هل حرّم الإسلام الاختلاط؟

الجواب:

يبتني هذا الكلام على فكرة خاطئة وهي أنّ الإسلام حرّم مطلق الاختلاط بين الجنسين، مع أنّ المعلوم عند الجميع أنّ الشريعة الإسلاميّة حرّمت إبداء المرأة لزينتها وأوجبت عليها الستر والحجاب، إذْ نصّ القرآن بشكلٍ واضح وصريح على وجوب ستر المرأة جسمها وزينتها، فيترتّب على ذلك عدم الانكشافِ أمام الناظر الأجنبيّ، وبعد ذلك بإمكانها ممارسة حياتها الطبيعيّة، وكذلك حضورها في مكان واحد مع الرجال.

والاختلاط الوحيد الذي نهت عنه الشريعة الإسلاميّة هو وجود المرأة والرجل الأجنبيّين في مكان واحد بعيداً عن أعين الآخرين.

ومع أنّ الشارع لم ينصّ على حرمة الاختلاط بشكل مباشر إلّا أنّ الأصل هو الابتعاد عن كلّ ما يثير الشهوة والإغراء، وعليه فكلّ اختلاط لا يُراعى فيه الحدود والأحكام الشرعيّة التي تنظّم علاقة الرجال والنساء يدخل في دائرة الحرمة الشرعيّة، والحرمة هنا لا تكون من باب الاختلاط، وإنّما من باب عدم مراعاة الحدود الشرعيّة التي تنظّم العلاقة بين المرأة والرجل، وعليه لا مانع من اجتماع الرجال والنساء في الأماكن التي تسمح بها الشريعة مع الاحتفاظ بالحدود الشرعيّة واحترام القيم والتقاليد الدينيّة.

فالاختلاط السليم بين الجنسين في بعض السياقات مفيد ومؤثِّر في بناء المجتمع وتعزيز التفاهم والتعاون بين الأفراد.

فالاختلاط في نظر الإسلام يعتمد على سياقاته وظروفه، والهدف العامِّ هو بناء مجتمع متوازن يعمل على تعزيز التعاون والتفاهم بين الرجال والنساء في حدودِ القيم والأخلاق الإسلاميّة.

أما القول: (كم مُسلمة تمَّ التحرّش بها من قبل مسلمين في الحرم المكيّ وفي أماكن مقدّسة أخرى؟) فهو لا يعدو أنْ يكون قولاً مغرضاً يُسْهِمُ بشكل مباشر أو غير مباشر في إشاعة الفاحشة، فالأماكن المقدّسة أكثر حرمة وقداسة في نفوس المسلمين جميعاً، وخصوصاً البيت الحرام الذي تشتاق قلوب الجميع لرؤيته، فتجدهم يدخرون الأموال ويتحمّلون العناء والتعب حتّى يحظون بعمرة أو حجٍّ، ومن الغريب حقّاً أنْ لا يرى الإنسان التنسّك والتعبّد والعيون التي تفيض من خشية الله عند بيته الحرام، ويرى بعض المخالفات الشاذّة إنْ وجدت بحسب مدّعاه