آيةٌ صريحةٌ فِي المهديِّ (ع).
عباس الأفطح: أريدُ آيةً صريحةً واضحةَ المعنَى فِي القرآنِ حصراً... إنْ كانَ المهديُّ مِنَ النُّصوصِ الدِّينيَّةِ، وهَلْ الذي لا يعترِفُ بهِ يدخل ُالنَّارَ ويخرجُ منَ المِلَةِ؟ ولماذا؟
الأخُ عبَّاسٌ المحترمُ، السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ،
قالَ تعالى فِي كتابهِ الكريمِ: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) [ التَّوبة : 33، الفتح : 28 ، الصَّف : 9]
قالَ الطَّبريُّ فِي تفسيرهِ للآيةِ الكريمةِ: عنْ أبِي هُريرَةَ فِي قولِهِ: ليُظهرَهُ على الدِّينِ كُلِّهِ قالَ: حينَ خروجِ عيسى ابنِ مريمَ. [تفسيرُ الطَّبريِّ 10 : 150].
ومنَ المعلومِ أنَّ خروجَ عيسى (عليهِ السَّلامُ) يكونُ عندَ ظهورِ المهديِّ (عليهِ السَّلامُ)، كمَا يشهدُ لذلكَ البُخاريُّ وغيرُهُ.
فقَدْ روى البُخاريُّ فِي صحيحِهِ: عن نافعٍ مولى أبي قتادةَ الأنصاريَّ أنَّ أبا هُريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ: كيفَ أنتُمْ إذا نزلَ ابنُ مريمَ فيكُمْ وإمامكُمْ مِنكُمْ. [صحيحُ البُخاريِّ 4: 143].
قالَ ابنُ حَجرٍ فِي "فتحِ الباري": (وكلُّهُمْ أيِ المُسلمونَ ببيتِ المقدسِ وإمامهُمْ رجلٌ صالِحٌ قَدْ تقدَّمَ ليُصلِّي بهِمْ إذْ نزلَ عيسى فرجعَ الإمامُ يَنكصُ ليتقدَّمَ عيسَى فيقفُ عيسى بينَ كتفيهِ ثمَّ يقولُ تقدَّمْ فإنَّهَا لكَ أقيمَتْ وقالَ أبو الحسنِ الخسعي الأبدي فِي مناقبِ الشَّافعي تواترتِ الأخبارُ بأنَّ المهديَّ مِنْ هذهِ الأمَّةِ وأنَّ عيسَى يُصلِّي خلفَهُ). [فتحُ البَاري 6: 358].
وفِي تفسيرِ الفخرِ الرَّازي: (رويَ عَنْ أبِي هُريرَةَ رضيَ اللهُ عنهُ أنَّهُ قالَ: هذا وعدٌ مِنَ اللهِ بأنَّهُ تعالى يجعلُ الإسلامَ عالياً على جميعِ الأديانِ. وتمامُ هذا إنَّمَا يحصلُ عندَ خروجِ عيسى، وقالَ السَّدي: ذلكَ عندَ خروجِ المهديِّ، لا يبقى أحدٌ إلَّا دخلَ فِي الإسلامِ أو أدَّى الخِراجَ). [تفسيرُ الرَّازي 16: 40].
وعنِ القُرطبيِّ فِي تَفسيرِهِ: (قالَ أبو هريرةَ والضَّحاكِ: هذا عندَ نزولِ عيسى عليهِ السَّلامُ. وقالَ السَّديُّ: ذاكَ عندَ خروجِ المهديِّ، لا يبقى أحدٌ إلَّا دخلَ فِي الإسلامِ أو أدَّى الجِزيةَ. وقيلَ: المهديُّ هوَ عيسى فقطْ وهوَ غيرُ صحيحٍ لأنَّ الأخبارَ الصِّحاحَ قَدْ تواترَتْ على أنَّ المهديَّ مِنْ عِترَةِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ، فلا يَجوزُ حملهُ على عيسَى). [تفسيرُ القُرطبيِّ 8: 122].
وقالَ القُرطبيُّ أيضاً: (أنَّ جميعَ ملوكِ الدُّنيا كلِّهَا أربعةٌ: مؤمنانِ وكافرانِ، فالمؤمنانِ سليمانَ بنَ داودَ وإسكندرَ، والكافرانِ نمرودَ وبختنصر، وسيملِكُهَا مِنْ هذهِ الأمَّةِ خامسٌ لقولهِ تعالَى: "ليظهرَهُ على الدِّينِ كُلِّهِ" وهوَ المهديُّ). انتهى [تفسيرُ القُرطبيِّ 11: 48].
وقالَ السَّمعانيُّ فِي تفسيرهِ: قولُهُ تعالَى: (هوَ الَّذِي أرسلَ رسولَهُ بالهُدى ودينِ الحقِّ ليُظهرَهُ على الدِّينِ كُلِّهِ ولو كرهَ المُشركُونَ)، قالَ المُفسِّرونَ: هذا عندَ نزولِ عيسى ابنِ مريمَ -عليهِ السَّلامُ لا يبقى فِي الأرضِ أحدٌ إلَّا أسلمَ. [تفسيرُ السَّمعاني 2: 304].
وقالَ الآلوسي فِي تفسيرهِ: (إنَّ تمامَ هذا الإعلاءِ عندَ نزولِ عيسى عليهِ السَّلامُ وخروجَ المهديِّ رضيَ اللهُ تعالى عنهُ حيثُ لا يبقى حينئذٍ دينٌ سوى الإسلامُ). [تفسيرُ الآلوسي 26: 123].
وفِي سُننِ البيهقيِّ: (عن جابرٍ بنِ عبدِ اللهِ فِي قولهِ: (ليُظهرَهُ على الدِّينِ كُلِّهِ)، قالَ: خروجُ عيسى ابنِ مريمَ عليهمَا السَّلامُ). [السُّنَّنُ الكُبرى 9: 180].
هذا بالنِّسبةِ إلى تفاسيرِ أهلِ السُّنَّةِ وكتبِهِمْ أمَّا تفاسيرُ الشِّيعةِ فكلُّهُمْ يفسِّرونَ الآيةَ الكريمةَ بظهورِ المهديِّ (عليهِ السَّلامُ)، فهذا الوعدُ الإلهيُّ بظهورِ الإسلامِ على كلِّ الأديانِ لمْ يتحقّقْ لحدِّ الآن ولا يتحقّقُ إلَّا عندَ ظهورِ المهديِّ (عليهِ السَّلامُ) الذي يملأُ الأرضَ قِسطاً وعدلاً بعدما مُلئَتْ ظُلمَاً وجورَاً.
ودُمتُم سالِمينَ.
اترك تعليق