هل هناكَ فعلاً ملائكةٌ تنقلُ جسدَ الميّتِ مِن مكانٍ دُفنَ فيهِ إلى مكانٍ آخر ؟  

: سيد حسن العلوي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :  

قالَ الشيخُ التويسركاني (ت 1320 هج) :  

نقلَ بعضُ مَن عاصرناهُ مِن أهلِ العلمِ والجماعةِ والوثاقةِ أعرفُ خطّهُ هذهِ الأخبارَ عنِ العالمِ الملّا عبدِ الصّمدِ الهمدانيّ حيثُ قالَ كتباً وجدَ هذهِ الأخبارَ العالمُ العارفُ المُحقّقُ الملّا عبدُ الصّمدِ الهمداني مِن تتبّعِ الأخبارِ بسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحيم أمّا بعد فمِن جُملةِ الأحاديثِ التي تدلُّ على وجودِ الملائكةِ النّقّالةِ لجسدِ الموتى : 

1- ما رواهُ الشّيخُ الطوسي (ره) في أماليه مرفوعاً إلى أبى عبدِ اللّه عليه السّلام قالَ قالَ رسولُ اللّهِ صلّى اللّهُ عليهِ وآله: إنّ للّهِ ملائكةً ينقلونَ أمواتَ العبادِ حيثُ يناسبُهم . 

2- وبهذا الإسنادِ عن ميثمَ التّمّارِ قالَ قلتُ لهُ جُعلتَ فداكَ أتأذنُ لي أن أنقلَ أخي إلى طيبة ؟ فقالَ : لو كانَ صالحاً لنقلوهُ إليها دونَك . 

3- وروى في غوالي اللئالي بسندٍ صحيحٍ عَن كميلٍ بنِ زياد أنّهُ قالَ سمعتُ أميرَ المؤمنين عليه السّلام يقولُ : إدفنوا موتاكم أنّى شئتُم فلو كانوا صُلحاءَ أبراراً لنقلتهم الملائكةُ إلى جوارِ بيتِ اللّهِ الحرامِ ومدينةِ رسولِه المُعظّمِ ولو كانوا فُسقاءَ أشراراً لنقلتهم الملائكةُ إلى حيثُ يجدونَه أهلاً ثمّة .  

4- وروى شيخُ الطائفةِ في كشفِ الحقِّ بسندِه مرفوعاً عن أبي بصيرٍ قالَ حججتُ مع أبى عبدِ اللّهِ عليه السّلام حتّى زارَ قبرَ جدِّه بالمدينةِ وزُرنا معهُ فقالُ رجلٌ مِن بني يقطان يا بنَ رسولِ اللّهِ إنّهم يزعمونَ أنّهم يزورونَ ومعَ ذلكَ في هذه القبّةِ فقالَ : مه يا أبا يقطان إنّهم كذبوا فو اللّهِ لو نُبشَ قبرُهما لوُجدَ في مكانِهما سلمانُ وأبو ذرٍّ فو اللّهِ إنّهما أحقُّ بهذا الموضعِ مِن غيرِهما قالَ أبو بصيرٍ فقلتُ له : يا بنَ رسولِ اللّه : كيفَ يكونُ إنتقالُ الميّتِ ووضعُ آخر مكانَه فقالَ : يا أبا محمّدٍ إنَّ اللّهَ خلقَ سبعينَ ألفَ ملكٍ يُقالُ لهم النّقّالةُ ينتشرونَ في مشارقِ الأرضِ ومغاربِها فيأخذونَ أمواتَ العبادِ ويدفنونَ كلّاً منهُم مكاناً يستحقُّه وإنّهم يستلبونَ جسدَ الميّتِ عن نعشِه ويضعونَ آخرَ مكانَه مِن حيثُ لا تدرونَ ولا تشعرونَ وما ذلكَ ببعيدٍ وما اللّهُ بظلّامٍ للعبيد . 

