هَلْ سَيِّدُنا إبراهيمُ كانَ جاهِلاً بِسَببِ أُفولِ ضَوءِ الشَّمسِ والقَمَر؟

‎Adel Fouad‌‏: السَّلامُ عليكُم .. أتمنّى الرَّدَّ على هذهِ الشُّبهَةِ: (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ  يَبدو أنَّ إبراهيمَ إستدَلَّ على وجودِ اللهِ لانَّهُ كانَ جاهِلاً علميَّاً والقُرانُ يُقرُّ تِلكَ الأخطاءَ ولا يُصَحِّحُها فالكوكَبُ لا يأفلُ بل ضوءُ الشَّمسِ يُغطّي عَليهِ وكَذلكَ القمَرُ والشَّمسُ لا تأفلُ أيضاً بل نحنُ بِدَورانِ الأرضِ حولَ مِحوَرِها نصبِحُ في جهَةٍ أخرى عَنها)

: اللجنة العلمية

الأخُ المحترَمُ عادِل فؤاد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نُزُوْلَاً عِنْدَ رَغْبَتِكَ سَنُجِيبُ عَلَى مَا تَظُنُّ أَنَّهُ إِشْكَالٌ، وَهُو فِي الوَاقِعِ لَيْسَ إِشْكَالَاً لَا عَلَى القُرْآنِ وَلَا عَلَى مَعْرِفَةِ إِبْرَاهِيْمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ العِلْمِيَّةِ.

أّوًلًاً: بٍالنِّسْبَةِ لِمَعْرِفَةِ إِبْرَاهِيْمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِالْكَوَاكِبِ فَقَدْ لَا يُدَانِيْهِ إِنْسَانٌ بَعْدَ كَشْفِ اللهِ لَهُ مَلَكُوْتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، قَالَ تَعَالَى: (وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (75 الأنْعَامُ)، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ نَفْتَرِضَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ جَاهِلٌ بِحَالِ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ وَالكَوَاكِبِ.

ثَانِيْاً: هُنَاكَ تَنَاسُبٌ بَيْنَ المَقَالِ وَالمَقَامِ وَالإنْسَانُ الحَكِيمُ هُوَ الَّذِي يَتَعَامَلُ مَعْ كُلِّ مَقَامٍ بِالمَقَالِ الَّذِي يُنَاسِبُهُ، وَصَاحِبُ الإِشْكَالِ غَفَلَ عَنْ ذَلِكَ وَأفْتَرَضَ أَنَّ مِنَ المُنَاسِبِ أَنْ يَتَحَدَّثَ إِبْرَاهِيْمُ عَنْ دَوَرَانِ الأَرْضِ حَوْلَ نَفْسِهَا وَحَوْلَ الشَّمْسِ، حَتَّى لَا يَأْتِيَ إِنْسَانٌ فِي القَرْنِ الوَاحِدِ وَالعِشْرِيْنَ يَسْتَشْكِلُ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ سَذَاجَةٌ فِي التَّفْكِيْرِ وَاسْتِعْرَاضٌ أَجْوَفٌ لِلْمَعْلُوْمَاتِ، فَسَيِّدُنَا إِبْرَاهِيْمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَانَ يَتَحَرَّكُ فِي إِطَارِ مُعَالَجَةِ ظَاهِرَةٍ مُحَدَّدَةٍ وَهِي عِبَادَةُ قَوْمِهِ لِلْكَوَاكِبِ، فَهَلْ كَانَ مِنَ المُنَاسِبِ إِعْطَاءُ مُحَاضَرَةٍ عِلْمِيَّةٍ عَنْ أَسْبَابِ غِيَابِ ضَوْءِ القَمَرِ وَالشَّمْسِ؟ 

