما ليسَ لهُ قشرٌ فلا تأكُله .  

ورواهُ الشّيخُ بإسنادِه عنِ الحُسينِ بنِ سعيدٍ ، عَن فضالةَ بنِ أيوب ، عنِ العلاءِ مثله. 

وجاءَ في الحديثِ رقمُ (30149): وعَن عليٍّ بنِ إبراهيمَ ، عَن أبيهِ ، عَن عبدِ اللهِ بن المُغيرة ، عَن عبدِ اللهِ بنِ سنان ، عَن أبي عبدِ اللهِ ( عليه السّلام ) قالَ : كانَ عليّ ( عليه السّلام ) بالكوفةِ يركبُ بغلةَ رسولِ اللهِ ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) ، ثمَّ يمرُّ بسوقِ الحيتانِ ، فيقولُ : لا تأكلوا ، ولا تبيعوا ما لَم يكُن لهُ قشرٌ منَ السّمك . 

قالَ الحرُّ العامليّ: ورواهُ الشّيخُ بإسنادِه عنِ الحُسينِ بنِ سعيدٍ ، عَن حمّادٍ ، عَن عبدِ اللهِ إبنِ المُغيرةَ ، عَن إبنِ سنانٍ مثله (1) . 

وجاءَ في الحديثِ رقمُ (30150) وعَن عليٍّ بنِ إبراهيمَ ، عَن أبيهِ ، عَن حنانٍ بنِ سديرٍ ، عَن أبي عبدِ اللهِ ( عليهِ السّلام ) ـ في حديثٍ قالَ : ما لم يكُن لهُ قشرٌ منَ السّمكِ فلا تقرَبه . 

وجاءَ في الحديثِ رقم (30155) عَن محمّدٍ بنِ يعقوبَ ، عَن عدّةٍ مِن أصحابِنا ، عَن سهلٍ بنِ زياد ، وعَن محمّدٍ بنِ يحيى ، عَن أحمدِ بنِ محمّدٍ جميعاً ، عَن إبنِ محبوبٍ وأحمدَ بنِ محمّدٍ بن أبي نصرٍ جميعاً ، عنِ العلاءِ ، عَن محمّدٍ إبنِ مسلمٍ ، قالَ : أقرأني أبو جعفرٍ (عليهِ السّلام ) شيئاً مِن كتابِ عليٍّ ( عليهِ السّلام ) ، فإذا فيهِ : أنهاكُم عنِ الجريّ والزّميرِ والمارماهي والطّافي والطّحالِ ـ الحديث . 

قالَ الحرُّ العامليّ: ورواهُ الشّيخُ بإسنادِه عنِ الحُسينِ بنِ سعيدٍ ، عَن فضالةَ بنِ أيّوبَ، عنِ العلاءِ مثله. ودمتُم سالِمين.