مَدَى صِحَّةِ التَّارِيخِ الهِجْرِيِّ.

سُؤَالٌ: هَلْ التَّارِيخُ الهِجْرِيُّ الحَالِيُّ بَاطِلٌ؟ حَيْثُ إنَّ هُنَاكَ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الشُّهُورَ الإِسْلَامِيَّةَ الهِجْرِيَّةَ ثَابِتَةٌ مَعَ فُصُولِ السَّنَةِ كَمَا هُوَ فِي الشُّهُورِ المِيلَادِيَّةِ، وَأَنَّ مَنْ وَضَعَ هَذَا التَّقْوِيمَ الحَالِيَّ هُوَ عُمَرُ بنُ الخَطَّاب، وَبِالتَّالِي نَحْنُ نَصُومُ فِي غَيْرِ شَهْرٍ رَمَضَانَ الحَقِيقِيِّ، وَنَحُجُّ فِي غَيْرِ ذِي الحِجَّةِ الحَقِيقِيِّ وَهَكَذَا، وَذَلِكَ كُلُّهُ بِسَبَبِ أَنَّهُ يُوجَدُ نَقْصٌ فِي التَّقْوِيمِ الهِجْرِيِّ مَا يُقَارِبُ 43 عَاماً غَيْرَ مَحْسُوبَةٍ، كَمَا أَنَّهُ يَنْفِي صِيَامَ الأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ) فِي الحَرِّ؟

: اللجنة العلمية

     الأَخُ المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

     الجَوَابُ مِنْ عِدَّةِ وُجُوهٍ:

     الأَوَّلُ: أنَّ هَذِهِ مُجَرَّدُ دَعْوىً، وَمِنْ البَدِيهِيِّ أَنَّ كُلَّ دَعْوَةٍ تَفْتَقِرُ إِلَى دَلِيلٍ، وَهِيَ مِنْ دُونِ دَلِيلٍ لَا تَعْدُو كَوْنَهَا مُجَرَّدَ كَلَامٍ.

     الثَّانِي: أنَّ مِنْ الوَاضِحَاتِ لَدَى عُلَمَاءِ المُسْلِمِينَ كَافَّةً، حُجِّيَّةَ سِيرَةِ المُتشَرِّعَةِ، وَأَنَّ ضَبْطَ التَّارِيخِ الهِجْرِيِّ وَصَلَنَا يَداً بِيَدٍ مِنْ قِبَلِ المُتشَرِّعَةِ قَدِيماً.

     الثَّالِثُ: أنَّ هَذِهِ السِّيرَةَ قَائِمَةٌ وَمَنْقُولَةٌ بِطَرِيقِ التَّوَاتُرِ الَّذِي يُفِيدُ العِلْمَ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ المُسْلِمِينَ.

     فَرَاجِعْ مَثَلاَ: لِسَانَ المِيزَانِ للعَسْقَلَانِيِّ فِي تَرْجُمَةِ الرِّجَالِ فَسَتَجِدُ مَا عَلَيْهِ المُتشَرِّعَةُ مِنْ ضَبْطٍ وَإِتْقَانٍ - فِي الأَعَمِّ الأَغْلَبِ -.

     الرَّابِعُ: أَنَّ المَنْقُولَ عَنْ عُلَمَاءِ الإمَامِيَّةِ كَزُرَارَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمْ فِي المَسَائِلِ الَّتِي سَأَلُوهَا مِنْ الإِمَامِ البَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَالإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي أَحْكَامِ الهِلَالِ وَضَبْطِ المَوَاقِيتِ، تَجِدُ أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى مُجَرَّدُ كَلَامٍ.

     وَقَبْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ القُرْآنُ الكَرِيمُ، وَمَا قَولُهُ تَعَالَى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) إِلَّا شَاهِدٌ عَلَى حِرْصِ الشَّرِيعَةِ عَلَى ضَبْطِ المَوَاقِيتِ.

     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.