ثَالِثَاً: مَا اعْتَبَرَهُ صَاحِبُ الإِشْكَالِ جَهْلاً عِلْمِيَّاً عِنْدَ إِبْرَاهِيْمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يُعَبِّرُ عَنْ جَهْلِهِ هُوَ بِطَبِيْعَةِ الكَلِمَاتِ، وَفَلْسَفَةِ اللُّغَاتِ، وشُرُوْطِ الخِطَابِ وَالتَّوَاصُلِ، فَالعَلَاقَةُ بَيْنَ الدَّالِّ وَالمَدْلُوْلِ لَا تَقُومُ عَلَى التَّفْسِيْرَاتِ العِلْمِيَّةِ، وَلَا تَهْتَمُّ بِالعَنَاصِرِ المُكَوِنَةِ لِلْأَشِيَاءِ، حَيْثُ لَا عَلَاقَةَ لَهَا بِذَلِكَ لَا مِنْ بَعْيِدٍ ولَا مِنْ قَرِيْبٍ، فَعِنْدَمَا نَقُوْلُ حَجَرٌ أَو تُرَابٌ أَو مَاءٌ فَنَحْنُ لَا نَتَحَدَّثُ عَنْ المَعَادِنِ وَالعَنَاصِرِالمُكَوِّنَةِ لَهَا، وَإِنَّمَا نُشِيْرُ إلَى تِلْكَ الحَقِيْقَةِ المَوْجُوْدَةِ فِي الخَارِجِ وَنَصْطَلِحُ عَلَيْهَا بِهَذِهِ الكَلِمَاتِ، وَهَكَذَا الحَالُ فِي الكَلِمَاتِ الَّتِي تُشِيْرُ إلَى الظَّوَاهِرِ الطَّبِيْعِيَّةِ وَالإجْتِمَاعِيَّةِ، وَالظَّاهِرَةُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ تَتَكَوَّنُ مِن مَجْمُوْعَةِ أَسْبَابٍ وَمُسَبِّبَاْتٍ تَتَدَاخَلُ فِيمَا بَيْنَهَا لِتَكْوِيْنِ الظَّاهِرَةِ، وَدَلَالَاتُ اللُغَةِ لَا عَلَاقَةَ لَهَا بِكُلِّ هَذَا التَّدَاخُلِ وَإنَّمَا تُوْجَدُ مُصْطَلَحَاتٌ تُشِيْرُ بِشَكْلٍ إجْمَالِيٍّ لِتِلْكَ الظَّاهِرَةِ، فَنَقُولُ مَثَلَاً (المَطَرُ) وَنَحْنُ لَا عَلَاقَةَ لَنَا بِتَبَخُّرِ المَاءِ وَلَا بِاخْتِلَافِ طَبَقَاتِ الجَّو وَلَا بِالرِّيَاحِ وَلَا بِكُلِّ العَوَامِلِ الَّتِي تُسَبِّبُ حُدُوْثَ الأَمْطَارِ، وَكَذَلِكَ الحَالُ فِي كَلِمَةِ (أَفَلَ) فَالأُفُوْلُ هُوَ مُصْطَلَحٌ يُشِيْرُ إِلَى غِيَابِ الضَّوْءِ (ذَاتِيَّاً أو عَرَضِيَّاً) مِن أَيْ شَيْءٍ، فَكُلُّ مَا كَانَ لَهُ ضَوْءٌ ثُمَّ زَالَ عَنْهُ يُقَالُ لَهُ فِي اللُّغَةِ أَفَلَ، فَلَوْ كَانَ مُدِيْرُ وَكَالَةِ (نَاسَا) عَرَبِيَّاً وَأَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ عَنْ غِيَابِ نُوْرِ القَمَرِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: "أَفَلَ ضَوْءُ القَمَرِ". وَعَلَيْهِ، مَا هُوَ المُصْطَلَحُ البَدِيْلُ الَّذِيْ يَقْتَرِحُهُ صَاحِبُ الإِشْكَالِ لِإبْرَاهِيْمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حَتَّى يَسْتَخْدِمَهُ بَدَلَ كَلِمَةِ (أَفَلَ)؟؟! 

وَشُكْرَاً.