ورويَ هذا الحديثُ بعينِه في كتابِ زوائدِ الفوايد وذكرَه إبنُ طاووسَ (ره) في وصاياهُ أيضاً  

5- وذكرَ السّيّدُ المُرتضى (ره) في الغُررِ والدّررِ أنّهُ جيءَ إلى عُمرَ بنِ الخطّابِ بعبدٍ قد قتلَ مولاهُ فأمرَ عُمرُ بقصاصِه إذ دخلَ أميرُ المؤمنينَ عليه السّلام فقالَ فيما أنتم ؟ قالَ عُمر : يا أبا الحسنِ إنَّ هذا عبدٌ قد قتلَ مولاهُ فأمرنا بقصاصِه فسألهُ عليٌّ عليه السّلام هل قتلتَ أنتَ مولاكَ ؟ قالَ العبدُ : نعم قالَ فلمَ قتلتَه ؟ قالَ لأنّهُ هوى لي وطالبني عَن نفسي فقتلتُه فأمرَ أميرُ المؤمنينَ عليه السّلام بنبشِ قبرِه فلم يجدوهُ فقالَ صدقَ حبيبي رسولُ اللّهِ صلّى اللّهُ عليهِ وآله إنّي سمعتُه يقول : مَن عملَ مِن أمّتي عملَ قومِ لوط يحشرُ معهم .  

قالَ السّيّدُ (ره) : وهذا الخبرُ أيضاً ممّا يُستدلُّ بهِ على وجودِ الملكِ النّقّال . 

أقولُ : هذا الحديثُ الأخيرُ يأتي في ذيلِ البابِ العاشرِ في لؤلؤ ما وردَ في عقابِ اللّواطِ بأبسطِ ممّا هُنا . 

(قصصٌ تدلُّ على وجودِ الملائكةِ النّقّالةِ) 

[ القصّةُ الأولى ] 

ثمَّ أقولُ : وممّا يدلُّ على وجودِ الملائكةِ النّقّالةِ قصصٌ رواها المُحقّقُ المعاصرُ الآخوند الملا محمود العراقي طابَ ثراه في خاتمةِ كتابِه المُسمّى بدارِ السّلامِ في عدادِ المُكاشفاتِ التي نقلها فيهِ منَ المآخذِ المُعتبرةِ منَ المرحومِ المغفورِ الآخوند الحاج ملا مهدى النراقي نوّرَ اللّهُ مضجعَه ومِن رجلٍ صالحٍ مِن سكّانِ النّجفِ الأشرفِ ومنَ السّيّدِ الجليلِ السّيّدِ مُرتضى الخراساني عَن جمعٍ مِن أخيارِ النّجفِ نقلناها مُلخّصاً قالَ الأوّلُ منهُم ظهرَ قحطٌ وغلاءٌ شديدٌ في النّجفِ الأشرفِ وكنتُ ذا عيالٍ وأطفال وإشتدَّ عليّ أمرُ المعاشِ فذهبتُ يوماً إلى وادي السّلام ليُرفعَ غمّي بزيارةِ القبورِ فإذا رأيتُ في حالِ اليقظةِ جماعةً أتوا بجنازةٍ ودخلوا في جنّةٍ واسعةٍ لا يسعُ اللسانُ على بيانِها ، ثمَّ أدخلوها في قصرٍ عالٍ مِن قصورِها المُزيّنةِ بأنواعِ الزّينةِ والفرشِ والأثاثِ التي لا يقدرُ على وصفِها الواصفونَ فدخلتُ القصرَ عقيبهم فإذا رأيتُ شابّاً على زيّ السّلاطينِ جالساً على كُرسيٍّ مُرصّعٍ منَ الذّهبِ ، فلمّا وقعَ نظرُه عليَّ سبقني بالسّلامِ وناداني باسمي ودعاني إليهِ وقامَ تعظيماً لي وأخذَ بيدي وأجلسَني في جنبِه وعظّمني وأكرمني وألطفَ بي كثيراً .

