لِمَاذَا يَصُومُ الفَقِيرُ إِذَا كَانَ الهَدَفُ مِنهُ هُوَ أَنْ يَشعُرَ الغَنِيُّ بِجُوعِ الفَقِيرِ؟!!
عَلِيُّ أَكبَر: السَّلامُ عَلَيكُم .. هُناكَ مَقالةٌ نُشِرتْ بِعُنوانِ (أَضرارُ ومَشاكِلُ الصَّومِ) تَحتَوي على عِدَّةِ إِشْكالاتٍ مِنها: (لَو كانَ الهدفُ مِنَ الصِّيامِ هُو أَنْ يَشعُرَ الغَنِيُّ بِجُوعِ الفَقيرِ إِذَنْ لِماذا يَصُومُ الفَقيرُ)؟ مُمكِنُ التَّوضِيحُ جَزاكُمُ ٱللهُ خَيراً.
الأَخُ عَلِيٌّ المُحتَرَمُ:
عَلَيكُمُ السَّلَامُ وَرَحمَةُ ٱللهِ وَبَرَكَاتُه:-
لَا تَنحَصِرُ الحِكمَةُ مِنَ الصَّومِ بهَذا المِقدارِ فقطْ، وهُو أَنْ يَشعُرَ الغَنِيُّ بِجُوعِ الفَقيرِ، بلْ تُوجَدُ غَاياتٌ وعِلَلٌ أُخرَى شُرِّعَ مِنْ أَجلِها الصَّومُ، وأَهَمُّ هذهِ العِلَلِ هِي مُحارَبةُ الشَّهَواتِ في النَّفسِ البَشريَّةِ، وهَذا المِقدارُ يَشتَركُ فيهِ الغَنِيُّ والفَقيرُ مَعَاً، فمِنَ المَعرُوفِ أَنَّ أَشَدَّ الإِبتِلاءآتِ الَّتي يَتعرَّضُ لَها الإِنسَانُ في حَياتهِ هِي الإِبتِلاءآتُ الشًّهويَّةُ، فأَرادَ الإِسلامُ أَنْ يُرَوِّضَ النَّفسَ البَشريَّةَ على الصَّبرِ أَمَامَ الشَّهواتِ - سَواءً كانَ ذلكَ شَهوَةَ بَطنٍ أَو شَهوَةَ فَرجٍ - مِن خِلالِ الصَّومِ، والصَّبرُ هُو أَحَدُ الطُّرُقِ المُهِمَّةِ لِلوُصُولِ إِلى التَّقوَى الحَقِيقيَّةِ في النَّفسِ البَشريَّةِ، ومِن هُنا قالَ المَولى سُبحانَهُ في كِتابِهِ الكريمِ: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) البَقَرَةُ: 183.
ومِن فَوائِدِ الصَّومِ الصَّحَّةُ، فكمَا أَنَّ الأَجهِزةَ تَحتاجُ إِلى الصِّيانِةِ حتَّى يَدُومَ عَطاؤُها، كذلكً الأَبدانُ تَحتاجُ إِلى فَترةِ راحةٍ وصِيانةٍ تَستَعيدُ فيهِ نَشاطَها وتَجدِيدَ قُوَاهَا، ومِن هُنا جاءَ الحَديثُ المُبارَكُ الشَّريفُ: (صُومُوا تَصحُّوا). [مُستَدرَكُ الوَسائِلِ 7: 502].
ومِن فَوائدِ الصَّومِ وحِكمَتُهُ أَنَّهُ شُعَاعٌ مِن رَحمَةِ ٱللهِ وهِبَةٌ مِن هِباتِهِ لِلعِبادةٍ، وبَابٌ فَتَحَهُ لجنّتِهِ، حِينَ فَرَضَ عًلَيهِم شَهرَاً كامِلاً يَصُومُونَهُ في السًّنَةِ طاعةً وٱحْتِساباً يَخرُجُونَ مِن ذُنُوبِهم الًّتي ٱقْتَرَفُوها كَيَومِ وَلَدَتْهُم أُمَّهاتُهُم، جاءَ في الحَديثِ النَّبَوُيّ: «شَهرُ رَمَضانَ شَهرٌ فَرَضَ ٱللهُ عَلَيكُم صِيامَهُ، فمَن صامَهُ إِيمَاناً وٱحْتِساباً خَرَجَ مِن ذُنُوبِهِ كيَومِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ». [الوافِي، لِلفَيضِ الكاشَانيّ، ج 11 ص 375].
ودُمتُم سالِمِين
اترك تعليق