ممكن معلومات عن هذا الموضوع او المطلب (اثر الصبر في بناء النفس الانسانية) مع المصادر اذا امكن
السلام عليكم ورحمة الله
قبلَ الدّخولِ بشكلٍ مُباشرٍ في آثارِ الصّبرِ على النّفسِ الإنسانيّةِ، لابُدَّ مِن شرحٍ مُبسّطٍ نُحدّدُ مِن خلالِه الإطارَ الذي نفهمُ فيهِ الصّبرَ. فقَد عُرّفَ الصّبرُ على أنّهُ: (كفُّ النّفسِ عنِ الجزعِ عندَ حلولِ مكروهٍ)، إلّا أنَّ هذا التّعريفَ لا يسمحُ لنا بالوقوفِ على المعاني العميقةِ للصّبرِ؛ لأنَّ الجزعَ طبيعةٌ مُتأصّلةٌ في الإنسانِ والأمرُ بكفِّه وحبسِه داخلَ النّفسِ قَد تكونُ آثارُه السّلبيّةُ أشدُّ مِن إظهارِه، ومِن هُنا كانَ ضرورياًّ فهمُ الصّبرُ بالشّكلِ الذي يتبدّدُ معهُ الجزعُ وليسَ كبتُه وكتمانُه.
منَ الواضحِ أنَّ الحياةَ لا تجري بالشّكلِ الذي يكونُ الإنسانُ راضياً عنها في كلِّ الأحوالِ، وحتّى لو أتَتِ الظّروفُ بحسبِ ما يحبُّ الإنسانُ ويشتهي إلّا أنَّ ذلكَ لا يكونُ بالضّرورةِ مُنسجِماً معَ مبادئِ الإنسانِ وقيمِه، وعليهِ فإنَّ الإنسانَ دائِماً في حالةٍ منَ التّردّدِ والتّوتّرِ المُستمرِّ، والذي يُحقّقُ الإستقرارَ والطّمأنينةَ هوَ التّوازنُ بينَ الرّغباتِ وبينَ المبادئِ والقيمِ الأخلاقيّةِ، أمّا الإنسانُ الذي يتحرّكُ في الحياةِ من دونِ غاياتٍ ساميةٍ تدفعُه نحوَ تحقيقِها فإنّهُ لا يفهمُ الحياةَ إلّا في إطارِ مصلحتِه الشّخصيّةِ، وحينَها سوفَ يُلازمُه التّوتّرُ والنّدمُ على كلِّ مصلحةٍ تفوتُه أو كلِّ ضررٍ يُصيبُه، وهذا خلافُ مَن يفهمُ الحياةَ على أنّها منظومةٌ منَ القيمِ لأنَّه حينَها سيتعاملُ في كلِّ مواقفِه على أساسِ فلسفةِ الحياةِ وغاياتِها الكُبرى، وعليهِ فإنَّ الذي يتحكّمُ في سلوكِ الإنسانِ ومواقفِه هوَ قُدرتُه في التّوفيقِ بينَ حاجاتِه وغاياتِه الكُبرى.