ثمَّ قالَ لي : أعلمُ أنّكَ لا تعرفُني أنا صاحبُ الجنازةِ التي رأيتَها قبلَ هذا إسمي فلانٌ وبلدي فلان وهؤلاءِ الجماعةُ الملائكةُ النّقّالةُ نقلوني مِن بلدي إلى هذهِ الجنّةِ البرزخيّةِ فلمّا سمعتُ منهُ ذلكَ رُفعَ عنّي الحزنُ ووجدتُ نفسي مائلةً إلى السّيرِ فيها فخرجتُ مِن قصرِه وأسيرُ فيها فإذا بقصورٍ أخرى رأيتُ فيها أبي وأمّي وبعضَ أرحامي السّالفةِ فاستقبلوني في سرورٍ وفرحٍ وسألوني عنِ الأرحامِ فذكرتُ لهم في خلالِها شدّةَ الفقرِ وجوعَ الأطفالِ فأشارَ بي أبي إلى قبّةٍ وقالَ فيه الأرزُ خُذ منهُ ما شئتَ ففرحتُ ودخلتُ فيها وبسطتُ عبائي وملأتُها أرزاً وخرجتُ إلى النّجفِ وعِشنا بهِ مدّةً ولم يكُن ينقصُ منهُ شيءٌ حتّى ألجأتني زوجَتي إلى شرحِ الواقعةِ فذهبتُ إليهِ فلم تجِد منهُ شيئاً . 

[ القصّةُ الثّانية ]

وقالَ الثّاني منهم : كنتُ قريباً بالمغربِ في وادي السّلامِ فإذا رأيتُ رجلاً راكباً في غايةِ الحُسنِ والجمالِ ونهايةِ العظمةِ والجلالِ ومعهُ جماعةٌ راكبونَ على النّجائبِ أتوا إلى وادي السّلامِ فدنوتُ منهم وسلّمتُ عليهم . 

فقالَ لي واحدٌ منهم : أنا الملائكةُ النّقّالةُ وهذا الرّاكبُ قدّامَنا رجلٌ صالحٌ مِن أهلِ الأهوازِ والحويزةِ نأتي بهِ إلى هذا المكانِ وأنتَ جيء معنا قالَ فلمّا مشيتُ معهم قليلاً فإذا رأيتُ مكاناً وسيعاً لم أرَ مثله في لطافةِ الهواءِ والحسنِ فنزلَ واحدٌ منهم وأنزلَ الرّاكبَ وأدخلوهُ في قصرٍ عالٍ مفروشٍ بأنواعِ الفُرشِ وأقسامِ الزّينةِ والأثاثِ والنّمارقِ والزّرابي والقناديلِ والمشاعلِ الجنتيّةِ وأجلسوهُ في صدرِ المجلسِ وحيّوهُ بالتحيّاتِ ثمَّ وضعوا عندَه أنواعَ الفواكهِ وأقسامَ المآكلِ اللائقةِ بالملوكِ والسّلاطينِ فشرعَ في الأكلِ وأمرني بالأكلِ فأكلتُ معهُ ثمَّ قال لي أتعلمُ ما السرُّ في إنكشافِ هذا الأمرِ العجيبِ الذي لم تجرِ العادةُ على إنكشافِها لكَ ؟ قلتُ : لا . قالَ : لأبيكَ عليَّ منوانِ منَ الحنطةِ فلمّا أرادَ اللّهُ عليَّ إتمامَ هذهِ النّعمِ التي تراها أراني اللّهُ إيّاكَ لتأخذَ الحنطةَ ولم ينقُص مِن نِعمي شيءٌ فأمرَ واحداً ممَّن كانوا حولَه فصبّ على عبائي حنطةً فنظرتُ فلم أرَ مِن هذهِ الأوضاعِ العجيبةِ وهذا الأشخاصِ إلّا العباءَ والحنطةَ فحملتُه إلى النّجفِ ووضعتُه في داري وكنتُ أطحنُ منها وأعيشُ بها زماناً طويلاً ولم ينقُص منها شيءٌ حتّى ظهرَ أمرُها وشاعَ بينَ النّاسِ فلم أرَ مِنها شيئاً بعدَ ذلك .  

ونقلَ بعضُ الأعلامِ أنَّ الرّجلَ الأهوازيّ أو الحويزائى كانَ مِن عوامِّ الشّيعةِ ولم يكُن منَ العلماءِ والسّادة . 

