عاصفة وأمطار في مكة في وقت الحج، والآن سؤال للمسلمين هل الله هو من سلّط هذه العاصفه على من يحجون بيته؟

شبهة: عاصفة وأمطار في مكة في وقت الحج، والآن سؤال للمسلمين هل الله هو من سلّط هذه العاصفه على من يحجون بيته؟، فإن قلتم نعم هو، فنسألكم لماذا يُعيق ويُتعب من أتوا لفعل ما أمر هو به؟، فإن قلتم لا ليس هو، فمن فعلها إذن؟ أنا عن نفسي أنصحكم بأنْ تقولوا أنّ من سبب العاصفة ليس هو الله وإنما قانون طبيعي أعمى لا يعرف وقت حج ولا غيره.

: اللجنة العلمية

تقرير الشبهة: 

إنّ العواصف والأمطار التي وقعت في مكة هذا العام، إما أنْ تكون من الله، أو من غيره، فان كانت من الله، فلم يُعذّب من أتوا لطاعته؟، وإنْ كانت من غيره، فإذن ليس هو الموجود الوحيد الذي يتصرف بكلّ شيء. 

جواب الشبهة اجمالاً: 

إنّ الحوادث التي تقع في الطبيعة على صنفين، الصنف:

الأول: وهو الصنف الذي يجري بشكل أعمى وفقاً لقوانين الطبيعة العمياء، وهذا من الله على ما سأبينه بالتفصيل.

الثاني: وهو الذي يجري وفق المشيئة الإلهية المدبرة، وهذا الآخر من الله أيضاً.

غير أنّ القسم الأول، لا يعني أنه خارج عن سلطان الله وقدرته، فهو قادر على إيقاف مقتضيات القوانين الطبيعية، وما حصل بمكة قد يكون من الثاني، ولو فُرض أنه كان من الأول، فهو اختبار للذين آمنوا ليزدادوا إيماناً وعلى ربهم يتوكلون.

جواب الشبهة بالتفصيل:

نستطيع أنْ نقسِّم الحوادث التي تحدث في عالمنا إلى قسمين:

القسم الأول: الحوادث التي تحدث وفقاً لقوانين الطبيعة العمياء، كسخونة الماء إذا وضع على النار أو تحت الشمس المحرقة. 

وهذا القسم على أنه مرتبط بأسبابه الطبيعية إرتباط المعلول بعلته، غير أنّ هذا لا يُجرد الله عن سلطانه البتة، ومن ذلك ما حصل لإبراهيم الخليل (عليه السلام) حين أبطل الله قانون العلية بين النار والإحراق بقوله تبارك وتعالى: (يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم) .

وما حصل لموسى (عليه السلام) في تحويل العصا إلى ثعبان، ولعيسى (عليه السلام) من إحياء الموتى، ولاصحاب الكهف وووو ... إلخ، والقائمة تطول بذلك.

فلعل الذي وقع لحجاج بيت الله الحرام هو من هذا القبيل، فيكون جريان هذا الحدث وفقاً للأسباب الطبيعية الواقعة تحت سلطان الله عزّ وجلّ، الذي إنْ شاء أنْ يوقفها فعل، وإنْ شاء لها أنْ تقع وقعت، ولا شك في أنّ مشيئته تبارك وتعالى في وقوع هذه الأشياء أو عدم وقوعها لا تكون إلاّ عن حكمةٍ وتدبيرٍ لا تصل إليه عقولنا القاصرة. 

القسم الثاني: الحوادث التي تحدث وفق تدبير الله وإرادته تبارك وتعالى، كخلقنا وخلق الكون ونظمه، ... الخ.

وقد يكون ما وقع لحجاج مكة هذا العام من هذا القبيل أيضاً، ولا شك أنّ فيه حكمة ومصلحة لا نعلمها، فقد تكون من قبيل إيجاد الإنقطاع إليه في نفوس عباده، وليس هو كما يصوره المستشكل, بأنه عذاب لمطيعيه.

خلاصة الجواب: 

إنّ كلّ ما يقع من الحوادث هو بيد الله تبارك وتعالى، فالحوادث الواقعة إما أنْ تكون بمقتضى أمره وإرادته تبارك وتعالى، وإما أنْ تكون بمقتضى قانون العلية الأعمى، ولكن يبقى هذا القانون واقعاً تحت سلطان الله تعالى.