وضياعُ بعضِ فرصِ الحياةِ ومكاسبِها قَد يكونُ بعواملَ خارجةٍ عَن إرادةِ الإنسانِ، وقَد يكونُ بسببِ تنازلِ الإنسانِ عَنها بمحضِ إرادتِه، إلّا أنّهُ في كِلا الحالتينِ قَد يشعرُ الإنسانُ بالحسرةِ والضّجرِ وتملّلِ النّفسِ، فمثلاً مَن لَم يُرزَق بولدٍ يشعرُ بالضّجرِ وضيقِ النّفسِ معَ أنّهُ أمرٌ خارجٌ عَن إرادتِه وإختيارِه، وكذلكَ نفسُ الشّعورِ يُلاحقُ مَن يتركُ باختيارِه مصلحةً شخصيّةً لكونِها تتعارضُ معَ قيمِ الحقِّ والفضيلةِ، ولا يُختصَرُ الأمرُ في جلبِ المنافعِ وإنّما أيضاً فيما يتعلّقُ بدفعِ المضارِّ، فالمشاقُّ التي تصيبُ الإنسانَ بعضُها خارجٌ عَن إرادتِه مثلَ المرضِ وبعضُها يجلبُها الإنسانُ لنفسِه مثلَ الأعمالِ الشّاقّةِ، وفي المُحصّلةِ إنَّ أسبابَ الضّجرِ والتّوتّرِ النّفسيّ تُلاحقُ الإنسانَ سواءٌ كانَت بإرادتِه أو غيرِ ذلكَ، وعليهِ فإنَّ الأمرَ المُهمَّ هوَ كيفَ يتعاملُ معَها طالَما لَن ينجوَ مِنها أحد؟
منَ المُؤكّدِ أنَّ سِرَّ السّعادةِ يكمنُ في إستقرارِ النّفسِ ورِضاها، وذلكَ لا يتحقّقُ إلّا مِن خلالِ بصيرةٍ حياتيّةٍ تفهمُ معادلاتِ الحياةِ وتتكيّفُ معَها شعوريّاً وإدراكيّاً ونفسيّاً، ومِن هُنا فإنَّ كُلَّ الأمراضِ النّفسيّةِ وحالاتِ الإكتئابِ التي تُصيبُ الإنسانَ سببُها الوحيدُ هوَ ضبابيّةُ الرّؤيةِ الحياتيّةِ، ولِذا نجدُ أنَّ المُعالجاتِ التي يُقدّمُها الطّبُّ النّفسيُّ تقومُ في الأساسِ على إقناعِ المريضِ بتصوّرٍ آخرَ للحياةِ ومحاولةِ تكريسِ رؤيةٍ إيجابيّةٍ ومُتفائلةٍ، والصّبرُ ليسَ شيئاً آخرَ غيرَ هذهِ البَصيرةِ الحياتيّةِ التي تجعلُ الإنسانَ في حالةٍ منَ الرّضا الدّائمِ، ومِن هُنا لا ينفصلُ الصّبرُ عنِ الإيمانِ باللهِ ومعرفةِ ما أرادَهُ منهُ، ومِن هُنا نكتشفُ خطأَ الذي أرادَ أن يفهمَ الصّبرَ على أنّهُ مُجرّدُ القُدرةِ على تحمّلِ الألمِ فالحيوانُ يتحمّلُه أيضاً، وإنّما الصّبرُ هوَ الوعيُ الذي بهِ يتحوّلُ الألمُ إلى راحةٍ، والهزيمةُ إلى إنتصارٍ، والفشلُ إلى نجاحٍ، والخوفُ إلى تحدٍّ وإقدام، ولا يتحقّقُ ذلكَ إلّا إذا فهِمنا الحياةَ بوصفِها ساحةً للإبتلاءِ ومُختبَراً لتمييزِ القُدراتِ، قالَ تعالى: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُترَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُم لَا يُفتَنُونَ. وَلَقَد فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبلِهِم فَلَيَعلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعلَمَنَّ الكَاذِبِينَ) ولِذا كانَ الصّبرُ مِن نصيبِ أهلِ البصائرِ الذينَ يتعاملونَ معَ كلِّ نازلةٍ على أنّها خطوةٌ في سُلّمِ التّكاملِ والعُروجِ، فيستقبلونَ ذلكَ بفرحٍ وسرورٍ، والصّبرُ بهذا المَعنى لا يبقى معهُ إضرابٌ نفسيٌّ أو قلقٌ داخليٌّ حتّى يكتُمَهُ ويصادرَه، فمثلاً لَو كانَ هُناكَ مجموعةٌ منَ العُمّالِ يعملونَ عَملاً شاقّاً، كيفَ نُفرّقُ بينَ العاملِ الصّابرِ وغيرِ الصّابرِ؟ فإن كانَتِ القُدرةُ على التّحمّلِ هيَ مقياسُ الصّبرِ فجميعُهم صابرٌ، إلّا أنَّ ذلكَ خلافُ الواقعِ؛ لأنَّ الصّابرَ هوَ وحدهُ الرّاضي بعملِه والسّعيدُ في أداءِ وظيفتِه، بينَما المُتضجّرُ مِن عملِه والمُتأفّفُ مِن وظيفتِه سوفَ يجتمعُ عندَهُ ألمُ العملِ وألمُ الجزعِ، فيكونُ دائِماً في حالةٍ منَ السّخطِ والتّوتّرِ وعدمِ الرّضا، ومنَ الواضحِ أنَّ الفرقَ بينَ العاملينَ يتلخّصُ في حقيقةٍ واحدةٍ وهيَ البصيرةُ، فمَن يفهمُ أنَّ جُهدَهُ الذي يبذلُه في العملِ إنّما هوَ جزءٌ مِن رسالتِه في الحياةِ فإنّهُ سوفَ يكونُ نظرُهُ بعيداً ولَن يلتفتَ إلى الآلامِ التي تصيبُه، وهكذا نفهمُ الصّبرَ على أنّهُ فلسفةٌ لإدارةِ الأزماتِ وحِكمةُ العاقلِ في مواجهةِ التّحدّياتِ، وإذا إنطلَقنا مِن هذا الفهمِ لنقفَ على الآياتِ والأحاديثِ التي تحدّثَت عنِ الصّبرِ لفهِمنا حينَها لِماذا خصَّ اللهُ تعالى الصّابرَ بهذهِ المَنزلةِ الرّفيعةِ؟ وذلكَ لأنَّ الصّبرَ يُمثّلُ الفهمَ العميقَ لفلسفةِ الوجودِ والإنسانُ كما يُمثّلُ عُمقَ الإرتباطِ باللهِ الذي لا يريدُ بالمؤمنِ إلّا خيراً، قالَ تعالى: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ. الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ. أُولَٰئِكَ عَلَيهِم صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِم وَرَحمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ) منَ البديهيّ أنَّ المُصيبةَ تُسبّبُ ألَماً وضيقاً للإنسانِ، ولا مفرَّ لهُ مِنها إلّا بمواجهتِها، ولا خيارَ أمامَه إمّا الجزعُ وإمّا الصّبر، والفرقُ بينَ المَوقفينِ أنَّ الصّبرَ لا يحصلُ إلّا لمَن يفهمُ المُصيبةَ ضمنَ إطارِ الحكمةِ العامّةِ التي أرادَها اللهُ تعالى، فعندَما يربطُ الإنسانُ بينَها وبينَ تلكَ الحكمةِ لا يبقى هُناكَ مُبرّرٌ للجزعِ، أمّا الذي لا ينظرُ إلّا للآثارِ المُترتّبةِ على المُصيبةِ ولا يفهمُ الغايةَ مِنها فسوفَ لا يجدُ خياراً غيرَ الجزعِ، ولِذا أكّدَتِ الآيةُ على أنَّ الصّابرَ هوَ الذي يقولُ (إنّا للهِ وإنّا إليهِ راجعونَ) وهوَ ربطٌ واضحٌ بينَ ما أصابَهُ مِن مُصيبةٍ وبينَ مصيرِه المَحتومِ وهوَ رجوعُه للهِ تعالى، بمعنى أنَّ الصّابرَ يفهمُ المُصيبةَ بوصفِها جُزءاً مِن فلسفةٍ عامّةٍ الهدفُ مِنها الإرتقاءُ بالإنسانِ إلى رضوانِ اللهِ الأبديّ في الجنّةِ، ومِن هُنا كانَ إستحقاقُه لهذهِ المنزلةِ بقولِه تعالى: (أُولَٰئِكَ عَلَيهِم صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِم وَرَحمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ).
