لماذا رسول الله( ﷺ) وصى الإمام علي (ع) بعدم التعرض للمهاجمين على داره حتى وان ضربوا الزهراء؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
توجدُ عدّةُ مخاطرَ على مُستقبلِ الإسلامِ لَو ركنَ أميرُ المُؤمنينَ (عليه السّلام) إلى الخيارِ العسكريّ، مِنها : 1 ـ التّهديدُ الدّاخليّ الذي يُمثّلُه جمعٌ كبيرٌ منَ المُنافقينَ أو مُسلمةُ الفتحِ (الطّلقاءِ) وهؤلاءِ دخلوا الإسلامَ مُكرهينَ لا مؤمنينَ ولم يزالوا يتحيّنونَ الفُرصَ للإنقضاضِ على عاصمةِ الإسلامِ متى سنحَت الفرصةُ. 2 ـ التّهديداتُ الخارجيّةُ المُتمثّلةُ بالإمبراطوريّتينِ الفارسيّةِ في الشّرقِ والبيزنطيّةِ في الغربِ، حيثُ كانتا تُمثّلانِ خطراً حقيقيّاً داهِماً يُهدّدُ كيانَ الإسلامِ، سيّما وأنَّ الإمكانيّاتِ التي تمتلكُها كِلتا الإمبراطوريّتينِ لا يمكنُ قياسُها مع الإمكانيّاتِ البسيطةِ التي يمتلكُها المسلمونَ مِن كُلِّ النّواحي وخصوصاً في العدّةِ والعددِ والتّجهيزِ وغيرِها. وهذا ما توضّحُه حالةُ عُمر عندَما سمعَ بخطرِ الفُرسِ عندَما إجتمعُوا لغزوِ المُسلمينَ فقَد ذكرَ ابنُ أعثمَ أنَّ عمّار بنَ ياسرٍ كتبَ إلى عمرَ بنِ الخطّابِ كِتاباً جاءَ فيه . بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ، لعبدِ اللهِ عُمر أميرِ المؤمنينَ مِن عمّارٍ بنِ ياسِر، سلامٌ عليكَ! أمّا بعدُ فإنَّ ذا السّطواتِ والنّقماتِ المُنتقمَ مِن أعدائِه المُنعمَ على أوليائِه هوَ النّاصرُ لأهلِ طاعتِه على أهلِ الإنكارِ والجحودِ مِن أهلِ عداوتِه، وممّا حدثَ يا أميرَ المؤمنينَ أنَّ أهلَ الرّيّ وسمنانَ وساوه وهمذان ونهاوند وأصفهانَ وقُم وقاشان وراوند واسفندهان وفارس وكرمان وضواحي أذربيجان قَد إجتمعُوا بأرضِ نهاوند في خمسينَ ومائةِ ألفٍ مِن فارسٍ وراجلٍ منَ الكُفّارِ، وقَد كانوا أمّرُوا عليهم أربعةً مِن ملوكِ الأعاجِم.... وأنّهُم قد تعاهدُوا وتعاقدوا وتحالفوا وتكاتبوا وتواصوا وتواثقوا على أنّهُم يُخرجونَنا مِن أرضِنا ويأتونَكم مِن بعدِنا، وهُم جمعٌ عتيدٌ وبأسٌ شديدٌ ودوابٌ فره وسلاحٌ شاكٌّ ويدُ اللهِ فوقَ أيديهم، فإنّي أُخبرُكَ يا أميرَ المؤمنين أنّهم قَد قتلُوا كلَّ مَن كانَ مِنّا في مُدنِهم، وقَد تقاربُوا ممّا كُنّا فتحناهُ مِن أرضِهم، وقَد عزموا أن يقصدُوا المدائنَ ويصيرُوا منهَا إلى الكوفةِ، وقَد واللهِ هالنا ذلكَ وما أتانا مِن أمرِهم وخبرِهم، وكتبتُ هذا الكتابَ إلى أميرِ المؤمنينَ ليكونَ هوَ الذي يرشدُنا وعلى الأمورِ يدلّنا، واللهُ الموفّقُ الصّانعُ بحولِه وقوّتِه، وهوَ حسبُنا ونعمَ الوكيل، فرأيُ أميرِ المؤمنينَ أسعدَهُ الله فيما كتبتُه والسّلام. قالَ: فلمّا وردَ الكتابُ على عُمرَ بنِ الخطّابِ رضيَ اللهُ عنه وقرأهُ وفهمَ ما فيهِ وقعَت عليهِ الرّعدةُ والنّفضةُ حتّى سمعَ المُسلمونَ أطيطَ أضراسِه، ثمَّ قامَ عَن موضعِه حتّى دخلَ المسجدَ وجعلَ يُنادي: أينَ المُهاجرونَ والأنصار؟ ألا! فاجتمعُوا رحمَكُم اللهُ وأعينوني أعانَكم اللهُ. كتابُ الفتوحِ - أحمدُ بنُ أعثمٍ الكوفيّ ٢ / ٢٩١. ولولا التّخطيطُ الحكيمُ لأميرِ المؤمنينَ عليٍّ (عليه السّلام) لأصبحَ مصيرُ الإسلامِ في مهبٍّ فهوَ مَن وضعَ الخطّةَ العسكريّةَ لمواجهةِ هذا التّجمّعِ الفارسيّ الهائلِ والقضاءِ عليه. 3 ـ عدمُ وجودِ العددِ الكافي منَ الأنصارِ لمواجهةِ الإنقلابيّينَ، وعليهِ لا بدَّ مِن إستبعادِ الخيارِ المُسلّحِ والميلِ إلى الجانبِ السّلميّ، وهذا التوجّهُ هوَ عينُ وصيّةِ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) حيثُ قالَ لهُ : يا عليّ، إنّكَ ستلقى بعدِي مِن قُريشٍ شدّةً، مِن تظاهرِهم عليكَ وظُلمِهم لكَ, فإن وجدتَ أعواناً عليهِم فجاهدهُم وقاتِل مَن خالفَك بمَن وافقكَ، فإن لَم تجِد أعواناً فاصبِر وكُفَّ يدكَ ولا تلقِ بيدكَ إلى التّهلكةِ، فإنّكَ منّي بمنزلةِ هارونَ مِن موسى، ولكَ بهارونَ أسوةٌ حسنةٌ, إنّهُ قالَ لأخيهِ موسى: إنَّ القومِ استضعفوني وكادُوا يقتلونني. كتابُ سُليمٍ بنِ قيسٍ. وروى الشّيخُ قدّسَ سرّهُ في الغيبةِ بسندٍ صحيحٍ عَن ابنِ عبّاسٍ (رضيَ اللهُ عنهُ) قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه في وصيّتِه لأميرِ المؤمنينَ عليه السّلام : يا عليُّ إنَّ قُريشاً ستظاهرُ عليكَ، وتجتمعُ كلمتُهم على ظُلمكَ وقهرِك، فإن وجدتَ أعواناً فجاهدهُم ، وإن لَم تجِد أعواناً فكفَّ يدكَ واحقُن دمكَ، فإنَّ الشّهادةَ مِن ورائِك لعنَ اللهُ قاتلكَ.
اترك تعليق