هُنالك أبواقٌ مُستأجرةٌ تَنشر بين الفينةِ والأخرى دعاواها الانحرافيّةَ حولَ قضيّةِ زيارةِ الأربعين بدعوى أن لا أصلَ لها، نطلبُ منكم جواباً علميّاً رصيناً؛ لكتمِ تلكَ الأبواقِ وقطعِ الألسنِ التي تُحاولُ المساسَ بجُزءٍ مهمٍّ مِنَ القضيّةِ الحُسينيّةِ.

: اللجنة العلمية

عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أقولُ في الجوابِ عن هذا السّؤال: إنّ من أهمِّ الزّيارات المخصوصة التي أكّدَ عليها أئمّتنا الطّاهرون لقبرِ الإمام الحُسين (عليه السّلام) هي زيارةُ الأربعين وقد ذكرَ كثيرٌ منَ العُلماء الأعلامِ فضلَ زيارةِ الحُسين في يومِ الأربعينَ فمِن هؤلاءِ: 

الشّيخ أبو جعفرٍ محمّد بن الحسن الطّوسيّ (قدس) فهوَ بعدَ أن روى الأحاديثَ في فضلِ زيارته (عليهِ السّلام) تحدّث عنِ الزّياراتِ المُقيّدة بأوقاتٍ خاصّة فذكرَ شهرَ صفر وما فيهِ من الحوادث ثمّ قال: وفي يومِ العشرين منهُ رجوعُ حرم أبي عبدِ الله الحسين (عليهِ السّلام) منَ الشّام إلى مدينة الرّسول (صلى اللهُ عليه وآله) وورودُ جابر بن عبد الله الأنصاريّ إلى كربلاء لزيارةِ أبي عبدِ الله الحُسين (عليه السلام), فكانَ أوّل من زارهُ منَ النّاسِ وهي زيارةُ الأربعين (عليه السّلام).

العلّامةُ الحلّيّ إذْ قالَ في كتابه (المُنتهى ــ كتابُ الزّيارات بعد الحجّ): يستحبُّ زيارةُ الحُسين في العشرين من صفر. 

وقالَ الشّيخ أبو الرّيحان البيروني في كتابه (الآثارُ الباقية) ص331: في العشرين مِن صفر رُدَّ الرّأس الشّريف إلى جُثّته فدُفن معها وفيهِ زيارةُ الأربعين ومجيءُ حرمهِ بعدَ انصرافهم مِنَ الشّام. 

وقد توالى استحبابُ زيارةِ الأربعين عندَ عُلمائنا كما عندَ السّيّدِ ابنِ طاووس في الإقبالِ والعلّامةِ المجلسيّ في البحارِ والشّيخِ يوسف البحرانيّ في كتابهِ الحدائق في بابِ الزّيارات بعدَ الحجّ وغيرهم مِن عُلمائنا المُتأخّرين والحالُ نفسهُ عندَ عُلمائنا المُعاصرين إلى يومنا هذا ولا نعرفُ مَنْ شذَّ عنهم في ذلكَ مِـمّن يُعتدُّ بقولهِ.

ثُمَّ إنّ هذهِ الزّيارةَ وردَت من طريقينِ:

أحدُهُما : ما رواهُ الشّيخُ في كتابه (تهذيبُ الأحكام) (ج٦ / ص٥٢), ح ٣٧ من باب ١٦,وفي كتابه الأخر (مصباحُ المتهجّد),[ ٧٨٨ ]  بإسنادهِ عَن صفوان الجمّال قالَ : قال لي مولاي الصّادق صلواتُ الله عليه في زيارةِ الأربعين: تزورُ عندَ اِرتفاع النّهارِ وتقولُ :

السَّلامُ عَلى وَلِيِّ اللهِ وَحَبِيبِهِ ، السَّلامُ عَلى خَلِيلِ اللهِ وَنَجِيبِهِ ، السَّلامُ عَلى صَفِيِّ اللهِ وَابْنِ صَفِيِّهِ ، السَّلامُ عَلى الحُسَينِ المَظلُومِ الشَّهِيدِ ، السَّلامُ عَلى أَسِيرِ الكُرُباتِ وَقَتِيلِ العَبَراتِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَشهَدُ أَنَّهُ وَلِيُّكَ ، وَصَفِيُّكَ وَابنُ صَفِيِّكَ ، الفائِزُ بِكَرامَتِكَ ، أَكرَمْتَهُ بِالشَّهادَةِ،...إلخ .

والزّيارةُ الأُخرى : هيَ ما يُروى عَن عطا عن جابر أنّه قالَ: كنتُ معَ جابرٍ بن عبدِ اللهِ الأنصاري يومَ العشرينَ من صفرٍ، فلمّا وصلنا الغاضريّةَ اغتسلَ في شريعتها ولبسَ قميصاً كان معهُ طاهراً ، ثمَّ قالَ لي : أمعكَ شيءٌ مِنَ الطّيبِ يا عطا ؟ قلتُ : سُعد فجعلُ منهُ على رأسهِ وسائرِ جسده ، ثمَّ مشى حافياً حتّى وقفَ عند رأسِ الحُسين عليهِ السّلام وكبّر ثلاثاً ، ثمَّ خرَّ مغشيّاً عليهِ، فلمّا أفاقَ سمعته يقولُ : السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا آل الله، ... إلى آخرِ الخبرِ.

 

هذا ما عندنا في بيانِ هذه الزّيارة العظيمةِ التي لا يُشكّك فيها إلّا مكابرٌ لا ينفذُ نورُ الحقِّ إلى قلبه. ودمتُم سالمينَ.