ولكَي نفهمَ الصّبرَ في إطارِ البَصيرةِ التي أكّدَتها الآياتُ القُرآنيّةُ لابُدَّ أن نفهمَ أنَّ الصّبرَ والبصيرةَ يتمُّ فهمُهما في إطارِ النّظرِ إلى العاقبةِ النّهائيّةِ، فصاحبُ البَصيرةِ هوَ مَن ينظرُ إلى عواقبِ الأمورِ فلا يقدمُ على فعلٍ عاقبتُه سيّئةٌ، وكذلكَ هوَ حالُ الصّابرِ فإنّهُ لا يقفُ عندَ حدودِ ما يُصيبُه منَ الألمِ وإنّما ينظرُ بعيداً لعاقبةِ هذا الألمِ، ولِذا عندَما يأمرُنا القرآنُ بالصّبرِ نجدُه يربطُه بالعاقبةِ قالَ تعالى: (فَاصبِر ۖ إِنَّ العَاقِبَةَ لِلمُتَّقِينَ) وقالَ تعالى: (وَاصبِر فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجرَ المُحسِنِينَ) وقالَ: (فَصَبرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللَّهُ أَن يَأتِيَنِي بِهِم جَمِيعًا) وقالَ: (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابتِغَاءَ وَجهِ رَبِّهِم وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقنَاهُم سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدرَءُونَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُم عُقبَى الدَّارِ) وقالَ: (سَلامٌ عَلَيكُم بِما صَبَرتُم فَنِعمَ عُقبَى الدَّارِ) وكذلكَ يُفهَمُ الصّبرُ في إطارِ التّقوى والإيمانِ باللهِ والتّوكّلِ عليهِ، باعتبارِ أنَّ الصّبرَ هوَ أساسُ الإيمانِ وثمرةُ التّقوى والحافزُ للعملِ الصّالحِ، كما أكّدَت سورةُ العصرِ بأنَّ حياةَ الإنسانِ خاسرةٌ ما لَم تقُم على الإيمانِ والحقِّ والصّبرِ، فعَن أبي عبدِ اللهِ (عليهِ السّلام) قالَ: الصّبرُ منَ الإيمانِ بمنزلةِ الرّأسِ منَ الجسدِ، فإذا ذهبَ الرّأسُ ذهبَ الجسدُ، كذلكَ إذا ذهبَ الصّبرُ ذهبَ الإيمانُ) (الكافي، ج 2، ص 117، ح 1687). وعليهِ لا يمكنُ أن نفهمَ الصّبرَ إلّا بوصفِه بصيرةَ حياةٍ، والبصيرةُ بدورِها تُمثّلُ الرّؤيةَ المعرفيّةِ للمُؤمنِ، وبالتّالي رسالاتُ اللهِ هيَ التي تُحدّدُ الموقفَ الفلسفيَّ الذي يجبُ أن يكونَ عليه الإنسانُ، ومِن هُنا ليسَتِ الرّسالةُ مُجرّدَ تصوّرٍ تشريعيٍّ لا يرتكزُ على رؤيةٍ فلسفيّةٍ، وإنّما هيَ بصيرةٌ حياتيّةٌ يبصرُ مِن خلالِها الإنسانُ إلى نفسِه، مِن أينَ أتى؟ وإلى أينَ يمضي؟ وما هيَ المسؤوليّةُ المَنوطةُ بهِ؟ قالَ تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا استَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحيِيكُم ۖ وَاعلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَينَ المَرءِ وَقَلبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيهِ تُحشَرُونَ)، والحياةُ في هذهِ الآيةِ تبدأُ منَ الدّنيا ولا تنتهي بنهايتِها وإنّما تستمرُّ حتّى بعدَ الموتِ، ( وَأَنَّهُ إِلَيهِ تُحشَرُونَ)، ومِن هُنا يمكنُنا أن نقولَ أنَّ البصيرةَ هيَ فلسفةُ السّماءِ العميقةُ للإنسانِ وللوجودِ، والرّسالاتُ هيَ المُعبّرةُ عَن تلكَ البصيرةِ، قالَ تعالى: (قَد جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُم ۖ فَمَن أَبصَرَ فَلِنَفسِهِ ۖ وَمَن عَمِيَ فَعَلَيهَا ۚ وَمَا أَنَا عَلَيكُم بِحَفِيظٍ). فما جاءَ منَ السّماءِ عبّرَت عنهُ هذهِ الآيةُ بالبصيرةِ، وعبّرَت عنهُ آياتٌ أُخرى بالنّورِ والعلمِ، وبالتّالي هُناكَ علاقةٌ بينَ العلمِ والبصيرةِ، ممّا يعني أنَّ الغايةَ منَ العلمِ هوَ أن يكونَ بَصيراً، فالذي يعلمُ ولا يُبصرُ طريقَهُ كالذي يمتلكُ مصباحاً ولا يُنيرُ بهِ الطّريقَ، وبالتّالي مسؤوليّةُ الإنسانِ الحقيقيّةُ هوَ الإستبصارُ بنورِ العلمِ الذي جاءَ منَ السّماءِ (فَمَن أَبصَرَ فَلِنَفسِهِ ۖ وَمَن عَمِيَ فَعَلَيهَا)، وليسَ واجِباً على اللهِ أن يُجبرَ الإنسانَ حتّى يسيرَ في الطّريقِ الصّحيحِ، وإنّما هيَ مسؤوليّةُ الإنسانِ طالَما أنَّ اللهَ منحَهُ ما يكشفُ بهِ طريقَهُ (وَمَا أَنَا عَلَيكُم بِحَفِيظٍ).
