هل طعام الفاتحة مذموم؟

ما معنى هذا الحديث؟؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أكل طعام المصيبة قبل مضي ثلاثة أيام، هو بَرِئ منّي وأنا برئ منه، خير الطعام طعام الوليمة، وزقّوم الدنيا طعام المصيبة. (صدق) وهناك حديث عند العامة بئس الطعام طعام الوليمة يدعى اليها الاغنياء ويترك الفقراء. هل هذا حيث صحيح؟ افيدونا يرحمكم الله لانه اذا كان طعام المصيبة المقصود به طعام الفاتحة في هذه الايام فهذا بلاء كبير جدا علينا. ولكم جزيل الشكر.

: السيد رعد المرسومي

السلامُ عليكُم ورحمةُ الله،إنَّ المعروفَ بينَ أهلِ العلمِ مِن خلالِ الرواياتِ الواردةِ عن أئمّةِ أهلِ بيتِ العصمةِ (سلامُ اللهِ عليهم) أنّ المُستحبَّ لجيرانِ أهلِ الميِّتِ أو غيرِهم أن يعـدُّوا طعاماً ثلاثةَ أيّام ويبعثوهُ لهم كما نصَّ على ذلكَ عددٌ منَ الرواياتِ الواردةِ عن أهلِ البيتِ عليهم السلام: مِنها: ما رواهُ الشيخُ الكُليني في (الكافي ج3 / ص217) بسندٍ مُعتبرٍ عن حفصٍ بنِ البُختري وهشامٍ بنِ سالم عن أبي عبدِ الله (ع) قالَ: لمّا قُتلَ جعفرُ بنُ أبي طالب أمرَ رسولُ اللهِ (ص) فاطمةَ (ع) أن تتَّخذَ طعاماً لأسماءِ بنتِ عميس ثلاثةَ أيّام، وتأتيها ونساءَها وتُقيمُ عندَها (ثلاثةَ أيّام) فجرَت بذلكَ السُنَّةُ أن يُصنَعَ لأهلِ المُصيبةِ طعاماً ثلاثاً. ومِنها: ما رواهُ الحرُّ العاملي في وسائلِ الشيعةِ (آلِ البيت) ج3 / ص236)، نقلاً عن المُحدّثِ البُرقي في المحاسنِ بسندٍ مُعتبرٍ عن زُرارة، عن أبي جعفرٍ (ع) قالَ: يُصنعُ للميِّتِ الطعامُ للمأتم ثلاثةَ أيّامٍ بيومِ ماتَ فيه. ومِنها: ما رواهُ الكُليني في (الكافي ج3 / ص217) بسندٍ مُعتبرٍ عن أبي بصيرٍ، عن أبي عبدِ الله (ع) قالَ: ينبغي لجيرانِ صاحبِ المُصيبةِ أن يُطعموا الطعامَ عنه ثلاثةَ أيام. وهذا الأمرُ بإمكانِ المُجتمعِ الإسلاميّ تهيئةَ الظروفِ المُناسبةِ له، وتهيئةَ السّبلِ كافّةً لغرضِ إنجاحِه، وذلكَ مِن خلالِ التوجيهِ المُستمرِّ مِن خُطباءِ المنابر، ومِن قبلِ شيوخِ العشائرِ وأهلِ الرّأي، خصوصاً لمَن يسعى للثوابِ المُعدِّ لمثلِ هذا العمل.  وأمَّا أن يعملَ أهلُ المُصيبةِ وليمةً يدعونَ إليها الناسَ، فقد ذكرَ العلّامةُ في المُنتهى أنَّ ذلكَ لا يُستحب، ويظهرُ مِن عبارةِ الشهيدِ الأوّلِ في الذكرى دعوى الإجماعِ على الكراهة، وأفادَ ابنُ فهدٍ الحلِّي أنَّ الفقهاءَ نصُّوا في كتبِهم على كراهةِ الأكلِ عندَ أهلِ المُصيبة، لأنَّ ذلكَ مِن سُننِ الجاهليَّة، ولاشتغالِ أهلِ المُصيبةِ بميتِّهم، وأفادَ المُحقِّقُ النراقي في المُستندِ أنَّه صرَّحَ جماعةٌ منَ الفقهاءِ بكراهةِ الأكلِ عندَ أهلِ المأتم. والظاهرُ أنَّ مُستندَ عُلمائِنا في ذلكَ هوَ ما رواهُ الصّدوقُ في الفقيهِ مُرسلاً قالَ: قالَ الصّادقُ (ع): الأكلُ عندَ أهلِ المُصيبةِ مِن عملِ أهلِ الجاهليَّةِ، والسُنَّةُ البعثُ إليهم بالطعامِ كما أمرَ به النبيُّ (ص) في آلِ جعفرٍ بنِ أبي طالب لمَّا جاءَ نَعيُه. وهكذا يستفادُ مِن رواياتِ (مَن أكلَ مِن طعامِ المُصيبة) أو ( زقّومُ الدّنيا طعامُ المُصيبة) فهيَ تدلُّ على كراهةِ الأكلِ مِن طعامِ المُصيبةِ في وقتِها (ثلاثةَ أيّام). وأمّا ما يتعلّقُ بروايةِ العامّةِ (بئسَ الطعامُ طعامُ الوليمةِ يُدعى إليها الأغنياءُ ويُترَك الفقراء) فسببُ الذمِّ لهذا الطعامِ واضحٌ مِن جهةِ أنّ أصلَ الطعامِ قد دُعِيَ له خصوصُ الأغنياء، ولم يُدعَ له الفقراءُ المُحتاجونَ له، فهوَ أيضاً يدلُّ على الكراهةِ. ودمتُم سالِمين.