[ القصّةُ الثّالثةُ ] 

وقالَ الثّالثُ منهم : ماتَ عالمٌ مِن سكّانِ النّجفِ الأشرفِ في المراجعةِ عَن زيارةِ بيتِ اللّهِ الحرامِ في مفازةٍ بعيدةٍ منَ المنازلِ ولم يقدِر الحُجّاجُ على نقلِ جنازتِه لمنعِ أميرِ الحاجِّ لكونِه ناصبيّاً منَ الحملِ والنّقلِ فدفنوهُ بحزنٍ شديدٍ وضربوا على قبرِه خيمةً وقالوا لشيخٍ ورعٍ مُسمّى بالشيخِ محمّد مِن أهلِ الحاجِ أن يبيتَ على قبرِه في الليلةِ ويتلو القرآنَ وكان الحُجّاجُ أصحابُه في خيمةٍ أخرى يتأسّفونَ على فوتِه ويذكرونَ محامدَه حتّى دخلَ السّحرُ فإذا رأوا الشّيخَ مُضطرباً خائفاً مُتعجّباً قائلاً سبحانَ اللّهِ سبحانَ اللّهِ منَ التّعجّبِ دخلَ عليهم فلمّا رأوهُ على هذهِ الحالةِ سألوه عَن سببِه وقالوا لهُ لمَ تركتَ قبرَ الشّيخِ وحدَه قالَ راحَ الشّيخُ المشهدُ ما هوَ هناكَ فضحكوا مِن قوله وظنّوا أنّه يمزحُ فقالوا لهُ ما تقولُ أتمزحُ ؟ قالَ لا واللّهِ رأيتُه في حالِ اليقظةِ بهذهِ العينِ وكلّمتُه بهذا اللّسان . فسألوهُ عنِ الواقعةِ فقالَ : كنتُ في الخيمةِ وأتلو القرآنَ حتّى مضى نصفُ الليلِ فقمتُ وجدّدتُ الوضوءَ وأدّيتُ صلاةَ اللّيلِ ثمَّ إشتغلتُ بتلاوةِ القرآنِ فإذا سمعتُ صوتَ رجلِ الفرسِ فنظرتُ فرأيتُ رجلينِ وراءَ الخيمةِ ومعهم ثلاثةُ أفراسٍ مُسرّجةٍ مُلجّمةٍ كأنّهما ينتظرانِ أحداً فإذا رأيتَ الشّيخَ في داخلِ الخيمةِ على هيئةٍ حسنةٍ ولباسٍ جديدٍ مرغوبٍ أرادَ الخروجَ منها فلمّا وقعَ نظرُه عليَّ إستعجلَ وخرجَ منَ الخيمةِ مُسرِعاً فأخذَ الرّجلانِ بركابِه وأركباهُ وركبا ومضيا خلفَه مُسرعينِ كالملازمِ ومضوا إلى النّجفِ فلمّا رأيتُ ذلكَ عدوتُ وأخذتُ ركابَ الشّيخِ وقلتُ : شيخنا أينَ تذهبُ قالَ إلى النّجفِ قلتُ : انا أجيءُ معكم . 

قالَ : لا يمكنُ ذلكَ في الحال .  

قلتُ : لا أدعُ الرّكّابَ وأجيءُ معكم .  

فقالَ : أنتَ تجيءُ بعدي بثلاثةِ أيّامٍ فذهبوا وغابوا عَن نظري فتعجّبَ الحاضرونَ مِن مقالتِه وأنكرَهُ بعضُهم فقالَ : علامةُ صِدقي ما أخبرَ بهِ الشّيخُ مِن موتي بعدَ ثلاثةِ أيّامٍ قالَ الحجّاجُ كانَ الشيخُ سالماً يومينِ وعرضَ عليه حمّى في اليومِ الثّالثِ وماتَ فيه . 