وإذا فهِمنا ذلكَ يُمكنُنا أن نفهمَ الأثرَ الكبيرَ الذي يُحقّقُه الصّبرُ على نفسِ الإنسانِ، مِنها:
1- الصّبرُ يوجبُ الرّضا النّفسيَّ والشّعورَ بالرّاحةِ والإستئناسَ بالحقِّ، وعلى العكسِ، فإنَّ الإنسانَ غيرُ الصّابرِ، قلبُه مُضطربٌ، وباطنُه موحِشٌ، ونفسُه قلقةٌ ومهزوزةٌ.
2- الصّبرُ يقوّي إرادةَ الإنسانِ ويدفعُه الى مواجهةِ التّحدّياتِ والصّعابِ، بينَما غيرُ الصّابرِ يحبسُ نفسَهُ عنِ المَخاطرِ ويركنُ إلى الرّاحةِ ويطمعُ فيما عندَ الآخرينَ.
3- الصّبرُ يُكملُ العقلَ ويزيدُ الحِكمةَ، فمَن إستقرَّت نفسُه وقويَت عزيمتُه إستقامَ تفكيرُه وإتزنَت قراراتُه، بعكسِ الجزوعِ الذي يتملّكُه الغضبُ والسّخطُ فإنّهُ مشلولُ التّفكيرِ ومُضطربُ القراراتِ.
4- الصّابرُ سعيدٌ في حياتِه لأنّهُ قنوعٌ بما عندَه وشاكرٌ للهِ تعالى جزيلَ فضلِه، أمّا غيرُ الصّابرِ فإنّهُ لا يشبعُ مِن أيّ شيءٍ ويسخطُ مِن كُلِّ شيءٍ فلا النّعمُ تُسعدُه ولا البلايا تعظُه.
5- الصّبرُ يمنعُ منَ الصّفاتِ النّفسيّةِ الذّميمةِ مثلَ التّكبّرِ والحسدِ والحقدِ والأنانيّةِ وغيرِ ذلكَ؛ لأنَّ الحاسدَ لا يحسدُ إلّا إذا لَم يكُن راضياً بما عندَه، والمُتكبّرُ لا يتكبّرُ إلّا إذا أرادَ أن يُغطّيَ عُقدةِ النّقصِ التي عندَه، والحاقدُ لا يحقدُ إلّا إذا كانَت نفسُه لئيمةً، والأنانيُّ لا يكونُ أنانيّاً إلّا إذا كانَت نفسُه نَهمةً، وكلُّ ذلكَ مُنعدِمٌ عندَ الصّبورِ لأنَّ نفسَه مُطمئنّةٌ وروحَه كريمةٌ ودواخلَهُ طاهرةٌ، فإذا كانَ راضياً بمَا عندَهُ لَم يطمَع في حقِّ غيرِه، وإذا كانَ قَنوعاً بحالِه لَم يحسِد الآخرينَ، وإذا كانَ سعيداً بمَا عندَه ليسَ في حاجةٍ للتّكبّرِ، وهكذا فإنَّ الصّبرَ هوَ مفتاحُ الحياةِ وسرُّ نجاحِها.
هذا مُضافاً إلى تأثيرِ الصّبرِ على إيمانِ الإنسانِ باللهِ وإرتباطِه بالحقِّ وإستمرارِه على الصّراطِ المُستقيمِ، ويكفي في آثارِ الصّبرِ أن نقولَ أنّهُ مِن صفاتِ الأنبياءِ والصّالحين.
اترك تعليق