[ القصّة الرّابعة ]

 وممّا يشهدُ لذلكَ ما نقلَه المُحقّقُ المزبور أيضاً عَن حاجِّ الحرمينِ الحاج ميرزا مهدى الاشتيانى عَن محمود الخادمِ لحرمِ الحسينيّة عليه السّلام الحافظِ لنعالِ الزّوّارِ قالَ كنتُ ليلةً منَ المُستحفظينَ في الحرمِ فلمّا ذهبَ النّاسُ وقفلنا الأبوابَ ونامَ الخُدّامُ ومضى نصفُ الليلِ وكنتُ أنا على الإتّفاقِ يقظاناً فإذا رأيتُ رجلينِ دخلا مِن جانبِ بابِ الزّينبيّةِ وجاءا إلى قبرٍ جديدٍ دُفنَت فيهِ جنازةٌ في اليومِ السّابقِ وحفراهُ وأخرجا الجنازةَ في حالٍ يستغيثُ هوَ بهما ويلتمسُ منهما وهُما لا يرحمانِه ولا يُصغيانِ إلى إستغاثتِه وإلتجائِه فأخرجاهُ ورفعاهُ وذهبا بهِ فلمّا آيسَ هوَ مِن إجابتِهما نادى أهكذا يُفعلُ بجاركَ يا أبا عبدِ اللّه فإذا سمعتُ صوتاً منَ الحرمِ كأنّهُ تزلزلَت منهُ القناديلُ بلِ الجُدران : ردّوهُ فإذا رأيتُ الرّجلينِ مستعجلينِ رجعا بالجنازةِ ووضعوهُ في مكانِه وذهبا فلمّا طلعَ الصّبحُ ونظرتُ إلى القبرِ رأيتُه قد تغيّرَ وظهرَ فيه أثرُ الحفر .  

[ القصّة الخامسة ]

ومما يؤيد ذلك ما نقله هو أيضا عن خصى أنه قال كنت انا وجماعة مع جنازة رجل من أعزة رجال الدولة الناصرية نذهب بها إلى العتبات العاليات فكنا في منزل من المنازل جالسين قرب التابوت فرأينا انه تحرك وخرج منه كلب كريه الصورة وذهب فتعجبنا جميعنا من ذلك فقمنا وفتحنا التابوت فوجدناه خاليا ليس فيه ولا في الكفن شئ فعملنا من الخشب شيئا ووضعناه مكانه في الكفن والتابوت وشمعناه وطويناه بحبل شديدا لان لا يطلع عليه احدثم نقلنا الجنازة العملية إلى العتبات ودفناها ورجعنا قال المحقق الناقل انى كنت اعرف الشخص المذكور وكان ظاهره مصدقا لما نسب اليه وقد مرت في أوائل اللؤلؤ اخبار اخر تذكرها يناسب المقام . (لئالي الأخبار، لمحمد نبي بن أحمد التويسركاني، ج ٤، ص ٢٧٩ – 283) .

 

وقال الميرزا النوري الطبرسي (ت 1320 هج) بعد أن نقل بعض القصص والروايات أعلاه : 

قال شيخ الفقهاء الشيخ جعفر النجفي في كتاب حق المبين في تصويب رأي المجتهدين في جملة كلام له في تأييد النبش للحمل إلى قبور الأئمة (ع) ما لفظه : ثم في جريان سيرة الإمامية على ذلك وما نقل كثيرا من رؤيا أشخاص دفنوا في جوار الأئمة (ع) ، فاتفق ان حفرت قبورهم فرأوا فيها غيرهم وبالعكس وما نقل من الأطياف المقرونة بالمعاجز كفاية وهي كثيرة لا يمكن جمعها في كتاب ، ويؤيده ما اشتهر بين الامامية من ثبوت الملائكة النقالة ونقلوا في ذلك انقالا غريبة ، ثم ذكر رؤيا عمته المتقدمة ، وقال : ومنها ما اتفق في كربلاء من أنهم حفروا قبرا فوجدوا فيه رجلا مؤمنا مات في بعض بلاد النصارى ، ومنها ان رجلا عشارا مات فدفن في أرض النجف ورجلا مؤمنا دفن في مقام يسمى الحطوة قريب البصرة ، فاتفق انه حفر قبر العشار فوجدوا فيه ذلك المؤمن ، ثم جاؤوا إلى موضع قبر المؤمن فوجدوا فيه العشار « انتهى » . (دار السلام فيما يتعلق بالرؤيا والمنام، للميرزا حسين النوري الطبرسي، ج ٢، ص ٢٨٣) .

 

وقال الشيخ الكجوري (ت 1255 هج) : 

أمّا الاختلاف في مدفن السيّدة آمنة ، فحسب ما روي عن طرق السنّة والشيعة أنّها دُفنت أوّلاً في الأبواء ، ثمّ أرادت قريش نبش قبرها وإحراق جسدها الطاهر ، فأمر الله ملائكته النقالة فحملوها إلى الحجون إلى حيث قبرها الآن ، وقصّة الملائكة النقّالة من الحكايات المرويّة والمحسوسة ، ولا يمكن إنكار أخبارها المعتبرة ، بل إنكارها إنكار لضرورة محسوسة . (الخصائص الفاطمية لمحمد باقر الكجوري، ج 2 ، ص 75) .

 

 

وقال الشيخ جعفر النقدي (ت 1370 هج) : 

وورد لم يمت مخالف في أرض شريفة إلا حملته الملائكة النقالة ، والظاهر قبل دفنه فقد حكي ان أيام المولى يوسف الكليد دار جاء بجنازة لتدفن في الأرض المقدسة فرأى الكليد دار أمير المؤمنين ( ع ) في منامه يقول له : يأتون غدا بجنازة على حمار يسوقها رجل ، الميت أعور والحمار أعور والسائق أعور ، فلا تقبل دفنها عندي ، وان أعطوك ملأ الأرض ذهبا .

فلما أصبح الصباح جاؤوا بتلك الجنازة على تلك الأوصاف ، فامتنع من دفنها ، فبذلوا له مالا كثيرا ! فقال في نفسه أدفنها ثم أخرجها وأنقلها من النجف ! فقبض المال وأمكن من دفن الجنازة في الحرم الأقدس ! .

فلما كان الليل أتى ليخرجها ! وإذا بسلسلة رأسها عند الميت ، والرأس الآخر ينتهي إلى القبر المقدس ، وكذا رأى سلاسل اخر في باقي القبور .

فلما ضمه الفراش ونام رأى أمير المؤمنين ( ع ) يقول له : يا يوسف لم تمتثل أمري وأمكنت من دفن الجنازة ، وما كفاك هذا ؟ حتى أردت ان تنقله بعد استجارته بي ؟

فتاب على يد الإمام ( ع ) وصار معدودا في زمرة الصلحاء .

وحكاية الملائكة النقالة شائع جدا ، ووارد في الأخبار عن الأئمة الأطهار – ثم ذكر بعض الروايات - والروايات في هذا الباب مستفيضة وأنقاله مشهورة ، وكتاب ( دار السلام ) لشيخنا النوري المعاصر (ره) متكفلا بأكثرها .

فمنها - ان رجلا عشارا مات ، فدفن في النجف ، ومات رجل مؤمن فدفن في الخطوة - موضع قريب البصرة - فاتفق حفر قبر العشار ، فوجدوا فيه ذلك المؤمن ثم جاؤوا إلى قبر المؤمن فوجدوا العشار .

وهذه الحكاية نقلها النوري عن شيخنا الأكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء (ره). (الأنوار العلوية، الشيح جعفر النقدي، ص 432) .

 

وقال السيد عبد الحسين اللاري (ت 1342 هج) :

وخصوصاً بمُلاحظةِ الأخبارِ المُستفيضةِ أو المتواترةِ بوجودِ الملائكةِ النقّالةِ للأمواتِ إلى ما يستحقّونَه بصالحِ أعمالِهم أو سوءِ أفعالِهم منَ الأمكنةِ الشريفةِ أو الخبيثةِ – ثمَّ ذكرَ بعضَ الأخبارِ -  ولا سيّما بملاحظةِ إطباقِ النّصوصِ والفتاوى على إلقاءِ الميّتِ في السّفينةِ في الماءِ ، وعدمِ إنتظارِ البرّ عندَ خوفِ الإنتشار . (التّعليقةُ على رياضِ المسائل، السيّدُ عبدُ الحسين اللاري، ص 295) . 

 

 

والحمدُ للهِ ربّ العالمين .